لم يبقَ من البطل... إلا الظلّ - رياضة أجنبية

  • 11/30/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

لا خلاف على أن من شأن خسارة فريق، أي فريق، أن تعكس شعوراً بالأسى في نفوس مشجعيه، الأوفياء منهم تحديداً. وانطلاقاً من صدق هذا العشق الذي يكنّه جمهور ما الى نادٍ او منتخب ما، فإن احترام تلك المشاعر، عند الخسارة، تفرض نفسها ضرورة، خصوصاً أن الهزائم «مخلصة»، فهي تزور الجميع من دون استثناء. بعيد الخروج المذل لإيطاليا من التصفيات الأوروبية المؤهلة الى كأس العالم 2018 في روسيا إثر خسارتها التاريخية امام السويد في الملحق بهدف وحيد سجل في ستوكهولم ذهاباً، عاشت جماهير «الآزوري» لحظات صعبة للغاية. اليوم وقد هُضمت النكسة نسبياً، لا بد لنا من وضع نقاط على بعض الحروف المبهمة، والإقرار بأن ايطاليا انتهت مرحلياً، ونشدد على عبارة «مرحلياً» إذ لا شيء دائم في كرة القدم ولا ثوابت، باستثناء ما بُني على سجل يحاكي التاريخ. ثمة شبه اجماع على ان البرازيل والمانيا وايطاليا تمثل «الثالوث العملاق» الذي لا يُمس في اللعبة الأكثر شعبية. ومهما قيل في الأرجنتين وفرنسا وإنكلترا وهولندا وإسبانيا وغيرها، فإنها تبقى في صف ثانٍ خلف «الثلاثي الأكبر»، الذي حصد 13 لقباً لكأس العالم بمفرده من اصل 20 نسخة أقيمت حتى اليوم. هذا الواقع يجعل الخطأ مسموحاً بالنسبة إلى «الثلاثي»، إنما بحدود ضيقة للغاية. فالبرازيل مثلاً تعرضت لـ «نكسة تاريخية» في كأس العالم التي استضافتها في العام 2014 تمثلت في الخسارة امام المانيا 1-7 في نصف النهائي، بيد أنها استلحقت نفسها وبنت منتخباً شاباً في غضون ثلاث سنوات وباتت، اليوم، مرشحة جدية لولوج النقطة الاعلى من منصة التتويج في روسيا بعد أن نجح مدربها «الهادئ» تيتي في قيادة رجاله الى انهاء تصفيات أميركا الجنوبية في الصدارة، من دون غبار على أحقية الـ «سيليساو» في هذه الريادة. ألمانيا، بدورها، عاشت بين 2000 في هولندا وبلجيكا و2004 في البرتغال مرحلة سوداوية شهدت خروجاً مزدوجاً من الدور الأول لبطولة أمم أوروبا على الرغم من بلوغها بينهما، وتحديداً في 2002، نهائي كأس العالم في كوريا الجنوبية واليابان. الألمان لم يضيعوا الوقت إذ بدأوا العمل فوراً وعادوا لفرض نفسهم على البطولات كافة وصولاً الى التتويج بكأس العالم 2014 في البرازيل وكأس القارات 2017 في روسيا. أما إيطاليا، فهي لم تعش مجرد «نزوة» بعيد تتويجها بمونديال 2006 في ألمانيا، بل كارثة حقيقية، جعلتها تسقط من «الثالوث الذي لا يمس». في مونديال 2010 في جنوب افريقيا، ودع «الآزوري» المنافسات من الدور الأول، وأعاد الكرّة في نسخة 2014، قبل أن يفشل حتى في التأهل الى كأس العالم 2018. فهل يعتبر هذا المنتخب كبيراً من الآن فصاعداً؟ حتماً هو كبير بسجله، بيد أن الأوروغواي التي حققت كأس العالم مرتين (1930 و1950) لا تنتمي، اليوم، رغم ذلك، الى فئة الـ «سوبر ستارز»، وهو الواقع المستجد للطليان. لا يمكن أن تُقبل خطيئة كهذه من منتخب بقيمة إيطاليا. هولندا ستغيب عن مونديال 2018، وفرنسا وإنكلترا أيضاً فوّتتا نسخة 1994 في الولايات المتحدة، ناهيك عن منتخبات كبيرة أخرى فشلت في التأهل الى بطولة أمم أوروبا في مناسبات عدة، بيد أن ما هو مقبول لمنتخبات معينة ليس مقبولاً بالنسبة الى ايطاليا التي باتت دون المانيا والبرازيل ريادة في كرة القدم. وفوق الفشل «المونديالي» المُبين، نستذكر الخسارة المذلة لإيطاليا امام اسبانيا في نهائي «يورو 2012» وبرباعية نظيفة. وبعيداً عن المنتخب، وفي نظرة الى دوري ابطال اوروبا، تشير السجلات الى ان انتر ميلان كان آخر فريق ايطالي يتوج باللقب، وذلك في الموسم 2009-2010 على حساب بايرن ميونيخ الالماني. هذا جيد، لكن اللافت ان التشكيلة الاساسية لـ «نيراتزوري» لم تضم أي لاعب إيطالي في النهائي، علما ان الفريق كان بقيادة مدرب برتغالي، ليس سوى جوزيه مورينيو. وعلى مستوى الألقاب الفردية، كان فابيو كانافارو آخر إيطالي يتوج بـ «الكرة الذهبية»، وذلك في 2006 عندما توج منتخب بلاده بكأس العالم. في الـ 2006، جرى الحديث عن إمكان حجب «الكرة الذهبية» لأن الملاعب لم تشهد لاعباً يستحقها عن جدارة واستحقاق، وقد حصل عليها كانافارو «بالعافية» على خلفية فدائيته وكونه قائد منتخب ايطاليا المتوّج بلقب المونديال. وتجدر الاشارة هنا الى أن ثلاثة مدافعين فقط توجوا بـ «الكرة الذهبية» منذ ولادتها في العام 1956، هم، بالاضافة الى كانافارو، الالمانيان فرانتس بكنباور (1972 و1976) وماتياس سامر (1996). هي وقائع ربما لم يجرِ التطرق اليها قبل سنوات لأن انتظار عودة ايطاليا منذ بداية النكسة في 2010، كان حقاً لها وواجباً على المتابعين. اما اليوم وقد اتضحت الصورة تماماً، فمن الواجب الاعتراف بأن إيطاليا لا تعيش اليوم سوى في ظل سجلها الناصع، فإن كانت تستحق العودة، فعليها أن تعود... لنصدق أنها عادت.

مشاركة :