مذبحة الروضة تحوّل سيناء إلى ساحة حرب مفتوحة ضد الإرهاب

  • 11/30/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة: أحمد أبو المعاطي تتجه الأوضاع في سيناء نحو مواجهة شعبية وعسكرية وأمنية شاملة، لقوى الإرهاب والتطرف، على خلفية إعلان عدد كبير من القبائل دخولها على خط المواجهة، والشروع في «تنسيق عملياتي» مع قوات الجيش والشرطة، لتطهير سيناء من فلول التنظيمات الإرهابية، ثأراً لدماء شهداء مذبحة الروضة، التي تعد الأعنف من بين العمليات الإرهابية، التي ضربت مصر في التاريخ الحديث.وأعلنت قبائل سيناوية قبل أيام، دخولها على خط المواجهة، في بيان أصدره ما يسمى ب«اتحاد القبائل»، الذي دشنته قبيلة الترابين؛ إحدى أكبر القبائل في سيناء وأكثرها عدداً قبل نحو عامين، دعت فيه شباب القبائل إلى «بدء التنسيق لعمل مشترك»، وتوعدت فيه فلول تنظيم ما يسمى ب«دولة الخلافة» بالملاحقة، «حتى تطهير كامل الأرض من كل تكفيري يمشي على قدميه»، وهو البيان الذي تزامن مع إعلان تنظيم ما يسمى ب«ولاية سيناء» الإرهابي الموالي ل«داعش»، مسؤوليته عن الحادث الدامي، الذي راح ضحيته نحو أربعمئة ما بين شهيد ومصاب، وسط صدمة تجاوزت في آثارها موجة الغضب الشعبي، لتطال تنظيمات إرهابية أخرى، من بينها تنظيم ما يسمى ب«جند الإسلام» المحسوب على «القاعدة»، الذي أصدر التنظيم بياناً، زعم فيه براءته من العملية الوحشية، مشدداً على حرمة دماء المدنيين!.الوحشية المفرطة التي نفذت بها مذبحة مسجد الروضة، حتى وإن تمت برسم «داعشي»، إلا أنها في نظر كثير من المحللين والخبراء في ملف الإرهاب الجديد، تتجاوز إمكانات وقدرات تنظيم محلي، يعاني منذ سنوات قسوة الملاحقة الأمنية، وعمق الضربات العسكرية التي طالت في أوقات عديدة، قيادات ميدانية وفكرية بارزة له، وقد كانت تلك الضربات سبباً مباشراً في قطع أذرع التنظيم الذي شرع قبل سنوات، في تنظيم مسيرة بالسيارات والأعلام السوداء، داخل مدينة العريش، عاصمة محافظة شمال سيناء، في تحد واضح للدولة المصرية، وتصوير المشهد وبثه عبر شبكة الإنترنت، في رسالة كانت تستهدف الإيحاء بأن مصر لم يعد بمقدورها بسط نفوذها على تلك المساحة من أراضيها، بل إنه كان يُصدر في وقت سابق، نشرة غير دورية يتخذها منبراً إعلامياً، يتواصل بها مع أهالي المنطقة، وهي النشرة التي أجرت في أحد أعدادها حواراً مع ما يسمى ب«أمير الحسبة» في التنظيم، توعد فيه أهالي قرية الروضة بالقتل.ربما يبدو سبب إقدام «داعش» على ترويع أهالي قرية الروضة مقنعاً إلى حدّ ما، إذا ما تم قياسه بالخلفية العقدية للتنظيم، الذي ينظر إلى كل من هم على غير فكره، باعتبارهم مبتدعين، ولا يسيرون على المنهج النبوي السليم، ولعل ذلك هو ما دفعه للإعلان في غير مناسبة، بأنه «لن يسمح بوجود زوايا للمتصوفة لا في سيناء، ولا غيرها من محافظات مصر»، لكن الوحشية المفرطة التي نفذت بها المذبحة، تشي بأن العملية أكبر من مجرد ترويع قرية، أو التنكيل بأهلها لأنهم متصوفون، أو أن بعض مشايخهم معروفون بتاريخ طويل حافل بالتعاون مع مختلف أجهزة المصرية، السيادية منها في ستينات وسبعينات القرن الماضي، والأمنية في تلك الفترة التي مُنيت بها سيناء بوباء الإرهاب.وفي تحليل ما جرى يتداخل الإقليمي بالعسكري بالأمني، لكن كثيراً من المراقبين يذهبون بوضوح إلى ربط ما جرى بالتحركات المصرية الأخيرة، ولعبة عض الأصابع التي تجري مع أطراف إقليمية أخرى، مثل تركيا وقطر وإيران، وما تلا ذلك من إقرار الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب، ل«القائمة الثالثة» التي ضمت خمسة من قيادات جماعة «الإخوان»، يتقدمهم المرشد الحالي، وأحد أبرز عناصر التنظيم القطبي داخل الجماعة محمود عزت، إلى جانب علاء السماحي؛ أحد مؤسسي حركة «حسم» الإرهابية الموالية ل«لإخوان»، وهو ما يشي بوضوح باحتمالية أن تكون هذه العملية، قد تمت بالتنسيق الكامل مع قوى إقليمية، تستهدف مصر ودورها العائد في المنطقة.في نظر كثير من المراقبين، يبدو تفسير ما جرى في قرية الروضة، بأنه عملية إرهابية نفذت لأهداف مذهبية فحسب، تبسيطاً مخلاً لمذبحة كبرى، أسقطت أكثر من ثلاثمئة شهيد، وأكثر من مئة مصاب، وهو ما يعني أن منفّذيها ليسوا مجموعة من المهووسين الدينيين، الذين جرى تغييب عقولهم، وإنما محترفو قتل وهو ما تجلى في شهادة أحد المصابين الناجين من المذبحة، الذي قال إن بعض الذين اقتحموا المسجد، كانوا يتحدثون بلغة غير عربية، وإن آخرين كانوا يتجولون وسط جثامين الضحايا، وهم يحملون السلاح، ويعاجلون من يجدونه حياً برصاصة قاتلة في رأسه، في إصرار عجيب على القتل. تبدو سيناء وكأنها على موعد مع تاريخ جديد بعد مذبحة مسجد الروضة، فالارتباكات المصاحبة للحادث والتي بدت آثارها واضحة حتى على التنظيمات المسلحة الأخرى، بعيداً عن تنظيم «داعش»، تقول إن شبه الجزيرة المصرية، قد تحول إلى ملعب خلفي لصراع إقليمي كبير، تلعب فيه العديد من التنظيمات الإرهابية التي تم نشرها في المنطقة ب«الوكالة»، لحساب أطراف أخرى متعددة، وربما كان أحد أبرز أهداف تلك الحرب الخفية، هو تقويض مقومات القوة للدولة المصرية المتمثلة في الجيش، وقد تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي عن تلك الحرب تلميحاً وتصريحاً في غير ما مناسبة، عندما قال إن مصر «تخوض حرباً ضروساً ضد الإرهاب، نيابة عن العالم».

مشاركة :