على رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي تحدث عنه موفد الأمم المتحدة الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا في جنيف، واصل الطيران السوري غاراته الدموية على مدن ومناطق الغوطة الشرقية اليوم (الاربعاء)، فيما اعلن «الجيش السوري الحر» إنه قتل أكثر من 15 جندياً نظامياً في معارك غرب دمشق. وأفاد موقع «عنب بلدي» بأن القصف الجوي استمر على الغوطة اليوم، وأسفر استهداف بلدة حمورية مساء أمس عن قتل ثلاثة مدنيين. وأشار إلى اشتباكات متقطعة في محيط إدارة المركبات في مدينة حرستا. وقال الناطق باسم فصيل «فيلق الرحمن» وائل علوان، إنه «كان من المفترض التزام وقف إطلاق نار كامل، وفتح المعابر امام قوافل الإغاثة، لكن ما جرى كان استمرار اعتداءات النظام والجانب الروسي. » وأضاف أن «روسيا تعتمد ازدواجية في التعامل والتصريحات». وكان دي ميستورا أعلن أمس، أن النظام السوري وافق على اقتراح روسي بوقف إطلاق النار في الغوطة الشرقية المشمولة باتفاق «خفض التوتر». وقال «أبلغت من قبل الروس أنه خلال اجتماع الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن اقترحت روسيا، ووافقت الحكومة السورية على وقف إطلاق نار في الغوطة الشرقية». ولكن الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، قال إن «روسيا تخوض اشتباكات مع الإرهابيين، وليس مع المعارضين، ويجري القتال مع تنظيم داعش المتمركز في الغوطة، ولا يمكن إقرار المصالحة مع داعش». إلا أن الغوطة الشرقية تخلو بشكل كامل من تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، وتقتصر الفصائل العاملة فيها على «الجيش السوري الحر»، إلى جانب عشرات المقاتلين من «هيئة تحرير الشام». وشهدت غوطة دمشق في الأيام الماضية تصعيداً لقصف مقاتلات النظام، والذي تركز على الأحياء السكنية، ما أدى إلى مقتل عشرات المدنيين. وفي دراسة أجرتها «منظمة الأمم المتحدة للطفولة» (يونيسيف) في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، أظهرت أن «نسبة الأطفال ما دون سنّ الخامسة والذين يعانون من سوء التغذية الحاد بلغت 11.9 في المئة»، وهي أعلى نسبة سجّلت في سورية على الإطلاق منذ بداية النزاع. وذكرت المنظمة أن «أكثر من ثلث الأطفال الذين شملتهم الدراسة يعانون من التقزّم، ما يزيد من خطر تأخر نموّهم وتعرّضهم للمرض وللموت»، مضيفة «يعاني الأطفال الصغار جداً من أعلى معدلات سوء التغذية الحادّ». وأشارت المنظمة إلى أن الأمهات «توقّفن جزئيّاً أو كليّاً عن إرضاع الأطفال بصورة طبيعية، بسبب معاناتهنّ من سوء التغذية أو العنف المستمر». وأوضحت «يونيسيف» أن «ارتفاع أسعار المواد الغذائية تسبب في حرمان معظم الناس من إمكانية إعداد وجبة طعام لتناولها»، مشيرة إلى أن تكلفة الحصة الأساسية من الخبز بلغت «85 ضعف تكلفتها في دمشق». وقال المدير الإقليمي لليونيسف لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خِيرْت كابالاري إن «الارتفاع الحادّ في سوء التغذية يؤّكد أن تصاعد العنف واستخدام الحصار، تسبّبا في تدمير صحة الاطفال»، مضيفاً أنهم «أوّل من يعاني من العواقب الوخيمة للحصار». وفي سياق متصل، قُتل أكثر من 15 عنصراً من قوات النظام وجرح آخرون، خلال معارك مع «اتحاد قوات جبل الشيخ» التابعة لـ «الجيش الحر» في محيط تلة بردعيا قرب بلدة بيت جن (62 كيلومتراً غرب دمشق). ونقلت وكالة انباء «سمارت» عن «اتحاد قوات جبل الشيخ» قوله في بيان، إن «قوات النظام سيطرت على نقطة تحت تلة بردعيا أمس ليستعديها المقاتلون بعد ذلك، وسط استمرار الأخيرة في محاولات التقدم باتجاه التلة، وان الاشتباكات اسفرت عن مقتل وجرح عناصر نظاميين». وأضاف أن «قوات النظام تستخدم سياسة الأرض المحروقة في محاولاتها التي تمهد لها بالقصف الجوي والصاروخي والمدفعي على المنطقة، لتطاول منازل المدنيين في بلدة بيت جن». وفي دير الزور (شرق سورية)، قتل قائد مجموعات الاقتحام الخاصة في الجيش النظامي، والمعروفة باسم «الفهود»، سليمان الحايك الملقب بـ «أبو حيدر»، وهو أحد أهم القادة الميدانيين العاملين في قوات العميد سهيل الحسن الملقب بـ «النمر». ولقي الحايك مصرعه في دير الزور، ليضاف إلى سلسلة من قيادات مجموعات «النمر» ممن سقطوا في جبهات القتال المختلفة في سورية. وذكرت جريدة «زمان الوصل» المعارضة أن «الحايك، الذي اشتهر بلقب (سكسوك)، ذاع صيت إجرامه بالتزامن مع حملة النظام لاجتياح حلب الشرقية في مثل هذه الأيام من العام الماضي، وما رافقها من انتهاكات وجرائم». وسبق لمجموعات «الفهود» أن فقدت عدداً من قادتها، بينهم قائدها الأبرز علي الحجي الملقب «الفهد 1»، ثم شقيقه وخلفه في قيادة المجموعات محمد الحجي، فضلاً عن القياديين علي دلا وعلاء شمعة، والاخير كان ملقباً بـ «قلب النمر». وفي دير الزور أيضاً، قتل 13 مدنياً وجرح عشرات آخرون، بقصف جوي يرجح أنه لطائرات حربية روسية على معبرين نهريين. ونقلت «سمارت» عن ناشطين قولهم اليوم، إن «الطائرات قصفت معبراً على الضفة الغربية لنهر الفرات قرب قرية الرمادي (البقعان) التابعة لناحية البوكمال (120 كيلومتراً شرق مدينة دير الزور) أمس، أثناء محاولة الأهالي النزوح إلى الضفة الشرقية الخاضعة لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ما أسفر عن مقتل عشرة مدنيين وجرح عشرات آخرين، وسط نقص حاد في الكوادر الطبية والأدوية». وقصفت الطائرات أيضاً معبر العباس على الضفة الشرقية لنهر الفرات قرب مدينة هجين (95 كيلومتر شرق ديرالزور)، ما أسفر عن مقتل ثلاثة مدنيين وجرح آخرين، بحسب ناشطين. وفي درعا (جنوب سورية)، بدأت فصائل من «الجيش الحر»، معركة ضد «جيش خالد بن الوليد»، الذي بايع تنظيم «الدولة الإسلامية». وانطلقت المعركة تحت اسم «أهل الأرض»، على محور بلدة تسيل في حوص اليرموك. وأعلنت المعارضة السيطرة على «الدشمة الزهرية»، وتعتبر خط دفاع أول لـ «داعش»، إضافة إلى مزرعة الصفدي والمستودعات داخل محمية تسيل. ويتمركز مقاتلو «داعش» في مناطق حوض اليرموك، وقرية جملة وعابدين الحدوديتين مع الجولان المحتل، إضافة إلى منطقة القصير وكويا على الحدود مع الأردن. وفي حماة (وسط سورية)، قتل 19 عنصراً من تنظيم «الدولة الإسلامية» أمس، في مواجهات مع «هيئة تحرير الشام» قي قريتين شرق مدينة حماة. ونقلت «سمارت» عن ناشطين محليين قولهم، إن «تحرير الشام أفشلت هجوماً لعناصر التنظيم على قرية أبو عجوة ما أسفر عن مقتل 10 عناصر للأخير في محيط القرية التابعة لناحية الصبورة (41 كيلومتراً شرق حماة)». وأشار الناشطون إلى مقتل تسعة عناصر للتنظيم أثناء محاولتهم التسلل إلى قرية المويلح التابعة لناحية الحمراء (34 كيلومتراً شرق مدينة حماة) بالاشتباكات مع «تحرير الشام»، من دون ذكرهم لخسائر الأخيرة.
مشاركة :