تتذكر السيدة الفرنسية الشقراء بريجيت ديسالي ذلك المساء في يناير عندما بدأ إيمانويل ماكرون، قبل أن يصبح رئيساً للبلاد، في قضم قطعة من اللحم النيئ داخل رغيف من الخبز المحمص، قدمتها له في أحد متاجر بيع الطعام في شمال فرنسا. كان ماكرون يدشن حملته الانتخابية من مدينة هيننبيمونت، التي كانت في السابق إحدى قلاع التعدين في الفحم، والتي يؤيد معظم سكانها حزب الجبهة الوطنية المنافس له. هبوط شعبية ماكرون نتجت عن أجندته الإصلاحية المثيرة للجدل وتخفيضاته المخططة في الموازنة، بما في ذلك سعيه لتخفيف قوانين العمل الصارمة في فرنسا وإلغاء ضريبة الثروة. لم يحصل ماكرون إلا على تعاطف عدد قليل من السكان، من بينهم هذه البائعة، البالغة من العمر 59 عاماً. وبعد أن تحدثت معه قليلاً وعدته قائلة: «يمكنك أن تعتمد على صوتي»، وبعد ستة أشهر من انتصاره في مايو الماضي أصبحت هذه السيدة أقل حماساً للرئيس مما كان عليه الحال عندما استقبلته للمرة الأولى في متجرها. وتقول هذه السيدة العزباء إنها مندهشة لبعض إجراءاته، التي جعلت منتقديه يصفونه بـ«رئيس الأثرياء»، وهذا ما جعل شعبيته تنحدر الى مستوى مريع. حصل ماكرون في آخر استطلاع له للرأي على 42% من الاصوات، منخفضاً 20 نقطة بعد أن سجل 51 نقطة، عندما انتصر في مايو على الجبهة الوطنية التي تقودها ماري لوبان. وينظر إليه 65% ممن شملهم الاستطلاع نظرة سلبية. وفي حين أن المستطلعة آراؤهم ذكروا أنهم أبدوا إعجابهم بتصميم ماكرون على الدفع قدماً ببرنامجه الإصلاحي للإيفاء بتعهداته الانتخابية، إلا أنهم ذكروا في الوقت نفسه أنهم لا يستطيعون التخلص من الشعور بأن سياساته تصب في مصلحة الأغنياء دون الطبقة الوسطى والفقراء. ويبدو أن هبوط شعبية ماكرون نتجت عن أجندته الإصلاحية المثيرة للجدل وتخفيضاته المخططة في الموازنة، بما في ذلك سعيه لتخفيف قوانين العمل الصارمة في فرنسا وإلغاء ضريبة الثروة، وهي ضريبة أدخلت من قبل الاشتراكيين في ثمانينات القرن الماضي، وتستهدف الأفراد الذين لديهم أصول تبلغ 1.16 مليون جنيه إسترليني (1.3 مليون يورو) فما فوق. وتشعر السيدة ديسالي بالقلق بسبب تخفيض الإنفاق العام، والذي سيؤثر قطعاً في قدرة المدينة على تمويل صالات الرقص التي تنظمها. وفي الوقت الذي يعيش واحد من كل أربعة سكان تحت خط الفقر، فإن خطة ماكرون تخفيض الوظائف التي تمولها الدولة سيهدد معيشة 19 شخصاً توظفهم المدينة تحت مثل هذه العقود. وتقول ديسالي: «مثل هذه الوظائف تمد هؤلاء الأفراد بأسباب الحياة، فبعضهم يصلح الشوارع، والآخر يعمل في المدارس، ويهتم بأمر التشجير، كل ذلك يدفعهم للخروج مبكرين لأعمالهم في الصباح»، وتمضي قائلة: «منحت صوتي له لأنه رئيس حراكي، لكن هناك أشياء لا أستطيع فهمها فيه». كما انخفضت أيضاً شعبية رئيس الوزراء المحافظ إدوارد فيليب الشهر الماضي، على الرغم من أنه لايزال يحتفظ بشعبية أكثر قليلاً من شعبية ماكرون. وأعرب 50% من الذين استطلعت آراؤهم عن آراء سلبية حيال فيليبي، بزيادة أربع نقاط مئوية عن سبتمبر، بينما أعرب 44% عن وجهة نظر إيجابية حيال رئيس الوزراء، بانخفاض أربع نقاط مئوية عن سبتمبر.
مشاركة :