قال لـ"سبق" المحامي المعروف عثمان بن خالد العتيبي، تعليقا على إطلاق سراح المتهمين في قضايا الفساد مقابل استرجاع أموال الدولة، إن المدعي العام، وهو نائب لولي الأمر، له سلطة تقديرية حسب ما يراه محققاً للصالح العام وما يتوفر لديه من معطيات، مبينا أن مقصود الشريعة هو تحقيق العدل، والذي قد يتحقق في الأحوال التي يقدرها المباشر للتحقيق باسترداد الأموال التي استولى عليها المتهم، سواء كانت داخلية أو خارجية أو مخفية عند الاختيار بينها والإحالة للقضاء، وما يترتب عليه من مدد طويلة تستلزمها المقاضاة، وما يبذل فيها من جهد ومال ووقت. وواصل: "العقوبة قد تتحقق لبعض الأشخاص بمجرد توقيفه وما له من أثر نفسي عميق يتحقق منه قصد الشارع وقد نص العلماء على أن ولي الأمر له أن يقدر ما يراه مناسباً حسب الأحوال والعصر، وقد قال شيخ الإسلام بن تيمية في كتاب السياسة الشرعية أن المعاصي التي ليس فيها حق مقدر ولا كفارة كالذي يسرق من غير حرز أو يخون أمانته، كولاة أموال بيت المال، أو الوقوف، أو مال اليتيم ونحو ذلك، إذا خانوا فيها، وكالوكلاء، والشركاء إذا خانوا، أو يغش في معاملته ....إلى غير ذلك من أنواع المحرمات، فهؤلاء يعاقبون تعزيراً وتنكيلاً وتأديباً، بقدر ما يراه الوالي". ويستدل المحامي العتيبي أيضا بقول القرافي: "إن التعزير يختلف بإختلاف الأعصار والأمصار، فرب تعزير في بلاد يكون إكراماً في بلد آخر، كقلع الطيلسان بمصر تعزيراً وفي الشام إكرام، وكشف الرأس عند الأندلس ليس هواناً وبالعراق ومصر هوان" وجاء في تحفة الفقهاء" ويكون التعزير على قدر الخيانة، وعلى قدر مراتب الجاني، فقد يكون بالتغليظ في القول، وقد يكون بالحبس ، وقد يكون بالضرب" وجاء في مختصر خليل" وعزر الإمام لمعصية الله، أو لحق آدمي حبساً، ولوماً، وبالإقامة". وعما حدث من تسويات مالية قال المحامي العتيبي: "التسويات مع بعض المتهمين تؤدي بالتأكيد إلى تحقيق مصالح عاجلة للدولة، وهي معمول بها في كثير من الدول كالولايات المتحدة الامريكية وأوروبا، فمثلاً هناك ما يسمى "اتفاقات تعليق المقاضاة" في المملكة المتحدة، تم تشريعه في قانون الجريمة والمحاكم 2013، وهو طريقة لتفادي المقاضاة مع الكيانات المتهمة في الجرائم الاقتصادية بدخولهم في اتفاق مبني على بنود يتم التفاوض عليها. وهو حالياً متاح في الجرائم الاقتصادية مثل: الرشوة، وغسيل الأموال، والتزوير والاختلاسات.. الخ، وبالخضوع والإذعان لبنود الاتفاق يتجنت الجاني المقاضاة". وأضاف: "تتضمن بنود في الأساس على: مصادرة الأموال المستفادة من الفعل المحرم، وعقوبة مالية، والتزام بالتعاون المطلق، وفرض رقابة إجبارية" وزاد: "وفي حال انتهك المتهم الاتفاق فإنه يحال للقضاء ويواجه بجميع المعلومات والأدلة التي تم الحصول عليها". وواصل: "هناك عديد الأمثلة على حالات التسوية، ولعل منها ما حدث في ستاندرد بنك بي ال سي الذي اتهم في نوفمبر 2015 بدفع رشاوي لمسؤولين حكوميين في تنزانيا من خلال شريكه "بنك ستانبك تنزانيا"، وقد وافق البنك على دفع تعويضات لحكومة تنزانيا، وتضمن الاتفاق: مصادرة الأموال التي تحصل عليها، ودفع جزاءات مالية و تكاليف المحققين و تكاليف الرقابة المستقلة، والحالة الأكبر وهي حالة شركة روزلرويس التي اتهمت في قضايا فساد واسعة في المملكة المتحدة وقد تضمنت شروط الاتفاق، مصادرة 258.2 مليون جنيه إسترليني ودفع غرامة مالية أكثر من 239.1 ودفع تكاليف المحققين 13 مليون جنيه إسترليني وتكاليف التحقيقات الداخلية في الشركة 123مليون جنيه إسترليني، وتكاليف المستشارين المستقلين لتحسين الرقابة 15 مليون جنيه إسترليني ودفع مبلغ 478.2 مليون جنيه إسترليني للوم والضرر". وتابع: "وإضافة لذلك فقد وافقت رولز رويس على دفع مبلغ 170مليون دولار امريكي لوزارة العدل الامريكية و25.5 مليون دولار امريكي للحكومة البرازيلية بسبب أعمال فساد. وايضا في سبتمبر الماضي أعلنت هيئة الأوراق المالية والبورصات ووزارة العدل الامريكية أن "شركة تيليا أ ب " شركة اتصالات سويدية وافقت على تسوية لتعليق المقاضاة على أعمال فساد ورشوة لبعض المسؤلين الحكوميين الأوزبك للحصول على حصة في السوق الأوزبكي وقد تضمن التسوية دفع مبلغ 966 مليون دولار امريكي للسلطات السويدية والهولندية". "العتيبي" ختم حديثه قائلا "إن هذه الامثلة تؤكد أن التسويات المالية تمثل حلا هاما يحقق العديد من الايجابيات للدولة، ويعيد اليها وبشكل سريع مئات المليارات المسلوبة والتي ستسهم في دفع الازدهار الاقتصادي ونموه".
مشاركة :