اعتبرت أنقرة أن محاكمة مصرفي تركي في نيويورك، لاتهامه بمساعدة إيران في انتهاك العقوبات الأميركية، ستفشل في «تدمير الحب والاحترام» الذي يكنّه الأتراك تجاه رئيسهم رجب طيب أردوغان. وربطت بين المحاكمة واتهامات وجّهتها المعارضة الى أقارب لأردوغان بتحويل ملايين الدولارات الى حساب في ملاذ ضريبي. وكان تاجر الذهب التركي - الإيراني رضا ضرّاب الذي أوقف في الولايات المتحدة عام 2016، أقرّ بذنبه ويتعاون مع المحققين الأميركيين ضد محمد هاكان أتيلا، نائب الرئيس السابق لـ «خلق بنك» المملوك من الدولة التركية، المحتجز أيضاً في الولايات المتحدة. وأدلى ضرّاب بشهادته الأربعاء أمام محكمة فيديرالية في مانهاتن، مشيراً الى أنه دفع «رشاوى قيمتها بين 45 و50 مليون يورو» و «نحو 7 ملايين دولار» الى الوزير السابق للاقتصاد التركي ظافر جاغليان، بين عامَي 2012 و2013، لتسهيل تهريب ذهب مع طهران وغسل أموال إيرانية. وأكد أن جاغليان وافق على مساعدته لكي يصبح الوسيط الرئيس لـ «خلق بنك»، «شرط أن يتقاسم نصف الأرباح» معه. وتابع أن الخطة للتحايل على العقوبات الأميركية المفروضة على طهران نُفذت بالتشاور مع أتيلا الذي ينفي تورطه في الأمر. وذكر ضرّاب أنه استخدم أيضاً مصرف «دنيزبنك» في تعاملات، لكن المصرف التركي نفى ذلك. وأضاف تاجر الذهب أنه موقوف في مكان سري لدى مكتب التحقيقات الفيديرالي الأميركي «أف بي آي». لكن أردوغان أكد أن بلاده لم تنتهك العقوبات الأميركية على إيران، مشدداً على أنها «فعلت الصواب» بصرف النظر عن نتائج القضية في الولايات المتحدة. وعلّق بكير بوزداغ، نائب رئيس الوزراء التركي، على شهادة ضرّاب قائلاً: «نعلم جيداً أن لقضاة تلك المحكمة وشهودها، ومقرريها، تواصلاً مع منظمة غولن الإرهابية، ونحن لا ننتظر من هذه المحاكمة إحقاق الحق». ويشير بذلك الى الداعية المعارض فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة العام الماضي. وأضاف بوزداغ: «ما لم تتمكّن (جماعة غولن) من تحقيقه هنا، تحاول تحقيقه هناك (في نيويورك)». وتابع أن المحاكمة لن تنجح في «تدمير محبة واحترام» الشعب التركي تجاه أردوغان. وتطرّق بوزداغ الى إعلان رئيس «حزب الشعب الجمهوري» المعارض كمال كيليجدارأوغلو امتلاكه وثائق تثبت أن أقارب لأردوغان، بينهم نجله، حوّلوا نحو 14 مليون دولار إلى حساب لشركة في جزيرة «مان» التي تُعتبر جنّة ضريبية. ودعا الرئيس التركي الى «القيام بما يلزم»، فيما قدّم «حزب الشعب الجمهوري» طلباً للبرلمان للتحقيق في هذه الاتهامات. واعتبر بوزداغ أن كيليجدارأوغلو «فشل في إثبات ادعاءاته» ضد الرئيس، مؤكداً أن الوثائق التي عرضها «ليست صحيحة، وهي افتراءات ضد أردوغان». وأضاف أن كيليجدارأوغلو «يقف الى جانب كل من يعادي تركيا ورئيسها»، منبهاً الى أن «افتراءاته ضد الحكومة ورئيس البلاد باتت بمثابة خطر على الأمن القومي» لتركيا. ورأى أن «المنظمات الدولية والمنظمات الإرهابية تتوجّه مباشرة إلى كيليجدارأوغلو لجعله أداة لتنفيذ مؤامراتها ضد تركيا»، وخاطبه قائلاً: «إن كنت صادقاً، عليك أن تفصح عن الجهة التي زوّدتك بالوثائق، هل هم أتباع منظمة غولن الإرهابية، أو منظمة أخرى، أو عدو سري لتركيا لا نعرفه». وأضاف: «هذه المسرحية جزء من تلك التي تُعرض داخل أروقة المحاكم الأميركية. ليست مقاضاة أتيلا في الولايات المتحدة، وادعاءات حزب الشعب الجمهوري في تركيا، أمرين منفصلين، كلا الحادثين يستهدفان الحكومة التركية ورئيس البلاد». وكان أردوغان اتهم كيليجدارأوغلو بـ «نشر أكاذيب»، وزاد: «عكس الادعاءات المتداولة، لم يخرج أي قرش الى الخارج». وأضاف أن الأفراد الخمسة المعنيين بهذه الاتهامات «سيشتكون، وأنا أيضاً». وتابع أن كيليجدارأوغلو «يحمل شعاراً يقول: اكذب اكذب، لا بد أن يبقى شيء في النهاية». واعتبر أن «حزب الشعب الجمهوري» بات «أبرز حزب للخيانة». وسأل زعيم المعارضة: «بما أنك تؤكد امتلاكك أدلة، لماذا لا تكشفها أمام الأمّة وتعرضها على السلطات المختصة؟ قدّمها الى مدع عام أو على الأقل اعرضها على وسائل الإعلام». الى ذلك، أوقفت السلطات التركية 50 عسكرياً في سلاح الجوّ، يُشتبه بصلاتهم بغولن. تزامن ذلك مع إعلان جيل دو كيرشوف، منسق مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي، أن التكتل لا يشارك تركيا وجهة نظرها في شأن اعتبار جماعة غولن «منظمة إرهابية». وتابع: «لا نريد مجرد دليل غير مباشر، مثل تحميل تطبيق إلكتروني، بل بيانات ملموسة وقوية تظهر تورطهم» في المحاولة الانقلابية.
مشاركة :