اتفاق قابل للمراجعة لتمديد خفض إنتاج النفط لنهاية 2018لم يشأ منتجو النفط المشاركون في اتفاق خفض الإنتاج تغيير السياسة الحالية التي نجحت في مضاعفة عوائدهم، رغم أن اجتماعات أمس شهدت تصاعد الجدل بشأن آفاق الاتفاق على المدى البعيد، وسط قلق البعض وخاصة روسيا من عدم وجود استراتيجية للخروج من الاتفاق ومخاوف من ارتفاع غير مستدام في أسعار النفط.العرب [نُشر في 2017/12/01، العدد: 10829، ص(11)]اتفاق بروتوكولي لكنه يوجه بوصلة صناعة الطاقة العالمية فيينا - غابت مشكلة انخفاض أسعار النفط عن اجتماع المنتجين من داخل أوبك وخارجها في ظل ارتياح واسع لمستوى الأسعار الحالية، الذي أدى إلى إجماع على تمديد الاتفاق الحالي لخفض الإنتاج حتى نهاية العام المقبل. لكن الاجتماع الذي عقد في فيينا أمس شهد تحول تركيز بعض المنتجين وخاصة روسيا من القلق بشأن انخفاض الأسعار إلى مخاوف من انعكاسات أي ارتفاع حاد في الأسعار على أدوارهم في المدى البعيد، لأنه يمكن أن يشجع نمو إنتاج النفط الصخري. وأجمعت البلدان المشاركة في اتفاق خفض الانتاج الذي بدأ تطبيقه مطلع العام الحالي على تمديد الاتفاق الذي ينتهي في مارس المقبل حتى نهاية عام 2018 وسط إشارات إلى إمكانية إنهاء الاتفاق قبل ذلك الموعد إذا شهدت السوق ارتفاعات محمومة في الأسعار. وضغطت روسيا التي تقود المنتجين من خارج أوبك من أجل تقديم رسالة واضحة بشأن ضرورة الاستعداد مبكرا لكيفية خروج المنتجين من اتفاق التخفيضات كي لا تشهد السوق نقصا في المعروض عندما يحين موعد إنهاء الاتفاق. وعقد وزراء الطاقة في منظمة أوبك التي تضم 14 دولة اجتماعهم الدوري نصف السنوي ظهر أمس قبل أن يجتمع وزراء الدول المشاركة في اتفاق خفض الإنتاج وعددها 24 دولة. وجاء الاتفاق مطابقا لإجماع التوقعات والتصريحات خاصة في ظل تقارب مواقف السعودية وروسيا، اللتين تساهمان بمعظم الخفض الذي يبلغ 1.8 مليون برميل يوميا، وهما أكبر مصدرين للنفط وأكبر منتجين في العالم على التوالي. وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح بعد اجتماع منظمة أوبك إن الرياض تفضل تمديد التخفيضات تسعة أشهر أخرى. وأكد أنه من السابق لأوانه الحديث عن الخروج من التخفيضات وأن أوبك ستنظر خلال اجتماعها القادم في يونيو في مدى التقدم الذي تحقق. وأضاف “عندما نصل إلى نقطة الخروج سنفعل ذلك بشكل تدريجي جدا… للتأكد من عدم إحداث صدمة في السوق” وهو موقف يختلف قليلا عن قلق روسيا من عدم الاستعداد تدريجيا لما بعد الاتفاق.خالد الفالح: حين نصل نقطة الخروج من الاتفاق سنفعل ذلك بشكل تدريجي جدا ومن أجل ضبط ميزانيتها، تحتاج روسيا أن تكون أسعار النفط أقل بكثير مما تسعى إليه السعودية أكبر منتج في أوبك والتي تستعد لإدراج أسهم عملاق النفط أرامكو العام القادم ومن ثم ستستفيد من سعر النفط الأعلى. وطالبت روسيا بإيجاد فهم أفضل لكيفية خروج المنتجين من اتفاق التخفيضات حيث تريد تقديم خطوط إرشادية لشركاتها الخاصة والعامة العاملة في قطاع الطاقة. وأكد وزير الطاقة ألكسندر نوفاك إن “من المهم إعداد استراتيجية نتبعها اعتبارا من أبريل 2018”. وقال وزراء نفط العراق وإيران وأنغولا إن من الممكن إجراء مراجعة للاتفاق الحالي خلال اجتماع أوبك في يونيو إذا صارت الفجوة ضيقة جدا بين العرض والطلب في السوق. ويرى محللون أن الكثير من المنتجين يخشون من تحقيق مكاسب مؤقتة من ارتفاع كبير في الأسعار، تؤدي في وقت لاحق إلى انهيار الأسعار بعد تزايد إنتاج النفط الصخري وخاصة في الولايات المتحدة وكندا. وذكر وزير الطاقة العراقي جبار لعيبي إن “العوامل الأساسية التي قد تفرض إجراء مراجعة هي التغيرات في السوق والأسعار” وقال وزير النفط الإيراني بيجان زنغنة إن 60 دولارا للبرميل سعر جيد. وصعد خام القياس العالمي مزيج برنت أكثر من 1.5 بالمئة أمس متجاوزا 64 دولارا للبرميل، قبل أن يحتفظ بنصف تلك المكاسب في نهاية التعاملات الأوروبية. وقال غاري روس المراقب المخضرم لأوبك ومؤسس بيرا للاستشارات إن “الأسعار ستلقى دعما في ديسمبر بسحب كبير من المخزونات العالمية. السوق قد تحدث مفاجأة بالارتفاع، ولا يستبعد وصولها إلى 70 دولارا لبرميل برنت إذا حدث تعطل غير متوقع في الإمدادات”. وأشار وزير النفط الكويتي عصام المرزوق إلى أن الاجتماع ناقش وضع سقف لإنتاج نيجيريا وليبيا بعد أن ظل البلدان معفيين بسبب الاضطرابات وانخفاض الإنتاج عن المستويات الطبيعية، لكن لم يتم الكشف عن وضع سقف لإنتاج البلدين. وساعدت تخفيضات الإنتاج منذ بداية 2017 على تقليص فائض مخزونات النفط العالمية وإن كانت تلك المخزونات ما زالت، وفق أوبك، أعلى من متوسط خمس سنوات بمقدار 140 مليون برميل. ولم يتضح موقف المجتمعين من حصة إيران في اتفاق خفض الإنتاج، بعد أن ترك لها الباب مواربا في الاتفاق السابق، وهو ما أثار استغراب بعض المراقبين خاصة بعد الكشف أمس عن اتفاق تقوم طهران بموجبه ببيع النفط لصالح موسكو مقابل مقايضة بالسلع الروسية. وكان وزير النفط السعودي قد اقترح قبل الاجتماع إيجاد إطار مؤسساتي للدول المشاركة في الاتفاق، في إشارة إلى إنشاء تنظيم جديد أوسع من منظمة أوبك التي لم تعد مجدية في وضعها الحالي.
مشاركة :