حين تهدأ محركات السيارة وتتوقف عجلاتها أمام إشارات المرور الحمراء في أي مكان بالعروس، شمالا أو جنوبا، يجد السائق من ينقض على زجاج مركبته ويغمرها بالماء دون مشورة أو رغبة ليمسح على الزجاج بأدوات وخرق خصصها للغرض. من السائقين من يرضى ومنهم من يرفض فكل شيء في الشارع له ثمن. تسول بتنظيف الزجاج هذا المشهد اليومي المتجدد والمتكرر لا يقابله تحرك مضاد من مكاتب مكافحة التسول فهذا النشاط برغم تغلفه بأداء عمل مقابل العطاء، إلا أنه ضرب من ضروب التسول المستتر وبات حالة مزعجة للكثيرين. ويشير في هذا الشأن عبدالكريم ضبعان، إلى أن تكاثر الوافدين أمام الإشارات ومحيطها يثبت أن الأمر منظم ويستهدف أصحاب السيارات بغرض الحصول على المال بأي وسيلة حتى لو كانت مغلفة بمسح الزجاج. وأضاف أنه يمر مئات المرات من ذات الإشارة الضوئية ويجد ذات الوجوه ما يعني أن هؤلاء يمارسون نشاطهم بأمان دون الإحساس بأي خطر ما يعني أن الجهات الرقابية لا ترى ولا تسمع ولا تعبر الإشارات. هناك مشغلون لهذه الفئات «عكاظ» حاولت استنطاق أحد منظفي الزجاج أمام إشارة مرورية لكنه رفض وتوارى عن عين الكاميرا ومعه آخرون يحملون مناشف متسخة وعبوات مياه. فيما يعتبر أحمد سمير، أن جزءا من الأمر مرهون بثقافة المجتمع إذ إنه من الواجب عدم الالتفات لهؤلاء أو إعطائهم شيئا من المال لأنه في غالب الأحوال أن هؤلاء يتم تشغيلهم من كبار يتربحون ويتقاسمون معهم الثمن. فيما يقول فهد إبراهيم: قضية التسول لا أعلم متى تنتهي وما دور جهات الرقابة التي نسمع عنها ولا نراها في الميدان. المأمول في مثل هذه الحالات تحريك الفرق إلى كل المواقع لرصد مثل هذه الحالات وضبط المتسولين وإبعادهم إلى بلادهم. ويتساءل: كيف يجرؤ المتسولون على البقاء عند الإشارة الضوئية لفترات طويلة دون أن يجدوا من يقبض عليهم؟ نطالب بحملة توعية بدءا من النشء في المدارس مرورا بجميع أفراد المجتمع والعمل سويا على نشر ثقافة عدم التعاطف مع هذه الفئة مهما كانت المسببات والمبررات والأعمال. من جانبه، أوضح مدير مكتب مكافحة التسول بجدة سعد الشهراني أن هناك لجنة أمنية بقيادة شرطة جدة تتولى عمليات توجيه الفرق الميدانية حسب مواقع تواجد المتسولين سواء في الإشارات الضوئية أو المراكز التجارية. وبين الشهراني أن النسبة العظمى من المتسولين من الوافدين غير النظامين، وهناك جهود متضافرة للقضاء على الظاهرة، مؤكدا أن التعاطف مع هذه الفئة يفاقم من انتشارها، مطالبا في ذات الوقت إلى ضرورة التبرع من خلال الجمعيات الخيرية المرخصة والمسجلة في وزارة الشؤون الاجتماعية.
مشاركة :