التفجير الدموي في مسجد الروضة بمنطقة سيناء المصرية يعيدنا إلى السؤال: من المستفيد؟ وبعيداً عن شناعة إزهاق الأرواح البريئة في أي مكان أو بقعة، مسجداً كان أم ملهى ليلياً، ألا يثير الريبة هذا الهجوم على مسجد في بلد غالبيته الساحقة من المسلمين؟ لو أننا كنا في ظروف غير هذه التي اختلط فيها الحابل بالنابل وحدث هذا التفجير، فإن أول من سيُستبعد من التهمة هم الإسلاميون، فهل يقتل الابن أباه؟ الكل يعرف أن فريقاً من الإسلاميين ضد الرئيس المصري السيسي، وأنهم لم يغفروا ولن يغفروا له وللجيش أنهم أزاحوا محمد مرسي المحسوب عليهم من السلطة وأودعوه السجن، لكن هل يا ترى تفجير مسجد واستشهاد أكثر من 300 مصلٍ بينهم 27 طفلاً سيخدم قضيتهم ضد الرئيس السيسي؟ حوادث الإرهاب في السنوات الأخيرة، وإن كان معظمها من فعل إسلاميين، إلا أن غالبية ساحقة من ضحاياها كانوا مسلمين، وتحديداً في منطقة الشرق الأوسط، إذ إن نسبة المسلمين تشكل الأكثرية. وطبعاً ينال المسيحيين نصيبهم، كأقباط مصر، غير أن التركيز في الهجمات على منطقة سيناء يطرح أكثر من علامة استفهام لا تجد لها جواباً شافياً! نعم هناك مساجد تم الاعتداء عليها لأسباب طائفية، وإن كنت بدأت أشك حتى في أن مصدرها إسلاميين؛ فمن الذي سيقنع الجاني المسلم بأن الطريق إلى الجنة هو في تدمير مسجد بمن فيه من المصلين الذين يعبدون الله ويريدون جنته أيضاً؟! في الرياض ظهرت أرقام مفزعة عن ضحايا الإرهاب، إذ قال التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، مساء الأحد الـ26 من تشرين الثاني نوفمبر: «إن أكثر من 200 ألف ضحية سقطوا جراء الهجمات الإرهابية، وإن خسائره بلغت 348 بليون دولار خلال السنوات الخمس الماضية»، وأشار إلى أن 72 في المئة من ضحايا الإرهاب، خلال تلك الفترة، من خمس دول إسلامية، من دون أن يحددها. وكان الفريق أول المتقاعد القائد العسكري للتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب راحيل شريف بيّن في كلمته، خلال افتتاح أول اجتماع لوزراء دفاع التحالف في العاصمة السعودية الرياض، أن ما يزيد على 70 في المئة من الوفيات الناتجة من الإرهاب وقعت في أربع دول، وهي: العراق وأفغانستان ونيجيريا وباكستان (الوكالات). وعودة إلى سيناء، إذ بدأت أصوات كثيرة توضح، بعد أن كانت تلمح إلى أن الإسلاميين، وإن كانوا يُستخدمون أحياناً من دول أخرى، بل ويمارسون العنف، ليسوا وراء ما يحدث في سيناء، ولعل مقالة الدكتور الأميركي ذي الأصول المصرية مأمون فندي في جريدة الشرق الأوسط أضفت صورة مغايرة على الطرح التقليدي عما يجري هناك. بالعربي، يبدو أن هناك هجمة شرسة لتفريغ سيناء من سكانها أو غالبيتهم، تمهيداً لإسكان الفلسطينيين، وتستخدم في ذلك جميع الطرق «اللامشروعة» مهما كان حجم الضحايا ومهما كانت قذارة هذه الأساليب. الشعوب العربية في مصر الشقيقة الكبرى وكل الدول العربية يعتبرون فلسطين قضيتهم الأولى المقدسة، وهم والفلسطينيون يعرفون يقيناً أن ممارسات الدول الاستعمارية الداعمة للمشروع الصهيوني تبحث عن حل للفلسطينيين، ولكن هذا الحل بالنسبة لهم هو طردهم من وطنهم المحتل واستيطانهم في أي بلد آخر يقبلهم. مصر الآن في حاجة أكثر من أي وقت آخر إلى وقفة قومية من الجميع، وعدم الاستسلام للمؤامرات، والموضوع الآن أصبح أكبر من قضية مرسي أو السيسي، بل هو يهدف إلى زعزعة مصر وتحييدها نهائياً من المواجهة مع الغازي المحتل. abofares1@
مشاركة :