لماذا يعود سلاح حزب الله إلى الواجهة كثيراً؟ منذ اغتيال رئيس الحكومة اللبناني الأسبق، رفيق الحريري، في الرابع عشر من شباط / فبراير 2005، يعود النقاش في مسألة سلاح حزب الله إلى الواجهة بين الحين والآخر. الانقسام حول "الحزب" ليس إقليمياً أو دولياً فحسب، إذ أنّ الآراء اللبنانية أيضاً منقسمة حول حق حزب الله، المدعوم من إيران، بالاحتفاظ بسلاحه. وفيما يرى البعض، في الداخل والخارج، أن وظيفة هذا السلاح هي المقاومة، وأنه موجود "وصاحٍ" لحماية لبنان من أيّ عدوان إسرائيلي محتمل، كما حدث خلال الحرب في العام 2006، يقول البعض الآخر إن سلاح حزب لم يعد سلاح مقاومة، إذ أنه استخدم في بيروت في السابع من أيار / مايو 2008 لتحقيق غايات سياسية، وهو يستعمل في سورية منذ إعلان الحزب رسمياً عن دعمه العسكري للرئيس السوري بشار الأسد. وتتنافس قوتان إقليميتان على لبنان، إذ تحاول السعودية تعزيز دورها فيه وذلك عبر دعم حلفائها، أو أحياناً، الضعط عليهم كما حصل مع رئيس الوزراء الحالي، سعد الحريري، الذي قدّم استقالة مفاجئة في بداية الشهر الماضي. إيران بدورها، تدعم حزب الله، علانية، بالسلاح والمال. ولم يخفِ قائد الحرس الثوري الإيراني، محمد علي جعفري، هذا الأمر عندما أكد في وقت سابق أن "نزع سلاح حزب الله اللبناني غير وارد". حزب الله هو حزب سياسي وعسكري لبناني، يشارك في الحكومة اللبنانية التي يترأسها سعد الحريري، كما أنه الحزب الوحيد الذي حافظ على سلاحه بعد نهاية الحرب الأهلية في لبنان وتوقيع اتفاق الطائف، وهي الوثيقة التي وضعت حداً، لنقل بطريقة رسمية، للحرب الأهلية اللبنانية، وتمّ التوقيع عليها من قبل مختلف أطراف النزاع، في أيلول سبتمر من العام 1989. ويمتلك الحزب ترسانة من الأسلحة والصواريخ كما انضمّ إليه، منذ تأسيسه، آلاف المقاتلين. ولكن كلّ الأرقام المتعلّقة بالمؤسسة العسكرية لحزب الله والتي تشرح قدرات الحزب، الفعلية، تبقى في خانة التوقعات، إذ لا تصريحات رسمية بهذا الشأن. هل تحاول السعودية استعادة تأثيرها في لبنان؟ مع بداية ما سميّ في العام 2010 "بالربيع العربي"، سقطت عدّة أنظمة ديكتاتورية عربية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بسرعة البرق، ولكن بشار الأسد، رأس نظام البعث في سورية، لم يسقط. لقد أتى الدعم الروسي السياسي والعسكري الجوي، كما الدعم الإيراني العسكري البري، بنتيجة إيجابية وتمكن النظام من استرجاع مناطق كثيرة خسرها لصالح المتمردين في سورية في بداية الأحداث. ودعمت السعودية سياسياً وعسكرياً ومالياً جماعاتٍ قاتلت النظام السوري، وكانت مع إيران، بطبيعة الحال، تقفان على طرفي نقيض في المسألة السورية. ويقول مراقبون إن طهران صارت، تتمتع اليوم، بتأثير قوي في العراق، وإن أيام الحرب بين بغداد وطهران، كما حصل في عهد الرئيس العراقي الأسبق، صدام حسين، ولّت إلى غير رجعة. كما أن الجميع يوافق على أن نتيجة الحرب الدموية والهمجية الدائرة في سورية لا تصبّ في مصلحة الرياض، أقلّه حالياً. في الأشهر الأخيرة ازداد القلق السعودي المتعلّق بإيران، كأن الرياض أدركت، على حين غرة، أن تأثير طهران صار فاعلاً وأساسياً في سياسة بغداد، وإلى الشرق في دمشق، وثم على ساحل المتوسط في بيروت. ولذا تحاول السعودية استعادة دورها في المنطقة كقوة إقليمية، وقد نشط هذا التحرك وصول وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، إلى دوائر القرار.الجبير: لبنان تمّ اختطافه من بلد أجنبي عبر تنظيم إرهابي على هامش مؤتمر "حوارات متوسطيّة"، المنعقد في روما منذ نهاية الشهر الماضي والذي ينتهي اليوم، السبت، تحدث وزير خارجية المملكة العربية السعودية، عادل الجبير، عن الوضع في لبنان وعن سلاح حزب الله. وفي سياق التصريحات السعودية الأخيرة قال الجبير إن "الوضع في لبنان مأساوي، فالبلد تمّ اختطافه من قبل دولة أجنبية، عبر ميليشيا تعتبر تنظيماً إرهابياً". وأضاف الجبير قائلاً "حزب الله يسيطر على لبنان... وهو المجموعة الوحيدة التي تمتلك قوة عسكرية في البلاد وهو يستعملها ضد الشعب اللبناني". وسخر الجبير من الحجة التي تقول إن السلاح موجود لمقاومة إسرائيل في جنوب لبنان وسأل" ماذا تفعل المقاومة في ليبيا والعراق واليمن سورية؟ إنها تنجز مطالب إيران". كذلك حذّر وزير الخارجية السعودي من أن وجود حزب مسلّح في لبنان سيؤدي إلى اضطرابات أمنية، وأن لبنان "لن يحصل أبداً على السلام في ظل وجود هذا السلاح". وقال الجبير لمحاورتِه أيضاً "إن الحل في لبنان هو نزع سلاح الحزب وتحويله إلى حزب سياسي شأنه شأن باقي الأحزاب اللبنانية"، معترفاً في الوقت عينه بأن "المهمة ستكون صعبة جداً جداً". وربط الجبير بين بقاء وازدهار ما سمّاه "بتجربة النموذج اللبناني" ونزع سلاح حزب الله وقال إن "لبنان مهم جداً بالنسبة إلينا في السعودية، وإنه لو لم يكن موجوداً في العالم العربي، لاخترعناه"، مضيفاً أن "استمرارية التجربة اللبنانية وبقاءها مهم جداً من أجل بقاء الشرق الأوسط والعالم العربي".
مشاركة :