قال تقرير «QNB» الأسبوعي إن أسعار الغاز الطبيعي المسال ارتفعت في آسيا بشكل حاد خلال الأشهر الأخيرة بسبب نمو الطلب الصيني. وعلى الرغم من زيادة المعروض في السوق، فإن المشترين الصينيين واجهوا صعوبة في العثور على الغاز الطبيعي المسال، لأن معظم الإمدادات كانت محجوزة بعقود طويلة الأجل، ما ترك أقل من ثلث إجمالي الإمدادات متاحاً في السوق الفورية العالمية. ومع ذلك، يمكن للتغييرات في العرض والطلب وقرب انتهاء العقود طويلة الأجل أن يدفع المزيد من مبيعات الغاز الطبيعي المسال إلى الأسواق الفورية، وقد يترتب على ذلك اعتماد عقود مبيعات ذات آجال أقصر. ويُتوقع أن يتواصل هذا التحول التدريجي خلال السنوات المقبلة لكن مع استمرار معظم السوق، خاصة المنتجين الرئيسيين مثل قطر، في العمل بعقود طويلة الأجل وتأمين حاجة المشترين من الطاقة لمدى طويل.وبحسب التقرير الصادر عن «QNB»، فإن سوق الغاز الطبيعي المسال العالمي تعمل بشكل مختلف جداً عن سوق الوقود الأحفوري، النفط الخام. وليس هناك سعر قياسي مفرد للغاز الطبيعي المسال؛ حيث إن السوق مقسمة بشكل كبير حسب المناطق. ففي أميركا الشمالية وأوروبا، يتم اليوم مزاولة تجارة الغاز الطبيعي المسال بعقود ذات فترات أقصر، ويعكس التسعير بصفة عامة أساسيات السوق المرتبطة بالعرض والطلب. غير أن حجم الغاز الطبيعي المسال الذي يتم تداوله منخفض نسبياً بسبب أن أوروبا وأميركا الشمالية لديهما بنية تحتية أكثر نضجاً من خطوط الأنابيب التي يتم من خلالها توفير كميات أكبر من الغاز. ولكن في آسيا -التي تذهب إليها 70 % من إمدادات الغاز الطبيعي المسال العالمية- لجأ المشترون تاريخياً لتأمين السلعة بعقود مدتها عشرون عاماً أو أكثر لضمان إمدادات مستقرة وموثوقة. ونتيجة لذلك، لا توجد هناك سوق فورية للغاز الطبيعي المسال في آسيا، وهو السبب الذي دعا المشترين والبائعين لربط أسعار الغاز الطبيعي المسال بأسعار النفط، في عملية تعرف باسم «مقايسة أسعار النفط». جدل لقد طال الجدل بشأن ما إذا كان يتعين على آسيا التحول إلى نموذج أكثر مرونة على غرار أميركا الشمالية وأوروبا. وعلى نحو تاريخي، ظلت العقود طويلة المدى ومقايسة أسعار النفط مفيدة لكل من المنتجين والمستهلكين على حد سواء. فقد أدى التدفق النقدي المستمر نحو المنتجين إلى رفع الاستثمار في القطاع والذي بدوره منع حدوث نقص في الإمداد أو ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين. لكن برز الآن عاملان يشكلان تحدياً لبيئة التشغيل الراهنة. أولاً: شكّل الظهور القوي للغاز الصخري في الولايات المتحدة مصدراً جديداً للإمداد إلى أسواق الغاز الطبيعي المسال العالمية وأدى إلى خفض الأسعار، مما حفز المشترين إلى التحول إلى عقود قصيرة. وتسبب التطور السريع للغاز الصخري الأميركي في منتصف العقد الماضي في وفرة المعروض في سوق الغاز المحلي في الولايات المتحدة، مما نتج عنه تراجع حاد في أسعار الغاز الطبيعي. وقد أدى هذا التراجع إلى دفع أسعار الغاز الأميركي إلى مستوى أدنى بكثير من أسعار الغاز الآسيوي المرتبطة بالنفط الخام من 2009 إلى 2015، وقد ظل السعران معاً متقاربين حتى بعد هبوط أسعار النفط الخام. ونتيجة لذلك، بدأ المشترون ينظرون إلى أسعار الغاز الأميركي كسقف للسوق، وبأن هذه الأسعار ستستمر مع تواصل نمو صادرات الغاز الطبيعي المسال الأميركي. وقد استكملت الولايات المتحدة أول محطة لها لتصدير الغاز الطبيعي المسال في عام 2016 وبدأت في شحن كميات منه هذا العام. ومن المنتظر أن ترتفع الطاقة التصديرية أكثر من خمس مرات وترفع إمدادات الغاز الطبيعي المسال الأميركي من صفر إلى ما قد يزيد عن 10 % من سوق الغاز العالمي بحلول عام 2020. تزايد ثانياً: تعتبر التوقعات طويلة الأجل بشأن الطلب على الغاز الطبيعي المسال متفائلة على نحو متزايد بالمقارنة مع توقعات النفط. وقد يكون ذلك مفيداً لمنتجي الغاز الطبيعي المسال الذين سيستفيدون من بيع المزيد من الغاز في الأسواق الفورية. وتشير تقديرات الطلب على الغاز الطبيعي المسال إلى حدوث نمو بما يزيد عن 3-5% سنوياً حتى عام 2030، في حين يُتوقع أن يتراوح نمو الطلب على النفط بين 0.5 - 1% سنوياً خلال الفترة نفسها. ويعود الارتفاع العالمي في استهلاك الغاز الطبيعي لتزايد الاهتمام بالبيئة، لا سيما في أوروبا والصين؛ نظراً لأنه يتميز بأحد أقل معدلات انبعاث ثاني أكسيد الكربون بالمقارنة مع الأنواع الأخرى من الوقود الأحفوري مثل النفط والفحم. أهمية ووفقاً لـ «QNB» فإن هذين العاملين سيلعبان دوراً متزايد الأهمية في السنوات المقبلة؛ حيث يوشك عدد من العقود الكبيرة طويلة الأجل في آسيا على الانتهاء في أوائل عشرينات القرن الحالي، مما سيُتيح الفرصة لكل من المشترين والبائعين لإعادة التفاوض على شروط جديدة لتجارة الغاز الطبيعي المسال. وتتوقع المجموعة الدولية لمستوردي الغاز الطبيعي المسال انتهاء العقود طويلة الأجل لتوريد ما يزيد عن 6 % من الغاز الطبيعي المسال العالمي في عام 2020، وهذه النسبة ستزيد إلى أكثر من 20 % بحلول عام 2025. وقد أظهرت الاتجاهات الأخيرة توقيع عقود جديدة طويلة الأجل إلى جانب حدوث زيادة في العقود الفورية قصيرة الأجل، فقد وقّعت قطر -على سبيل المثال- عقوداً طويلة الأجل مع باكستان وبنجلاديش وتايلاند، في حين عقدت دول مثل الصين وسنغافورة وأنجولا والكويت اتفاقات قصيرة الأجل مع بائعين مختلفين. إذن، ما الخلاصة؟ من المرجح أن يؤدي انخفاض أسعار الغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة وآفاق الطلب المستقبلية الصاعدة إلى عقود أقصر وآليات تسعير جديدة تعكس بشكل أفضل أساسيات الغاز الطبيعي المسال. وعلى الرغم من ذلك، سيكون هذا التحول تدريجياً؛ حيث إن بيئة التشغيل الحالية تخدم كلاً من المشترين والبائعين بشكل جيد. وستواصل قطر وغيرها من اللاعبين الرئيسيين في مجال الغاز الطبيعي المسال العمل بالعقود طويلة الأجل لضمان تدفقات ثابتة واستخدام مؤشر أسعار النفط الذي يبقى في الوقت الحالي أكثر وسيلة عملية وموثوقة لتسعير الغاز الطبيعي المسال للمدى الطويل.;
مشاركة :