في البحث عن توازنات (الواقعية) و(المبدئية) لدى المعارضة السورية

  • 12/3/2017
  • 00:00
  • 23
  • 0
  • 0
news-picture

بعد أكثر من ست سنوات من انطلاق الثورة السورية، لم يعد ممكناً لمن يتصدون لـ (قيادتها) سياسياً، ادعاءُ الجهل بالتوازنات المطلوبة بين (الواقعية) و(المبدئية) في التعامل مع قضية شعبهم وبلادهم، وبالتحديات المتعلقة بهذا الموضوع الحساس. أكثرُ من هذا، بات مُعيباً أن يظل الانقسام والخصام والاتهامات المتبادلة، مدخل التعامل معه.فسوريا تقع في القلب من أكثر مناطق العالم حساسيةً. وثمة تداخلٌ معقدٌ بين مصالح دول إقليمية وعالمية حين يتعلق الأمر بالقضايا الكثيرة المتعلقة بسوريا ودورها في المنطقة، في الحاضر والمستقبل. من هنا، لاتتحقق المصلحة الوطنية السورية العليا بتجاهل تلك الحقيقة وتوابعها، ولا بالإصرار على مفهومٍ سكونيٍ لموضوع الاستقلالية، ينعزل بطهوريةٍ مثالية عن ذلك الواقع، بتعقيده الكبير.فالاستقلالية، كمبدأ عام، مطلوبةٌ بشكلٍ لايقبل المساومة. وبعد أعوام من العطاء والتضحية في سبيل التحرر من نظامٍ هو الأكثر دمويةً في تاريخ البشرية المعاصر، لن يمكن لقوةٍ في العالم أن تجد في الشعب السوري من يستطيع التنازل، عملياً، نهاية المطاف، عن استقلاليةٍ كانت وستبقى العنصر الأول في تحقيق ذلك التحرر المنشود.لكن التعامل مع مفهوم الاستقلالية لا يكون بتجاهل الطبيعة المعاصرة للعلاقات الدولية، ولا بعقلية الانغلاق على الذات، ولا بإنكار حتمية وجود المصالح المشتركة، وإمكانية الوصول إلى تصوراتٍ مبتكرة وخلاقة لتحقيق تلك المصالح.فنحن نعيش عالّماً لم تعد العزلة فيه فِعلاً بشرياً ممكناً. وما من إمكانيةٍ، على الإطلاق، لأن نغلق على أنفسنا الأبواب والنوافذ، ونعيش في عالمٍ ذاتي يخلقه الرفض والبيانات الاستنكارية، ونعتقدَ أن هذا هو السبيل إلى ضمان الاستقلالية.ماهو البديل إذاً؟ الاعترافُ بأننا نعيش في عالمٍ يموج بأعاصير المصالح، والانتقال بوعيٍ إلى موقع المُبادرة، بدلاً من أن نكون مجبرين على التعاطي مع العالم بمنطق ردود الأفعال، إن لجهة القبول الكامل لما يُطرحُ على السوريين، أو الرفض المُطلق له.لامفر من (الواقعية) إذاً. لكن هذا يجب أن يكون مبنياً على تحريرٍ صارمٍ لمعاني وشروط مصطلح (الواقعية) نفسه. فهذا يُخرجنا من مأزق نفسي وعملي نجد أنفسنا فيه، كسوريين، عندما نحاول التعامل مع ذلك المصطلح، خاصة في مثل هذه الظروف الاستثنائية

مشاركة :