مطر.. مطر.. ويهطل المطر

  • 9/20/2014
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

كثرت الأخبار والتوقعات حول موسم أمطار غير مسبوق على معظم مناطق السعودية، وذهب البعض إلى القول بأن السعودية لم تشهد لها مثيلاً منذ ما يقارب الأربعين سنة. ونحن نقول: العلم عند الله، لكن نسأل الله إن هطلت بمشيئته وإرادته سبحانه وتعالى أن يجعلها سقيا رحمة وخير وبركة، لا سقيا عذاب، ويعم بنفعها الجميع. لكن ماذا أعددنا لمواجهة الأخطار المتوقعة من موسم أمطار بهذا الحجم، ونحن نعلم بأن البنية التحتية لتصريف مياه الأمطار غير موجودة أو غير مكتملة، أو بحاجة إلى صيانة في معظم مناطق السعودية، وفي كل عام نُفاجَأ بخبر من هنا وهناك وبمقاطع مصورة، عن تجمعات المياه في كثير من الأنفاق، وما ينتج من ذلك من وفيات وإصابات وتلفيات وتعطل وإشغال للناس وللأجهزة الأمنية، وعلى رأسها الدفاع المدني، وصرفه عن مهام أهم بكثير من تجمع مياه في نفق نتيجة سوء تنفيذ أو عدم توافر تصريف مياه، أو انسداد في مجاري الصرف، إضافة إلى تعليق الدراسة في المدارس والجامعات، وهو ما يطرح سؤالاً كبيراً، هو: من المسؤول عن كل هذا الإرباك السنوي؟؟ وبدون أدنى شك، الموضوع تشترك في تحمل مسؤوليته أكثر من جهة، بدءاً من أمانات المدن وما يتبعها من بلديات، ومروراً بوزارة النقل، والجهات الأمنية المساعدة. فهل تمت الاستفادة من التجارب السابقة، ونوقشت جميع الأسباب التي أدت إلى النتائج السلبية التي ترتبت عليها خسائر بشرية ومادية؟ ومن ثم هل نوقشت تلك الأسباب باستفاضة، ومُحصت بشكل كافٍ لتلافيها مستقبلاً؟ وهل تم التأكد من عدم وجود ما يحول دون القضاء على تلك المسببات أو استمرارها؟ وهل جُربت المواقع المنكوبة للتأكد من صمودها في وجه تدفق مياه الأمطار والسيول؟ وهل مُسحت جميع الشوارع التي تعاني الحُفر وتكسر الطبقة الأسفلتية وانسداد فتحات التصريف؟ ومن واقع الخبرة، فإن شيئاً من هذا لم يحدث؛ بدليل الشوارع التي نعرفها، والحُفر التي تعانيها ما زالت قائمة؛ وهذا يقود إلى تساؤلات أخرى مهمة، هي: ما عمل هذه الأعداد الهائلة من الموظفين في الأمانات والبلديات التابعة لها، إن لم يكن المراقبة وتتبع الأخطاء؟ لماذا نضطر لتقديم شكاوى للأمانات أو البلديات في أمور هي ظاهرة للعيان، وهناك إدارات تضم أعداداً هائلة من الموظفين المعينين لمراقبة ومتابعة كل صغيرة وكبيرة تتعلق بالطرق أو النظافة أو الإنارة، وكل ما له علاقة بخدمات المدن، ناهيك عن الإدارات الهندسية وما يتبعها من مهندسين؟ إنه مما يؤلم أن تستمر مشكلة مثل تصريف مياه الأمطار على مدى عقود من الزمن، وأن تشكل هاجساً للمواطن في كل مرة يسعد فيها برؤية المطر، لكن عندما يتذكر ما مر عليه من مآسٍ وحوادث بسبب تجمع مياه الأمطار تجده لا يفكر إلا فيما سيقع له من كوارث من جراء هطول الأمطار، وكيف سيصل لعمله؟ وكيف سيصل أبناؤه وبناته إلى مدارسهم؟ وكيف سيعودون؟.. وذاكرة كل منا تختزن الكثير من المشاهد المؤلمة التي كان بالإمكان تلافيها فيما لو نُفّذ مشروع تصريف مياه الأمطار والسيول. لماذا لا تعاني دول كثيرة أكثر منا في معدل سقوط الأمطار وكميتها من تعليق الدراسة، وغرق الأنفاق والشوارع؟ هذا السؤال هو المفتاح لكل من يبحث عن حل لمشكلة الأمطار في السعودية. ولأن الشيء بالشيء يذكر، فإن النظافة كانت - وما زالت - تشكّل معضلة كبرى أمام الأمانات، ويبدو أنها بحاجة إلى حل مبني على تخطيط، وإجراء دراسات وليس اجتهادات.. فما نراه أمامنا يومياً من تجاوزات ومخالفات وتردٍّ في أوضاع النظافة للأسف - على مستوى السعودية كلها يفرض على المسؤولين وضع حل دائم لهذه المشكلة التي أصبحت معضلة. فعلى مدى عقود من الزمن المشكلة في تفاقم، وليست في تراجع؛ وهو ما يشكّل عبئاً إضافياً على الأمانات. ومما يحز في النفس أن نرى مصيفنا الأول (الطائف)، على سبيل المثال، يعاني بشكل ملحوظ هذه المشكلة بشكل ظاهر وجلي. وقس على ذلك باقي مدن السعودية ومصائفها. ومشكلة النظافة من المشاكل الملحوظة التي لا تحتاج إلى أدلة لإثباتها، ولا تتطلب عظيم جهد لملاحظتها، لكن إلى متى ستظل هذه المشكلة تمثل عبئاً مزمناً، تقف أمامه كل الجهود والطموحات عاجزة عن فعل شيء. ولكن أعود فأقول: طالما أن هناك تجارب ناجحة في العالم، وما أكثرها، فلا عذر لأحد في العجز عن إيجاد الحلول لأية مشكلة، والقضاء عليها نهائياً. أتمنى على المسؤولين في الأمانات ووزارة النقل والجهات الأمنية المعنية البدء في الإعداد لمواجهة الأخطار الناجمة عن سقوط الأمطار بغزارة، من خلال إلزام كل من يتقاضى راتباً بأداء علمه بكل أمانة واقتدار، وأن يحاسَب كل من يقصر، فإن عاد أو يوظَّف من هو كفء لذلك؛ فرفعة الوطن وسمعته أغلى بكثير من الصبر على متقاعس أو متخاذل في أداء عمله.

مشاركة :