أكد رئيس غرفة التجارة والصناعة، علي محمد ثنيان الغانم، أن الكويت أولت اهتماماً خاصاً بنظام التحكيم التجاري الذي يشهد حالياً نقلة نوعية، إذ انتقلت من نظام استثنائي أقره التجار قديماً في معاملاتهم المحلية يعرف بأهل (السالفة)، إلى انشاء غرفة التجارة والصناعة عام 1959، إلى قواعد قانونية نظمها المشرع الكويتي في قانون المرافعات، وقانون التحكيم القضائي رقم 11 /1995، وصولاً إلى قيام الغرفة في 1999 بانشاء مركز متخصص في التوفيق والتحكيم باسم «مركز الكويت للتحكيم التجاري»، والذي تقوم رسالته على نشر ثقافة التحكيم في الأوساط التجارية. كلام الغانم جاء خلال مشاركته في مؤتمر «التحكيم في منازعات الملكية الفكرية بين الواقع والمأمول»، الذي يهدف إلى إظهار أهمية اللجوء إلى التحكيم كضمانة إجرائية لجذب الاستثمارات الدولية والعمل على إيجاد حلول مناسبة لمواكبة هذه التغيرات وما تفرزه من منازعات. وشدد على حرص المركز على إقامة هذا المؤتمر، والذي أبت الغرفة إلا أن تضفي عليه رعايتها لما وجدت فيه من فرصة طيبة لاجتماع نخبة من أهل الاختصاص والخبرة في مناخ ملائم للحوار والنقاش والتشاور في ما بينهم، وصولاً إلى توصيات تساهم في استقطاب الاستثمارات وبث الطمأنينة في نفوس المستثمرين. وقال الغانم إن المؤتمر ضم نخبة متميزة من المحكمين والخبراء القانونيين والاقتصاديين وصناع القرار من داخل الكويت وخارجها، لتكون المناقشات أكثر ثراء وشمولية، ولتحقيق التواصل المطلوب بين التخصصات المختلفة ذات العلاقة على المستوى المحلي والإقليمي. ولفت إلى أن الهدف من المؤتمر يأتي من منطلق التفاؤل بمستقبل أفضل، ومعالجة المواضيع التي يتناولها بموضوعية ورصانة، معتمداً النهج العلمي الذي التزم به كل من مركز الكويت للتحكيم التجاري، ومركز تدريب الملكية الفكرية لمجلس التعاون لدلول الخليج العربية، فينطلق معرفاً المفاهيم الأساسية، ومستعرضاً الوضع الراهن، موضحاً ملامحه ومعطياته، ومحللاً أسبابه ودوافعه، وعارضاً إشكالياته وتحدياته، ومستشرفاً تداعياته ومآلاته، وباحثاً فرص نجاحه وآفاقه، ليخلص بعد ذلك إلى صوغ الرؤى ورسم الخيارات واقتراح الحلول الهادفة إلى تحقيق المصلحة الاقتصادية للأوطان والشعوب. واعتبر الغانم أن أهمية موضوع المؤتمر تنبع من حاجة قواعد التحكيم عامة وما يتعلق منها بالملكية الفكرية خصوصاً، إلى التطوير المستمر لمواكبة التغيرات المتسارعة في عالم الاستثمار والأعمال، بما يوجب على الفكر القانوني أن يبقى ساهراً على ملاحقة المستجدات حتى لا يقع التحكيم ضحية للمشاكل التي يفرزها الواقع العملي، وإنما يبقى عاملاً على معالجتها. ولفت إلى أن التحكيم وجد بالأساس لخدمة قضايا التجارة والاستثمار وحماية حقوق العاملين بهذا المجال، آملاً أن يشكل المؤتمر مدخلاً حقيقياً لتقديم طرح جاد ورؤية متطورة، وتقديم اقتراحات عملية لترجمة كل ذلك على أرض الواقع، وبذل ما يتطلبه من جهود وما يقتضيه من قرارات تؤهل للانخراط الفعلي والفاعل للوصول للأهداف المرجوة منه. من جانبها، أشارت رئيس مركز تدريب الملكية الفكرية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، إيمان البدر، إلى أن حقوق الملكية الفكرية تحظى في الوقت الراهن باهتمام كبير على المستوى العالمي بشكل عام، وفي دول مجلس التعاون بشكل خاص. ولفتت إلى أن المؤتمر يعكس الجهود الكبيرة التي تبذل من أجل التعرف، على أفضل آليات حماية حقوق الملكية الفكرية المعتمدة، مبينة أن الاهتمام بتلك الحقوق أصبح ضرورة في ظل العصر التجاري المتطور الذي تسيره الآلة وتحكمه التكنولوجيا. ولفتت إلى أن تلك الحقوق يشير معناها الواسع إلى إبداعات العقل من اختراعات، ومصنفات أدبية وفنية مستخدمة في التعامل بكل مجالاتها، مؤكدة أن الملكية الفكرية محمية قانوناً بحقوق راسخة محلياً وإقليميا ودولياً. وأوضحت أن حقوق الملكية الفكرية تهدف إلى إرساء توازن سليم بين مصالح المبتكرين ومصالح الجمهور العام ومصلحة المجتمع والدول، كما تهدف إلى خلق بيئة تساعد على ازدهار الإبداع والابتكار ونشر الوعي بأساسيات الملكية الفكرية وحقوقها. ونوهت بأن اختيار موضوع المؤتمر جاء نظراً لأهمية العلاقة بين الملكية الفكرية والتجارة والاقتصاد في مختلف فروعها، ومحاولة لتأسيس وعي موضوعي يرتكز على سمة التبادل المعرفي والتجاري، يتماشى مع تطلعات دول مجلس التعاون لدعم اقتصادها. وفي سياق متصل، تولى رئيس مجلس إدار مركزالكويت للتحكيم التجاري، عبد الوهاب الوزان رئاسة الجلسة الحوارية الأولى من المؤتمر والتي جاءت تحت عنوان (الملكية الفكرية وآليات التحكيم التجاري)، بحيث تناول فيها الدكتور أنور الفزيع التحكيم في مسائل الملكية الأدبية والفنية، متحدثاً عن بعض المسائل في الشأن الأدبي من جهة جواز التحكيم فيها من عدمه. كما تناول حسين العبدالله، محور التحكيم في مسائل الملكية التجارية، ملقياً الضوء على وضع التشريعات وممارسي التحكيم التجاري، ومعدلات اللجوء غلى التحكيم مقارنة بإجراءات التقاضي الأخرى. في حين استعرض الدكتور إبراهيم الرشود الحماية القانونية للعلامة التجارية في ظل القانون الكويتي والمعاهدات الدولية، مبيناً التطور التجاري ومحاولاته حماية الحقوق، ومفهوم العلامة التجارية، وأهميتها، والتمييز بين أنواعها، والحماية الدولية والمحلية. وجاءت الجلسة الثانية حول «التحكيم الإلكتروني ومنازعات الملكية الفكرية الرقمية»، برئاسة وزير التجارة والصناعة السابق الدكتور يوسف العلي، وتحدث خلالها عبدالله المزروعي عن تشريعات حقوق الملكية الفكرية في دول مجلس التعاون، بينما تناول كارول بريمرش محور التحكيم فرصة لمالكي العلامات التجارية، في حين ألقى رائد الحوت الضوء على دورة حياة العلامات التجارية. وتضمنت الجلسة الثالثة قضايا تحكيمية معاصرة في منازعات الملكية الفكرية، وترأسها أمين عام مركز الكويت للتحكيم التجاري الدكتور أنس التورة، وتحدث خلالها الدكتور راينر هاوس مان عن التحكيم في مسائل الملكية التجارية في الدول الأوروبية، بينما تناول الدكتور محمد سامي عبدالصادق تطبيقات التحكيم في حقوق المؤلف والحقوق المجاورة (منازعات البث الفضائي والانتاج الفني)، بينما تناولت الدكتورة بشائر الغانم تطبيقات التحكيم في منازعات الملكية الصناعية والتجارية (منازعات العلامات التجارية وبراءات الاختراع). وتولت رئيس مركز تدريب الملكية الفكرية لدول مجلس التعاون، إيمان البدر، رئاسة الجلسة الرابعة حول الإطار العام لحماية حقوق الملكية الفكرية على الصعيدين الإقليمي والدولي، وتحدث خلالها أريك ولبرز.
مشاركة :