ما الذي تغير؟. سؤال سألته لنفسي بعد حضوري لمناسبة اجتماعية لمست فيها أننا نعيش وسط عالم ثقافي واجتماعي متغير. قبل أكثر من عشرين عاماً تقريباً وأنا وزملائي نعمل في الصحافة الفنية، كانت ممارسة هذا العمل الممتع والراقي من ضمن الأمور غير المرحب بها اجتماعياً، وأجمل وصف لتعامل المجتمع مع هذا الواقع ما ذكره لي منذ سنوات عديدة الفنان محمد عبده ونشرته في حينه هنا بالرياض، عندما قال: "نحن أمام تناقضات كبيرة نعيشها، في الليل حيث المغنى وحفلات الفن يتم استقبالي أنا وزملائي على أعلى مستوى، وفي النهار تجد أنه حتى من كان يقدم القهوة والشاي لك، يحاول أن يتجاهلك أو يُعيب الفن الذي تقدمه"، هذه حقيقة لا يمكن تجاهلها، ولها نصيب وافر من القصص والحكايا التي مرت علي شخصياً!. في تلك المناسبة التي فرضت علي الحديث مع نفسي، وجدت أن المجلس الذي يكتظ بالعديد من أبناء المجتمع، يتصدره وبشموخ صديق وهو فنان شعبي، كان فاكهة الحضور والكل يسأله بشغف عن جديده وتفاعله مع المرحلة الجديدة للسعودية الجديدة، ما الذي تغير؟. صديقي هو هو لم يتغير، والناس أنفسهم الذين قبل فترة بسيطة لا يرضون أن يكون هذا الفنان الشعبي متصدراً للمجلس أو كما يطلقون عليه بسخرية "هذا اللي يدق عود"، كان مجرد أنه يغني فهو يرتكب جريمة، هو يقول: إن أحدهم اتصل عليه وقال: لن تقبل منك صلاة!، هذا الإنسان الجميل عادت الكرة لملعبه هو وزملاؤه، عاد المجتمع لطبيعته وتخلّى عن سياسة "الوجهين" وتقبله وأعطاه مكانته الطبيعية، بالفعل ما الذي تغير بهذه السرعة لهذا المجتمع؟. وما الجديد القادم؟. ما الانعكاس السلبي والخطير للفن الذي تم تخويفنا منه في الثلاثين سنة الماضية؟، وما هي السلبية التي أحدثتها حفلات محمد عبده في جدة والرياض؟، ما الكارثة التي أحدثها العالمي ياني؟، وما المحظورات التي حدثت بعد مسرحية خفيفة وكوميدية تبعث البهجة للنجوم سمير غانم وطلعت زكريا والتحفة شعبان عبدالرحيم؟، ما الذي تغير هو ليس مجرد سؤال، إنه عنوان مرحلة. كان ولي العهد -حفظه الله- بقراراته الشجاعة قريباً من المجتمع الذي يعيش فيه، لقد استطاع ببساطة أن يقوم بأصعب فعل تنموي إنساني، أن يعيد المجتمع السعودي لطبيعته السمحة المستندة إلى الدين الصحيح الذي لا تخالطه أهواء حزبية. الأمر ليس بالسهولة، لقد استطاع -حفظه الله- تحقيق هذه الخطوة الإنسانية والاجتماعية، والتي ستنعكس على مستقبل السعودية اجتماعياً واقتصادياً والأهم تنموياً. نحن نعيش مرحلة "ما الذي تغير؟" وقريباً سننتقل لمرحلة أهم بإذن الله.
مشاركة :