الموسيقى الأندلسية لحن تسامح بين الأديان في نيويوركجمع حب الموسيقى الأندلسية أشخاصا في نيويورك من مختلف الديانات والأعراق ليكوّنوا فرقة أصبحت في ما بعد نموذجا للتعايش. ويؤكد مدير الفرقة أن العلاقة بين اليهود والمسلمين يجب أن تكون مبنية على فهم للتاريخ والدين والجانب الروحي.العرب [نُشر في 2017/12/04، العدد: 10832، ص(24)]تراث للاعتزاز والتطوير نيويورك- امرأة محجبة تجلس إلى جانب رجل يهودي بات أمرا مألوفا خلال الحفلات التي تحييها مجموعة “نيويورك للموسيقى الأندلسية”، وهو أمر يثير سعادة سامويل تورجمان توماس مدير المجموعة، كما يبعث رسالة قوية للتعايش بين الأديان والثقافات. منذ ما يقارب السبع سنوات تحيي الفرقة حفلات موسيقية أندلسية في نيويورك، بهدف التعريف بهذا النوع الموسيقي، غير المعروف في الولايات المتحدة. وتطوّرت تجربة هذه الفرقة الموسيقية لتصبح نموذجا للتعايش في نيويورك، لما تضمه من عناصر من مختلف الديانات والأعراق، جمعهم حب الموسيقى الأندلسية. وفي هذا السياق، يقول سامويل إن الفرقة خلقت فرصة حقيقية للتنوع في مدينة نيويورك، وأعادت إلى الحاضر تجربة العيش المشترك بين المسلمين واليهود بين القرنين الـ18 والـ19. وأضاف “كانوا يعيشون معا ولديهم تجارب مشتركة عميقة. نريد أن نتعلّم من ذلك”. وتضم الفرقة موسيقيين ومتطوعين من أميركا والجزائر والمغرب، وحتى من الصين واليابان، وتتنوع دياناتهم بين مسلمين ويهود ومسيحيين وملحدين. وفي هذا الشأن، تقول الجزائرية فتيحة مخلوفي، عضو في الفرقة ومستشارة سامويل “نغنّي باللغات الثلاث العربية والعبرية واللادينو (لغة يهودية قديمة قريبة من الإسبانية)”. وأضافت أن أغاني الفرقة لا تخرج عن إطار الأغاني الروحية والحب والدعوة إلى السلام. وتابعت “نحاول أن نعرف بهذه الثقافة التي لا يعرفها الأميركيون كثيرا”. وتصرّ مخلوفي على التأكيد على أن الفرقة الموسيقية تمكّنت فعلا من نشر فكرة أن الاختلاف الديني لا يمنع الناس من العيش سويا. ويقول سامويل إن الأمر المهم بالنسبة لعناصر الفرقة هو أنهم يؤدون لوحات موسيقية تعود إلى عهد لم يشهد صراعات من النوع الذي نراه في عصرنا الحديث، مثل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. ويضيف “الحوار بيننا مبنيّ على الاحترام. نتحاور رغم أننا نختلف سياسيا”. يعمل سامويل على عدة أصعدة، فهو باحث في علوم الموسيقى، ويقدّم دروسا فيها في ثلاث جامعات، إضافة إلى التأليف الموسيقي، وأيضا مهتم بدراسات الشرق الأوسط، غير أنه يسعى إلى تحقيق حلمين، واحد في أميركا والثاني خارجها. أما حلمه الأميركي، فيتمثل في نشر تاريخ المنطقة المغاربية، ليس من الجانب الموسيقي فقط، وإنما من خلال تعريف الأميركيين بتاريخ اليهود في المنطقة المغاربية. يقول “الكثير من الأميركيين لا يعرفون أن اليهود كانوا يعيشون إلى عهد قريب في المنطقة المغاربية في أمن وسلام”. ويضيف “عندما يعلم أي أميركي بأن اليهود ما زالوا يعيشون في هذه المنطقة لا يصدق الأمر”. أما الحلم الثاني، فيتمثل في الذهاب بالفرقة الموسيقية إلى بلدان المنطقة العربية والمغاربية في جولة موسيقية “لأظهر للناس هناك مستوى التعايش الذي تمثله الفرقة في الولايات المتحدة”. أما فتيحة مخلوفي فتحلم بأن تلقى الموسيقى الأندلسية رواجا في المجتمع الأميركي، الذي لا يعرف الكثير عن الأنواع الموسيقية المنتشرة في المنطقة. تقول “أقصى ما يعرفه الأميركيون عن موسيقانا هو الراي وبعض الموسيقى العصرية. هذا أمر جيد ولكن الغناء الأندلسي يبقى تراثا نعتز به ونسعى إلى تطويره ونشره”. وكانت نيكول ماكوتسيس من مجلس الفنون في بروكلين أعربت عن أملها في أن تساهم العروض المختلفة في تعريف الجمهور الأميركي بالألوان الموسيقية العربية.
مشاركة :