سعت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، جاهدة اليوم الثلاثاء إلى إنقاذ اتفاق يخص الحدود مع أيرلندا بعد «بريكست»، غداة رفضه من قبل حلفائها في الحزب الديمقراطي الوحدوي، ما كشف ضعف موقفها فيما تشارف المهلة التي حددها الاتحاد الأوروبي على نهايتها. ويتوقع أن تتحدث ماي هاتفيا مع آرلين فوستر زعيمة الحزب الديمقراطي الوحدوي شمال الأيرلندي الصغير الذي يبقي حكومة الأقلية المحافظة التي تتزعمها في الحكم بعدما عرقل اتفاق بشأن مسألة أساسية تشكل عقبة في محادثات «بريكست». وأفادت تقارير، أن لندن وافقت على أن تحافظ أيرلندا الشمالية التي تحكمها بريطانيا، على نوع من «التنسيق التنظيمي»، مع جمهورية أيرلندا (العضو في الاتحاد الأوروبي)، بعد «بريكست»، حتى مع انسحاب بريطانيا ككل من سوق التكتل الموحدة واتحاده الجمركي. وطلبت دبلن ضمانات بألا يؤدي «بريكست»، إلى عودة التفتيش على الحدود الذي قد يثير توترات طائفية في منطقة غرقت في الماضي بالعنف. لكن بينما سعت ماي للتوصل إلى اتفاق أثناء غداء عمل مع رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر في بروكسل الإثنين، لم يخف الحزب الديمقراطي الوحدوي معارضته. وقال النائب نايجل دودز الثلاثاء، إن حزبه الديمقراطي الوحدوي، لم ير مسودة الاتفاق قبل صباح الإثنين، واعتبره «غير مقبول». وقال، «لن نسمح بالاتفاق على أية تسوية يمكن أن تتسبب بتباعد سياسي أو اقتصادي بين أيرلندا الشمالية وباقي المملكة المتحدة».لن تترك وأعرب عدد من النواب المحافظين عن مخاوفهم، حيث حذر المؤيد البارز لـ«بريكست» جاكوب ريزموغ، من أن «الحكومة لا تمتلك أغلبية» لنقل الحدود الجمركية التابعة للاتحاد الأوروبي إلى البحر الأيرلندي. من جهتها، قالت زعيمة حزب المحافظين الإسكتلندي روث ديفيدسون، إنه من الأفضل أن يكون هناك تنسيق تنظيمي بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بأكملها. من جهته، رفض وزير شؤون «بريكست» ديفيد ديفيس في تصريحات أدلى بها في مجلس العموم التكهنات التي أشارت إلى أن أيرلندا الشمالية، «ستترك» في سوق الاتحاد الأوروبي الموحدة، مؤكدا على التزامه بـ«سلامة الأراضي» البريطانية. ولم يعط تفاصيل إضافية، إلا أنه أكد، «اقتربنا الآن» من التوصل إلى اتفاق يتزامن مع قمة سيقرر خلالها قادة الاتحاد الأوروبي إن كانوا سينتقلون في مفاوضاتهم إلى مسألة التجارة. وينتظر أن تعود ماي إلى بروكسل في وقت لاحق هذا الأسبوع، حيث أعرب الطرفان عن أملهما بالتوصل إلى اتفاق بحلول عطلة نهاية الأسبوع. وتسببت الأجواء الدبلوماسية العاصفة بانخفاض الجنيه الإسترليني، الذي ارتفع الإثنين مقابل اليورو والدولار وسط الآمال بالتوصل إلى اتفاق.«فوضى» وسارع معارضو ماي في الداخل إلى استغلال فشلها في التوصل إلى اتفاق لتوجيه سيل من الانتقادات إليها. وقال المتحدث بشؤون «بريكست» في حزب العمال المعارض كير ستارمر، أمام النواب، «لدينا رئيسة وزراء ضعيفة لدرجة أن للحزب الديمقراطي الوحدوي فيتو على أي اقتراح تقدمه». لكن دودز نفى ذلك قائلا، إن الحكومة الأيرلندية هي التي استخدمت الفيتو مع بروكسل، متهما دبلن بالتصرف بـ«طريقة متهورة وخطيرة». وأما النائب عن الحزب الوطني الاسكتلندي بيتر غرانت، فقال، «إنها حالة فوضى تامة». وأشارت تقارير إلى أنه تم التوصل إلى اتفاق على نص الاتفاقية مع أيرلندا، حيث كانت المسودة الأولى تعهدت بأنه لن يكون هناك «تباعد تنظيمي» عبر الحدود الأيرلندية، وهو ما تم تغييره لاحقا إلى «تنسيق تنظيمي». وفيما أكد ديفيس على معارضته للصيغة الأولى، إلا أنه أوضح، أن التنسيق التنظيمي يعني «ضمان نتائج متشابهة»، لكن عبر وسائل مختلفة، وهو ما لا يعني بالضرورة تبني قواعد الاتحاد الأوروبي.الديمقراطي الوحدوي «قد يسحب دعمه» وأفاد سفير أيرلندا إلى لندن أدريان أونيل، أن المشكلة ستحل إذا بقيت بريطانيا في الاتحاد الجمركي، وهو ما يرفضه مسؤولون يعتبرون، أن ذلك سيمنعهم من إبرام اتفاقات تجارية خارجية. وأكد، أنه لا يزال هناك مجال للتوصل إلى اتفاق، لكن «في حال تجاوز (الأمر) عطلة نهاية الأسبوع الحالية، فقد ينفد الوقت منا». وأصر الاتحاد الأوروبي مرارا على ضرورة تحقيق تقدم في ثلاث مسائل أساسية قبل الانتقال إلى المحادثات التجارية في وقت لاحق من هذا الشهر. ورغم الاتفاق على كلفة خروج بريطانيا من الاتحاد، لا تزال هناك خلافات بشأن دور محكمة العدل الأوروبية في ضمان حقوق مواطني الاتحاد الأوروبي في بريطانيا ما بعد «بريكست». لكن الفشل في التوصل إلى اتفاق بشأن أيرلندا قد يعطل العملية برمتها ما يترك وقتا أقل لبريطانيا للتوصل إلى اتفاق تجاري قبل مغادرتها الاتحاد الأوروبي في مارس/ آذار 2019. وتحتاج ماي لموافقة نواب الحزب الديمقراطي الوحدوي العشرة على أي قانون لإقراره في مجلس العموم، بعدما خسر حزبها المحافظ الأغلبية في انتخابات مبكرة جرت في يونيو/ حزيران، بدعوة منها. وقال الخبير في الشؤون السياسية الأيرلندية في جامعة ليفربول جوناثان تونغ، «لا تزال هناك مخاطر بأن يسحب الحزب الديمقراطي الوحدوي دعمه وهو ما لا يمكن للمحافظين أن يجازفوا به».
مشاركة :