في بادرة مبشرة بالتحسن، أظهر مؤشر اقتصادي، أمس، أن القطاع الخاص غير المنتج للنفط في مصر عاد أخيرا إلى التوسع، بعد 25 شهراً متتالياً من الركود، وهو ما يتزامن مع ظهور علامات تعافٍ على الاقتصاد بشكل عام، وبداية انحسار موجة التضخم الكبرى، مع مرور عام كامل على انطلاق إجراءات الإصلاح الاقتصادي الصعبة التي اتخذتها مصر في مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، بداية بتحرير سعر صرف العملات الأجنبية، ومروراً بتقليص كبير للدعم على السلع الأساسية والمحروقات.وسجل أمس مؤشر مديري المشتريات الرئيسي (PMI) المعدل موسمياً الخاص بمصر، والتابع لبنك «الإمارات دبي الوطني»، صعوداً من 48.4 نقطة المسجلة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى 50.7 نقطة في شهر نوفمبر، ليرتفع المؤشر للمرة الأولى فوق 50 نقطة، وهو المستوى الفاصل بين الانكماش والنمو، مشيراً إلى نهاية التراجع الذي شهده خلال 25 شهراً متتالياً. وكان هذا التحسن هو الأقوى منذ شهر أغسطس (آب) 2015؛ رغم أنه كان طفيفاً في مجمله.ومؤشر مديري المشتريات الرئيسي هو مؤشر مركب تم إعداده ليقدم نظرة عامة دقيقة على ظروف التشغيل في اقتصاد القطاع الخاص غير المنتج للنفط.وأوضح التقرير أن المؤشرات عكست تفاؤلاً من القطاع الخاص بشأن النمو الاقتصادي المستقبلي، حيث شهد إنتاج القطاع الخاص غير المنتج للنفط في مصر نمواً الشهر الماضي، وازداد الطلب على السلع والخدمات المصرية، وعادت تدفقات الأعمال الجديدة إلى النمو بأسرع وتيرة في 27 شهراً. كما ارتفع الطلب من المصادر الأجنبية بأسرع وتيرة منذ بدء الدراسة، وكان تحسن طلبات التصدير الجديدة مرتبطاً بزيادة الطلب من الاقتصادات المجاورة.وقال البيان إن شركات القطاع الخاص رفعت من حجم مشترياتها بمعدل إجمالي قوي، في حين وصل تراكم مخزون مستلزمات الإنتاج إلى أسرع معدلاته منذ شهر نوفمبر 2014. وأرجع البيان زيادة المشتريات إلى ارتفاع متطلبات الإنتاج، ووجود توقعات بمزيد من النمو.ورغم ارتفاع المؤشر خلال شهر نوفمبر، فإن فقدان الوظائف استمر خلال هذا الشهر، ولكن بوتيرة أبطأ عن الشهر الماضي، لتتمدد سلسلة تراجع مستويات التوظيف الحالية إلى 30 شهراً. وقال البيان إن متوسط أعباء التكلفة ارتفع بمعدل حاد في شهر نوفمبر الماضي، ومع ذلك تراجع معدل تضخم أسعار مستلزمات الإنتاج. وأضاف أن زيادة أسعار المبيعات، استمرت ولكن بأبطأ معدل منذ شهر فبراير (شباط) 2016.وتعليقاً على المؤشر، قال دانيال ريتشاردز، الخبير الاقتصادي ببنك «الإمارات دبي الوطني» لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «تظهر هذه القراءة أن الإصلاحات الاقتصادية واسعة النطاق التي بدأت في شهر نوفمبر 2016، كجزء من برنامج الإصلاح الاقتصادي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، بدأت تؤتي ثمارها. وتنسجم كثير من التوقعات السائدة تجاه الآفاق المستقبلية مع وجهة نظرنا بأن الاقتصاد المصري سيواصل تعزيز نموه خلال الأرباع المقبلة».من جهة أخرى، قال وزير المالية المصري عمرو الجارحي، أمس، إن القاهرة بدأت الإجراءات المتعلقة بطرح مزمع لسندات دولية بما بين 3 إلى 4 مليارات دولار في يناير (كانون الثاني) المقبل، مضيفاً لـ«رويترز»: «وافقت مطلع الأسبوع الجاري على كل المستندات الخاصة ببدء إجراءات الطرح».وباعت مصر في يناير الماضي سندات دولية بأربعة مليارات دولار على ثلاث شرائح. وفي أبريل (نيسان) وافقت الحكومة على زيادة سقف إصدار السندات الدولية إلى سبعة مليارات دولار. كما باعت مصر ما قيمته ثلاثة مليارات دولار أخرى في مايو (أيار) الماضي. وسبق ذلك بيع سندات دولية بقيمة 1.5 مليار دولار في يونيو (حزيران) 2015، كانت الأولى من نوعها لمصر منذ أحداث يناير 2011. وتستهدف مصر إصدار سندات باليورو بما بين مليار و1.5 مليار يورو، بعد إصدار السندات الدولارية.وإضافة إلى ذلك، توقع الجارحي وصول ملياري دولار، هي الدفعة الثالثة من قرض صندوق النقد الدولي البالغ 12 مليار دولار، في الأسبوع الثالث من ديسمبر (كانون الأول) الجاري.
مشاركة :