المؤسسات الإعلامية التي تعتمد على نشر أخبارها وإعلاناتها عبر الإنترنت باستمرار تحت إغراء جعل أخبارها مثيرة للغضب، وبالتالي أكثر قابلية للمشاركة، وبالمثل تفعل جميع مواقع التواصل الاجتماعي. فإذا ما أراد أحدهم اكتشاف، بناء على سلوكه على الإنترنت، بُغض من حوله على مواقع التواصل أو مضايقته معجبيه لغيرهم من المشتركين، فهذا ما سيراه حقا، حتى ولو كان جزء من تفكيره يريد أن ينسحب من هذه “الدوامة”. فلولا وجود مواقع التواصل الاجتماعي، يمكننا أن نضمن أننا لم نكن لنشعر أبدا بغضب نحو العديد من شخصيات اليمين المتطرف في الولايات المتحدة أو أوروبا أو الإسلاميين المتشددين في العالم العربي، لأننا لم نكن نسمع عنهم أبدا. وأحد الأسباب التي تجعل من الصعب جدا علينا تقبل فكرة تواطؤنا في تلك الصراعات، ينطوي على نوع من “التكافؤ الأخلاقي”. ولقبول أن أحد المعتدلين قد يتصرف على الإنترنت وفقا لطريقة “القبلية الغاضبة”، عندما يكون الطرف المتلقي للهجوم هو من المتعصبين أو النازيين أو المتطرفين الإسلاميين على سبيل المثال، فيجب الاقتناع بأنه ليس أفضل حالا من هؤلاء. فالمشكلة في “الدوامة” هي أن التعبير بقوة عن الآراء التي تؤمن بصحتها لا يبدو أنه يجذب العالم نحو الاتجاه الذي تريده أنت. وهذه بالتأكيد هي السمة الأكثر إحباطا لـ”الدوامة”: وهي أن كل هذا الغضب والسخط على وجهات نظر معارضينا لا يفعل شيئا سوى أنه يزيد من تمسك الطرف الآخر برأيه، والذي كنا نأمل منذ البداية في تغييره. ففي الولايات المتحدة، فشل المنتقدون من الليبراليين على تويتر، ردا على الاتهام الأخير الموجه لترامب بالنفاق والكذب، في التقليل من التصريحات الكاذبة التي تصدر يوميا عن البيت الأبيض. ولكن على العكس استطاعوا هم أنفسهم إثبات قناعة مؤيديه على الجانب الآخر بأن الليبراليين يحتقرونهم، وهو المحور الأساسي الذي قامت عليه حملة ترامب الانتخابية والذي من الممكن أن يرشحه لفترة رئاسية ثانية.
مشاركة :