رسالة وصلت إلى كثير منا عبر تقنية «الواتس اب»: «خبر عاجل. هذا الفيديو نشر عن اللاجئين السوريين في السويد، حيث يتعرّضون للفصل بين الأزواج ونزع أطفالهم منهم بالقوة وتسليمهم إلى أسر نصرانية لتغيير دينهم. الرجاء التصرّف بسرعة ونشر المعلومات للمنظمات الإسلامية لفضح الغرب ومدّعي حقوق الإنسان. إخوانكم المسلمون يتعرّضون لمحنة، انصروهم بنشر الخبر لمشارق الأرض ومغاربها». تحت الرسالة نرى «فيديو» لموظفين من دائرة الشؤون الاجتماعية في السويد، وهم يخرجون من منزل للاجئين سوريين (السويد منحته لهم مجانا)، مصطحبين معهم أطفال العائلة الذين تتكفّل الحكومة السويدية بمأكلهم ومشربهم وطبابتهم وتعليمهم. إحدى الموظفات كانت تحمل طفلة لم يتجاوز عمرها سنتين، في حين الأم تركض خلفها وهي تصرخ وتولول. طبعاً حقيقة الأمر بعيدة كل البعد عما كُتب في الرسالة المرسلة، ولا تمت للواقع بصلة، فأفراد دائرة الشؤون فعلا انتزعوا الأولاد من عائلتهم بقوة القانون، لكن ليس لتنصيرهم ولا لتغيير دينهم، كما ادعى البعض بكل سذاجة، بل لحمايتهم. فالقوانين السويدية تجيز حق انتزاع الأطفال من أهاليهم، سواء كانوا لاجئين أو مقيمين أو مواطنين، في حال ثبوت تعرّضهم لمعاملة سيئة أو عنف. وتلك العائلة كانت تعيش حالة من العنف على يد الأب، الذي تعرّض كما باقي الشعب السوري لهزة نفسية عنيفة وبحاجة الى رعاية تأهيلية وعلاج نفسي، لكن هذا لا يعني أن يسمح له بأن «يفش قلبه» بأولاده عندما يغضب فيكسر كل ما يجده أمامه، حتى وإن كانوا أطفاله. والطفلة الصغيرة التي تظهر في الفيديو تعرّضت لضرب كان من الممكن أن يودي بحياتها حسب التقارير الطبية المثبتة. الجهل، الثقافة الاجتماعية المتوارثة، أساليب التربية الشرقية وعوامل أخرى كلها تجعل الأب ينتقم من أسرته بسبب: اغترابه، ضعفه، قلة حيلته، عوزه وكل آلامه، والأسوأ هي الأم التي عادة ما تعاني من «متلازمة ستوكهولم» التي تجعلها تلتصق بالزوج وتنكر أي قسوة من جانبه، وتكذب على المسؤولين فقط لتبقى بقربه، حتى وإن كان عليها وعلى أولادها دفع الثمن. السلطات السويدية تتفهم خلفية اللاجئين وثقافتهم، ولا تتخذ إجراءات صارمة ضدهم إلا بعد جلسات للمشاورة ومعالجة نفسية أسرية ومحاولات لإفهامهم أن الطفل في السويد «شبه مقدّس» ولا يمكن السماح بإيذائه مهما كان السبب. وفقاً لرواية الشؤون الاجتماعية السويدية فإن العنف مثبت، بينما الأب ينكر، بالإضافة الى فيديو تم نشره للجيران ينفون فيه رواية الشؤون، لكن بغض النظر عن الإثباتات القانونية، فإن لا مصلحة لحكومة السويد في «التبلي» على العائلة، فيتم اختراع قصة التنصير للتغطية على جرم الأب، إذ لا يمكن لسلطات أي دولة انتزاع أطفال من ذويهم لتنصيرهم، هذا كذب وافتراء. عندما تكتشف أن الحقيقة يتم تشويهها، وأن الواقع ينقلب إلى أكذوبة تشعر بحقارة وخسّة مدعيها وتتساءل ما السبب وراء زج الإسلام في قضية لا تمت له بصلة، فاستخدام الدين وتزوير الحقائق لدعم أي قضية ما هما إلا سذاجة وحماقة، وتشويه للدين نفسه. دلع المفتيD.moufti@gmail.comdalaaalmoufti@
مشاركة :