ليونيل لورنت* يبدو أنه لا مفر أمام شركات توريد التجهيزات التي تصك العملة الرقمية «بتكوين» من الانخراط في السلسلة بكل مكوناتها، أي صنع أجهزة التشفير واستخدامها ذاتياً وبيعها للغير فضلاً عن الاتجار بالعملة. ومن الصعب أن تتصور شركة يزيد رأسمالها عن 100 مليار دولار تشارك المستثمرين في مثل هذه المهام.تجاوزت قيمة وحدة العملة الافتراضية «بتكوين» حاجز 8 آلاف دولار مؤخرا وهذا بشير خير لأولئك اللاهثين وراء تكديس ثرواتهم في عملة مضاربات خطرة تصلح للادخار أكثر مما تصلح للإنفاق.لكن مهرجان العملات المشفرة يترك وراءه شركات التقنية الأصلية التي كان من المفترض أت تستفيد منه دون أن تلوث أيديها بتلك العملة. وعلى الرغم من كم التنظير الهائل حول لامركزية العملات الرقمية يبدو أن أيام شبكة صك النقود عبر أجهزة لابتوب من المنزل أو المكتب أو المقهى، باتت معدودة بعد أن صارت حكرا على شركات ذات موارد ضخمة مسخرة لتشفير تلك الوحدات النقدية بأدوات أكثر تطورا.إلا أن ذلك سيكون نذير شؤم على شركات صناعة الرقائق العملاقة مثل «أدفانسد مايكرو ديفايسيز» أو «إيه إم دي» و«إن فيديا» التي أنتجت كرت الجرافيكس الذي استخدم أساساً في صياغة المعادلات اللوجاريتمية المعقدة لضمان وتأكيد التعاملات. وقد صممت تلك الكروت لمعالجة رسوميات الألعاب المتطورة ومن هنا كان أداؤها ممتازاً في معالجة البيانات المتكررة.لكن هذه الشركات عجزت عن تلبية طلب بتكوين المتصاعد على طاقات حوسبة أقوى في كل عملية مالية. وقد كان أداء كل من سهم شركة «إيه إم دي» و«إن فيديا» أفضل من اسهم غيرهما في القطاع خلال السنوات القليلة الماضية نظرا لتلبيتهما متطلبات أنشطة تشفير العملات، إلا أن السهمين فشلا في مجاراة معدلات صعود بتكوين ذاتها.فيما يخص بتكوين على الأقل يبدو أنه لا مفر أمام شركات توريد التجهيزات التي تصك هذه العملة الرقمية من الانخراط في السلسلة بكل مكوناتها، أي صنع أجهزة التشفير واستخدامها ذاتيا وبيعها للغير فضلا عن الاتجار بالعملة. ومن الصعب أن تتصور شركة يزيد رأسمالها عن 100 مليار دولار تشارك المستثمرين في مثل هذه المهام.لدينا مثال شركة «بيتامين» أكبر شركة لصك العملة المشفرة «بتكوين». هذه الشركة تشغل 250 ألف جهاز كمبيوتر في منطقة «إنر مانجوليا» الصينية من أجل تحقيق عوائد لا تزيد عن 250 ألف دولار يومياً أو 91 مليون دولار سنويا. فما الذي يحفز شركة صناعة رقائق ضخمة لمنافستها؟ فحجم عوائد بتكوين البالغ 6 مليارات دولار على مستوى العالم ليس جديرا بهذه المغامرة.أما منافستها الأولى «إثيروم» فلها قصة مختلفة، وقد ساعدت على تنشيط مبيعات كل من «إيه إم دي» و«إن فيديا». فاللوجاريتمات التي تستخدمها مختلفة عن تلك التي تستخدمها بتكوين وهي تناسب شركات التقنية التي تنتج رقائق تعرف باسم «جي بي يو» التي تبيعها شركات مدرجة أكثر من الرقائق التخصصية. وقد دفع ارتفاع أسعار هذه الرقائق في مايو/أيار شركات صك العملات الرقمية للبحث عن أرباح أسرع وهذا أدى إلى فقدان رقائق «جي بي يو» من الأسواق. لكن هذا المهرجان قد لا يطول فحتى تحقيق الأرباح لدى شركة «إيثروم» بات أصعب كما هو حال بتكوين. ويسعى مطورو «إيثروم» لإجراء تغيير جذري بحيث يصبح من يملك كميات أكبر من الكوبونات المطروحة حتى الآن أهم من الذين يملكون برمجيات الصك الأقوى. ويتوقع بنك «مورجان ستينلي» أن تتراجع عوائد «إيه إم دي» من بيع الرقائق من 1.5 مليار دولار إلى 1.2مليار خلال عام 2017. أما إذا تراجعت مشتريات «إيثروم» من الرقائق فلا بد للفقاعة أن تنفجر.ومع تداول أسهم شركة «إيه إم دي» عند 100 ضعف معدل ربح السهم لهذا العام حسب بيانات بلومبيرج وأسهم «إن فيديا» عند خمسين ضعفا، يصبح أي تراجع في الطلب على رقائق التشفير مصدر قلق. فالقسم الأكبر من تضخيم تقييمات السهم مرده إلى توقعات مرتفعة بالطلب على تلك الرقائق وعلى برمجية «إي سبورت» وبرمجيات مراكز البيانات. ومن الخطأ ربط تلك التقييمات بالنمو المستقبلي في الطلب وهو غير مؤكد.ولا تزال شركات صناعة الرقائق تعلق الآمال على تطور قواعد تشفير العملات الرقمية نحو الأفضل. وتراهن على منصات جديدة مثل «بتجولد» في انتشار لوجاريتمات التشفير على نطاق البيت والمكتب والمقهى كما كانت. ولكن؟ * محلل مختص في «بلومبيرج»
مشاركة :