الرغبة في الكشف عن نقاط الإبداع في المشروعات التجارية، الهدف الأول لرحلة بحث الشاب الإماراتي، عبدالله الكعبي، الطويلة عن تجارب التميز والتفرد التي كرسها منذ انطلاقته الأولى في الحياة المهنية، حيث نجح في الاستفادة من دراسته الأكاديمية في مجال إدارة الإبداع والتغيير عبر ابتكار مشروع ثقافي رائد، أسس من خلاله معهد «الرمسة» لتعليم اللهجة الإماراتية للأجانب، الأمر الذي فتح أمامه آفاقاً رحبة لمشروعات جديدة يمكن تحويلها من مجرد أحلام إلى واقع ونجاحات ملموسة. حبل أفكاري تحدث عبدالله الكعبي عن المصادفة الجميلة التي لعبت دورها في نشر كتاب «حبل أفكاري»، بعد أن بقي الكتاب سجين الأدراج لسنوات طويلة. ويتضمن الكتاب خواطر ومواقف مرّ بها الكعبي، وقرر الاحتفاظ بها لنفسه، إلى أن صادف أن أطلع عليها أحد الأصدقاء، فأقنعه بطباعتها بعد أن اعتبرها انعكاسات نفسية موجهة للمجتمع، في الوقت الذي تحدث المبدع الإماراتي عن مشروع روائي جديد سيرى النور قريباً في معرض أبوظبي للكتاب العام المقبل. 650 طالباً منذ افتتاح المعهد في منتصف عام 2014. 3000 ساعة تدريس في معهد الرمسة لتعليم اللهجة الإماراتية لغير الناطقين بـ«العربية». 4000 نسخة من معجم الرمسة في إصداره الأول. الكعبي كشف، أخيراً، عن انتهائه من إعداد «تقويم عام زايد»، المنتج الإبداعي الجديد الذي سيتضمن 52 مقولة من مقولات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، رحمه الله، موزعة على أسابيع العام المقبل، مزينة برسومات خاصة بريشة رسامة إماراتية قامت بتجسيد هذه المقولات على مدار العام. حلم «الرمسة» الأولى في حواره الخاص لـ«الإمارات اليوم»، تحدث عبدالله عن تأسيسه لمعهد «الرمسة» في منتصف عام 2014، بالتعاون مع زميلة الدراسة، حنان الفردان، التي تتولى أيضاً مهمة تدريس الطلاب الأجانب مفردات وأصول اللهجة الإماراتية، حيث يقول «لم تكن مهمتنا سهلة في البداية، لكن الرغبة الحقيقية كانت دافعنا الأساسي، والمحفز على تحقيق هذه الخطوة والانتقال إلى مراحل أخرى، وذلك بعد أن رفضت العديد من الجهات الرسمية والخاصة فكرة المعهد في البداية، كما أن مشكلة التمويل كانت هاجساً استطعنا تجاوزه مع مرور الوقت»، ويتابع «لا أنكر أنني أحببت منذ البداية أن ينبثق المشروع من حصيلة مجهوداتنا الشخصية، ويندرج ضمن حدود قدراتنا المالية، وذلك لقناعتنا أن التمويلات الحكومية تحتاج إلى الكثير من الوقت والإجراءات الروتينية، وقد أثبتت الأيام صحة توقعاتنا، خصوصاً أن هناك العديد من المشروعات والأفكار الخلاقة التي لاتزال حبيسة الأدراج إلى اليوم». وحول الأصداء والنجاحات التي حققها المعهد منذ انطلاقته، يشير عبدالله إلى الخطوات التي سبقت إطلاق هذا المنجز الإبداعي، ومنها التحضير للمنهاج الدراسي المقرر، الذي تم العمل عليه بجهود شخصية، ومن ثم عرضه على الباحث، سلطان العميمي، في أكاديمية أبوظبي للشعر، للتدقيق والتأكد من المضامين، إلى جانب تقديم دورات مجانية للطلاب الأجانب، وتعديل المنهج المقرر بناء على الملاحظات والتجربة الدراسية، إذ يندرج الهدف الأساسي ضمن تدريس مفردات اللهجة الإماراتية لغير الناطقين باللغة العربية، ويتابع الكعبي حديثه قائلاً «لدينا الآن 25 مواطناً ومواطنة يقومون بتدريس اللهجة الإماراتية، وهو كادر أكاديمي مهيأ خضع فيه الجميع إلى دورات تدريبية متخصصة، بالإضافة إلى انخراط أعضائه في دورات المدرسين القدامى من أجل التعرف على طرق وأساليب التعامل مع الأجانب، وسبل تدريس اللهجة المحلية بآليات بيداغوجية متجددة، وابتداع طرق جديدة في التدريس من خلال خدمة الأونلاين والـ(واتس أب) التي أدرجها المعهد أخيراً على الهواتف المتحركة، بعد أن لمسنا رغبة الكثير من الأجانب في تعلم اللهجة الإماراتية، خصوصاً من خارج الدولة». مشروعات سباقة على صعيد متصل، يكشف عبدالله الكعبي عن قرب طرح الإصدار الثاني من معجم الرمسة، الذي تم إنجازه بالتعاون مع حنان الفردان، وذلك بعد الإصدار الأول في عام 2015، ويضيف «تم توزيع ما يزيد على 4000 نسخة من الإصدار الأول للمعجم المعتمد من أكاديمية الشعر في أبوظبي والمكتبة الوطنية، وهو المعجم الأول والوحيد في دولة الإمارات الذي يضم أكثر من 1500 مفردة وعبارة إماراتية محلية»، ويتابع «قبل نهاية هذا العام سيتم إصدار النسخة الثانية من هذا المعجم، الذي يتضمن 19 قصة واقعية، و20 مثلاً من الأمثال الإماراتية، كما سيتضمن مفردات جديدة قام بمراجعتها وتدقيقها واعتمادها سلطان العميمي، الذي يعد مرجعاً قيماً في هذا المجال». وفي ما يتعلق بالمشاركات والتكريم، تحدث الكعبي عن قرار عدم مشاركته مستقبلاً في الفعاليات الوطنية التي تحتفي بالمبدعين الشباب، التي خذلته مرات عديدة على حد تعبيره، حيث يقول «في بداية مشروع الرمسة كنا كفريق عمل متحمسين للمشاركة في هذه الجوائز والمسابقات، لكننا سرعان ما أصبنا بالإحباط بعد أن وصلتنا ردود تفتقر إلى المنطق في تقييم المشاركات، لذلك قررنا العمل على تطوير أدواتنا ومشروعاتنا خدمة للمجتمع بعيداً عن بريق الأضواء»، ويضيف «وصفت إحدى المسابقات والجوائز المحلية معجم الرمسة بأنه مشروع غير مجدٍ اقتصادياً ولا يحقق عائداً مادياً، لهذا السبب قررنا الابتعاد عن هذه النوعية من المسابقات مادامت الأمور تُحاكم بهذا الشكل والأسلوب». إبداعات صينية لا يكتفي عبدالله الكعبي بمشروعاته الرائدة في مجال تعليم اللهجة الإماراتية لغير الناطقين بـ«العربية»، بل يتعداه إلى مفهوم أكثر توسعاً، ينتهج فيه نهج الترجمة المفتوحة على الإبداعات العالمية الرائدة، حيث يتحدث مطولاً عن «دار دراغون للطباعة والنشر» التي تتولى الآن ترجمة عيون الكتب الصينية في مجال أدب الأطفال واليافعين، إلى جانب جملة من كتب الحكمة والطب الصيني القديم، قائلاً «انتهينا اليوم من ترجمة تسعة كتب أدبية من أصل 200 كتاب من الأدب الصيني، تم الحصول على حقوق ترجمتها إلى اللغة العربية بالتعاون مع عدد من المترجمين الصينيين والعرب»، وأضاف «مع نهاية عام 2018 نتمنى أن ننجز هذا المشروع الأدبي والثقافي كاملاً، وتوفير ما يزيد على 200 كتاب مترجم عن الصينية للمكتبة العربية».
مشاركة :