شهد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة رئيس جامعة الشارقة، الجلسة الختامية للمؤتمر الدولي الثالث لتاريخ العلوم عند العرب والمسلمين، الذي نظمته جامعة الشارقة وقدمت فيها ثلاث محاضرات متنوعة. وتحدث في بداية الجلسة الدكتور حميد مجول النعيمي مدير الجامعة مرحباً بسموه لتشريفه المؤتمر ورعايته، مشيراً إلى أن المؤتمر صار هويةً للجامعة، وأثبت أهميته الكبيرة، حيث يسعى لدراسة العلوم التي قدمها العلماء العرب والمسلمون جميعاً وربطها بالمعاصرة والتكنولوجيا التي يعيشها العالم اليوم. بعدها تحدث صاحب السمو حاكم الشارقة مرحباً بالضيوف وشارحاً فكرة الدارة وهدف سموه من إنشائها قائلاً: «نرحب بكم في دارة الدكتور سلطان القاسمي والتي هي كل ما تثقفت به، واطلعت عليه من العلم والمعرفة وضعته في هذا المكان، وآمل أن يستفيد منه الآخرون، هذه الدارة تحوي أقدم الأشياء من ناحية التصوير والمخطوطات والوثائق والمقتنيات، وهي لم تزل في طور البناء والإضافة، ونحن لا نحرم الناس من زيارتها وهي لاتزال في طور الترتيب».وعن أهمية المؤتمر، ودور العلماء العرب والمسلمين السابقين والبحث العلمي، قال صاحب السمو حاكم الشارقة: «لكن بالنسبة لمؤتمركم هذا، نحن نعرف أن الغرب استفاد من المسلمين استفادة كبيرة، حيث انتقلوا من الظلام إلى النور، وهذه الفترة لم تُؤرّخ، ولا يعرف معظم الباحثين من أين وصلت هذه العلوم إلى أوروبا؟ أحد ينسبها إلى الأندلس، وأحد إلى فرنسا».وعن جهود سموه في هذا الجانب، قال صاحب السمو حاكم الشارقة: «لكن أنا اشتغلت على هذا الجانب، وقلت حتى أثبت بالحقيقة واليقين كيف دخل العلم إلى أوروبا. ولديّ الطبعات الأولى من الترجمات من العلوم العربية إلى الأوروبية عن طريق اللغة اللاتينية، وأوّل نقل إلى اللغة اللاتينية للقرآن الكريم، كذلك اقتنيتها، لتكون هذه الكتب إثباتاً في صورةٍ مُحققة. إنّ هذه هي الصورة التي دخل بها العلم والمعرفة إلى أوروبا. آمل إن شاء الله أن جزءاً من هذه النسخ سيُهدى إلى مؤسسة الشارقة الدولية لتاريخ العلوم عند العرب والمسلمين ليكون مادة للبحث العلمي».وشرح سموه معاناة الباحثين في الحصول على الوثائق، قائلاً: «نلاحظ أن مراكز البحث العلمي منتشرة في كل مكان، والوصول إليها صعب، خصوصاً عندما يكون هناك بعض الحواجز وبعض الترتيبات. وأنا ربما أوتيت من الوسائل والمركز والسمعة، فتفتح لي الأبواب، وأقول كثيراً من يفرش لي البساط الأحمر في الاستقبال، ولكن هل هذا دائم؟ أقول..لا، ليس بدائم. أنا كنت في المركز الوطني للوثائق في لشبونة في البرتغال، وتقريباً كأنني منعتُ من الحصول على وثيقة معينة. وكنت قبل ذلك ذهبت أطلع على مخطوطة موجودة في جاوة في إندونيسيا، وقطعت مسافة طويلة من الشارقة إلى هناك حتى وصلت إلى مركز الوثائق، ولم أستطع الحصول على ما أريده، فرجعت. إذا كان هذا ما حدث لي، فكيف يكون الحال مع الآخرين؟».وأضاف سموه: «لذا آليتُ على نفسي أن آتي بكل هذه المادة وأضعها بين أيدي الباحثين، لكيلا يكون هناك عناء في البحث العلمي خصوصاً في التاريخ. أقول إن هذا المكان سيكون بإذن الله مركز إشعاع لكل الباحثين، وأنا قلت إنه في مراكز كثيرة ولا أقول إننا ننافس المراكز الأخرى، لأنه كلٌ بتخصصه، والتخصص هنا أكثره دراسات عن دول الخليج العربي وغيره. ونأمل أن توجهوا الباحثين الذين يريدون أن يبحثوا في كل المجالات أن يتصلوا بالدارة وستقدم لهم كل التسهيلات».بعدها بدأت الجلسة، حيث قدم فيها كل من الدكتور صالح شيباني من جامعة قابوس بسلطنة عمان ورقة علمية عن المعاني الفلكية وتطبيقاتها التاريخية في البيئة العمانية، تحدث فيها عن اهتمام العمانيين بعلم الفلك وتطبيقاته في الأنشطة الإنسانية مثل الزراعة وبناء المساكن والمواسم وغيرها. وقدم أ. د. أحمد جبار أستاذ الفيزياء الفخري في جامعة ليل بفرنسا ورقة علمية تناول فيها تطبيقات الرياضيات العربية في المجتمع الإسلامي، مثل الفرائض وعلم الحديث والممارسات الفنية والهندسية والمعمارية. كما قدم أ. د. روجيه حجار من لبنان ورقة علمية ناقشت واقع علم الفلك والعاملين في مجاله في الوطن العربي، مشيراً إلى النقص الكبير في الباحثين والمراصد العلمية. في نهاية الجلسة قدم العلماء والباحثون المشاركون في المؤتمر الدولي الثالث لتاريخ العلوم عند العرب والمسلمين الشكر والتقدير إلى صاحب السمو حاكم الشارقة على رعاية المؤتمر وتشريف سموه بالحضور، معربين عن سعادتهم بالمشاركة في المؤتمر الذي يؤصل الهوية العربية والإسلامية، ويبين التاريخ الأصيل والحضارة. بعدها قام صاحب السمو حاكم الشارقة بتكريم مجموعة البطحاء الراعي الرئيسي للمؤتمر، ودارة الدكتور سلطان القاسمي للدراسات الخليجية. وكان صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة رئيس جامعة الشارقة، قد احتفى بالعلماء والباحثين من ضيوف المؤتمر الدولي الثالث لتاريخ العلوم عند العرب والمسلمين من مختلف دول العالم، وذلك على مأدبة غداء في دارة الدكتور سلطان القاسمي.واصطحب صاحب السمو حاكم الشارقة الضيوف بحضور علي المري رئيس الدارة، والدكتور حميد مجول النعيمي مدير جامعة الشارقة ونوابه وعدد كبير من الأساتذة، في جولة تعريفية في أقسام وقاعات الدارة، مقدماً سموه شروحات مفصلة عن مقتنيات كل قسم من أقسام الدارة.وتوقف صاحب السمو حاكم الشارقة عند أهم مقتنيات الدارة مثل قاعة الميداليات التي تضم مرضوف القواسم، والعملة المسماة (بيزا) وهي عملة نحاسية صغيرة أنتجت في لنجة العام 1831-1832. كما قدم سموه شرحاً لميدالية أهديت إلى الشيخ راشد بن مطر القاسمي في العام 1202م، إلى جانب العديد من المقتنيات النادرة. وتجول سموه مع الضيوف في مختلف قاعات الدارة، حيث شاهدوا مجموعات مميزة ومختلفة من المخطوطات التاريخية والمصادر والمراجع، إلى جانب المقتنيات المتنوعة ونماذج من الكرات الأرضية والسماوية والسفن القديمة، والعديد من الخرائط التاريخية، وصور نادرة لشيوخ الإمارات والشارقة، وصور سموه والشهادات العلمية والفخرية لسموه.
مشاركة :