وزير الخارجية الأميركي يؤكد أن إيران تقوم بأعمال شريرة تزعزع الاستقرار في الشرق الأوسط وتدعم حزب الله الإرهابي.العرب [نُشر في 2017/12/08، العدد: 10836، ص(2)]التفاف فرنسي حول الحريري بيروت - تستضيف العاصمة الفرنسية باريس، اليوم الجمعة، اجتماعا لمجموعة الدعم الدولية للبنان، برعاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ومشاركة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، الذي اصطحب معه كلا من وزير الخارجية جبران باسيل وسفير لبنان لدى فرنسا رامي عدوان. وتسعى فرنسا إلى تثبيت دعائم “التسوية السياسية الجديدة” بلبنان التي كانت أحد أبرز رعاتها والتي تراجع الحريري بمقتضاها عن الاستقالة، وذلك عبر إحاطة لبنان بدعم مالي وسياسي دولي، يكرّس استقراره في ظل ظرفية دقيقة تمر بها المنطقة. ولعبت باريس دورا محوريا في إقناع رئيس الوزراء سعد الحريري بالعدول عن استقالته المفاجئة التي أعلنها من العاصمة السعودية الرياض في الرابع من نوفمبر الماضي على خلفية استمرار حزب الله في تدخلاته في المنطقة، والتي وضعت لبنان تحت مقصلة العقوبات. وأعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأربعاء، عن سروره بالقرارات التي شهدها لبنان في الفترة الأخيرة والتي من شانها أن تدعم الاستقرار في هذا البلد، في إشارة إلى تراجع الحريري عن قرار الاستقالة الذي أعلنه في ختام جلسة لمجلس الوزراء الثلاثاء. وقال ماكرون، في مؤتمر صحافي في ختام زيارة للجزائر، إن الرئيس ميشال عون، تمسك ببقاء الحريري رئيسا للوزراء، معتبرا ذلك من العوامل التي ستساعد على تهدئة الوضع وتدعم الاستقرار. وأوضح أن اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان، الذي تستضيفه العاصمة الفرنسية، سيكون تحت وصاية الأمم المتحدة ويحضره سعد الحريري، والعديد من وزراء خارجية الدول. وكان اجتماع مجموعة دعم لبنان مقررا في أوائل العام المقبل، بيد أن الرئيس الفرنسي ارتأى تقديم موعد انعقاده، في رسالة دعم واضحة لاستقرار لبنان وتحصينه من أية هزات قد يتعرض لها على ضوء التحولات الدراماتيكية التي تشهدها المنطقة العربية.معين المرعبي: الاجتماع سيكون لدعم لبنان سياسيا، في ظل الوضع الإقليمي الحالي وتضم مجموعة الدعم الدولية الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن (الولايات المتحدة الأميركية، بريطانيا، فرنسا، الصين وروسيا)، إضافة إلى ألمانيا وإيطاليا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية. وكان لافتاً دعوة مصر إلى المشاركة في اجتماع اليوم، الذي يعقد على مدى يومين. وهو ما أعادته مصادر إلى الدور المهم والكبير الذي قامت به القاهرة لحفظ استقرار لبنان، لا سيما منذ إعلان الحريري استقالته. وفي وقت سابق أعلنت الخارجية الفرنسية أن الحريري سيلتقي، في باريس، كبار مسؤولي المجموعة، بينهم وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، الذين يريدون دعم العملية السياسية في لبنان، بعد الأزمة الأخيرة. وتقول أوساط سياسية لبنانية إن مشاركة تيلرسون في الاجتماع تعكس في واقع الأمر رغبة أميركية في استمرار الغطاء الدولي الحامي للبنان، وإن كان الوزير الأميركي لن يترك الفرصة تمر دون أن يؤكد أن هذا الدعم يبقى مشروطا لجهة ضرورة تطبيق سياسة “النأي بالنفس قولا وفعلا”. وتبدو الولايات المتحدة غير راضية عن مسار الأمور في لبنان لجهة تغوّل حزب الله الذي تصنّفه تنظيما إرهابيا في مفاصل الدولة، فضلا عن تنامي حضور الحزب في أكثر من جبهة خارجية، ولكن رغم ذلك فإن الدوائر الرسمية الأميركية ما تزال على قناعة بضرورة تحييد هذا البلد عن أزمات المنطقة. وتعمل واشنطن على انتهاج سياسة متدرجة في الضغط على حزب الله المدعوم من إيران عبر توسيع دائرة العقوبات المالية التي باتت تستهدف شخصيات ومؤسسات تتعامل معه، مع الحرص على ألاّ يتضرر لبنان من تلك الإجراءات. وأعلن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون الخميس أن “إيران تقوم بأعمال شريرة تزعزع الاستقرار في الشرق الأوسط ومنها دعم منظمات إرهابية كحزب الله”. ويرى مراقبون أن فرنسا ستحرص على إنجاح اجتماع الجمعة، الذي من المنتظر أن يؤكد المشاركون فيه على دعم لبنان سياسيا وخاصة اقتصاديا وأمنيا، بالنظر إلى التحديّات التي يواجهها هذا البلد. وتعتبر فرنسا لبنان (الذي احتلته بين عامي 1920 و1943) مركز نفوذها الأساس في الشرق الأوسط، من نواح استراتيجية واقتصادية وعسكرية؛ نظراً إلى موقع لبنان المهم، ونشاط قطاعه المصرفي الكبير، ووجود عشرات الآلاف من اللبنانيين في فرنسا أو من حاملي الجنسية الفرنسية، الذين لديهم نفوذ مالي واقتصادي في أفريقيا. وقال وزير الدولة اللبناني لشؤون النازحين، معين المرعبي، إن “الاجتماع سيكون لدعم لبنان سياسياً، في ظل الوضع الإقليمي الحالي، وبعد الأزمة التي مرّ بها، وأتوقّع أن يكون هناك دعماً اقتصادياً للحكومة”. وشدد المرعبي “من المفروض أن يتم دعم البلد، الذي يتحمل ما لا يحتمل بالنسبة لعدد النازحين السوريين على أراضيه، مقارنة مع مساحته”، مؤكدا على أنّ “اللبنانيين دقوا جرس الإنذار للقريب والبعيد بشأن أزمة النازحين، وعلى المجتمع الدولي تحمّل مسؤولياته كي لا تنفجر الأزمة بوجه الجميع″. ويقدّر عدد اللاجئين السوريين المسجّلين لدى المفوضيّة السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، للعام 2017، بنحو مليون وسبعمئة ألف (إضافة إلى حوالي 300 ألف غير مسجلين)، أي أكثر من ثلث عدد اللبنانيين. وقال الخبير في العلاقات اللبنانية- الفرنسية، وليد عربيد، إن “اجتماع الجمعة يهدف إلى تأمين الاستقرار والسيادة والاستقلال للبنان، بعد تقديم الحريري استقالته ثم عدوله عنها”. واعتبر الخبير اللبناني أن هذا “الاجتماع هو خطوة أولى نحو إقامة تسوية شاملة في منطقة الشرق الأوسط، وهو يهدف إلى قراءة التطورات اليمنية، والأزمة السورية، خصوصاً أن لبنان من الممكن أن يكون له نصيب مالي في إعادة إعمار سوريا”. وأنشأت مجموعة الدعم الدولية للبنان، عام 2013، من قبل الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، بان كي مون والرئيس اللبناني حينها، ميشال سليمان. وتهدف المجموعة إلى حشد الدعم والمساعدة لاستقرار لبنان الذي تضرر كثيرا بفعل الأزمة السورية المستمرة منذ سنوات.
مشاركة :