شركات التكنولوجيا العملاقة إلى الاعتماد أكثر فأكثر على الخدمات المدفوعة، وتقديم مزايا إضافية لإغراء المستخدم بدفع المال بالاتفاق مع شركات إنتاج المحتوى، وهو ما يخطط له موقع يوتيوب التابع لشركة ألفابت. ونقلت شبكة بلومبرغ عن أشخاص مطلعين قولهم إن يوتيوب يخطط لتقديم خدمة بث موسيقي مدفوعة في مارس المقبل. وبالفعل وقعت شركة “وارنر ميوزيك غروب” للتسجيلات على اتفاق مع يوتيوب، في حين تجري “سوني ميوزيك إنترتينمنت” و”يونيفيرسال ميوزيك غروب” و”ميرلين” -وهو كونسورتيوم يضم شركات تسجيلات مستقلة- محادثات مع موقع بث المقاطع المصورة. وستتنافس الخدمة، التي يشار إليها داخليا باسم “ريمكيس”، مع عروض مماثلة من سبوتيفاي وشركة أبل. ويبدو أن شركات الإنترنت تجاوزت السؤال “هل سيدفع الناس مالا مقابل موسيقى متوفرة أصلا على الإنترنت؟ الذي انطلق قبل سنوات عندما اقترح إمبراطور الإعلام روبيرت مردوخ طريقة لتسويق الأخبار عبر إجبار المستخدمين على دفع مقابل لتصفح مواقع الصحف على الإنترنت. وكانت شركة أبل، التي أحدثت ثورة في الموسيقى الرقمية مع إطلاقها قبل 16 عاما متجر “آي تيونز” عبر الإنترنت، قد باشرت خدمة البث الموسيقي التدفقي في يونيو 2015. واعتبر تيم كوك المدير التنفيذي أن “الموسيقى جزء هام من حياتنا وثقافتنا، وأبل سوف تغير وإلى الأبد طريقة تذوق وانتقاء الموسيقى”. ودمجت خدمة أبل بين تحميل الموسيقى وبث الراديو وبث الموسيقى في تطبيق واحد، وتلتقط اهتمامات المستخدم وتقترح عليه اقتراحات ذكية للأغاني التي يسمعها. ووفرت في بداية إطلاقها أكثر من 30 مليون ملف صوتي، متوفرة في 100 دولة حول العالم. وأتاحت الخدمة للفنانين تحميل ورفع الألبومات والصور وتوجيه منشورات وإعلانات إلى معجبين، حيث تكون لكل فنان صفحة يستطيع المعجبون الوصول إليها ومتابعتها. كما تساعد المستخدم على تشغيل مقاطع معينة، حيث يمكن مثلاً طلب أغنية معينة، أو تشغيل أغنية محددة لمطرب معين أو مقطع من سيمفونية أو مقطوعة موسيقية، ويمكن أيضاً السؤال بشكل عام أكثر مثل “شغّل المقطع الأكثر انتشاراً عام كذا” كما وفرت داخل التطبيق الخاص بالخدمة محرك بحث للمكتبة الصوتية الضخمة.شركة "وارنر ميوزيك غروب" للتسجيلات وقعت على اتفاق مع يوتيوب، بينما يجري التفاوض مع شركات أخرى لكن يوتيوب يحاول أن يحجز لنفسه مكانا متقدما، إذ يستكمل بهذه الخدمة مبادرات سابقة، حيث دشن في 2016 خدمة باشتراكات لتصفح المقاطع المصورة دون ظهور إعلانات وتضم بعض المحتويات الحصرية التي يمكن استخدامها بعد ذلك على الأجهزة دون الاتصال بالإنترنت. وتسمح هذه الخدمة، التي تحمل اسم “ميوزيك كي” وتبلغ قيمة الاشتراك فيها 9.99 دولار شهريا، بالاستفادة من خدمة “غوغل بلاي أُول أكسيس” للألعاب، وأيضا خدمة “أُول يو كان ايت” لتشغيل الأغاني على الإنترنت وتحميلها. لكن شركة غوغل قالت إنها وقعت اتفاقات مع المئات من شركات الخدمات الموسيقية. وساعد هذا الاتفاق غوغل على ضم مقاطع من فنانين من أمثال بيلي براغ الذي قال سابقا إن يوتيوب يحاول “الضغط” على شركات للموافقة على “رسوم مخفضة” عبر تهديدها بمنع نشر موادها تماما إذا لم تشارك في هذه الخدمة. وبالإضافة إلى المقاطع الموسيقية للألبومات الغنائية، فإن خدمة “ميوزيك كي” تتيح تحميل تسجيلات الحفلات ومقاطع الريمكس والأغاني النادرة “التي لم تطرح في الأسواق” والأغاني التي سبق أن سجلها أشخاص آخرون. وتصف شركة يوتيوب نفسها بأنها “أكبر خدمة للموسيقى في العالم”، لكن يعتقد أن غوغل بلاي في مركز متأخر عن سبوتيفاي. وقال أحد الخبراء إن الخدمة قد تشجع البعض على الانتقال إلى الخدمة الجديدة والاستغناء عن خدمات أخرى. في المقابل، تواصل خدمة سبوتيفاي السويدية نموها، وقامت مؤخرا باستحواذ جديد لتتمكن من التفوق في منافستها، وهذه المرة على “ساوند تراب” التي تسمح بتأليف الموسيقى والأغاني عبر الإنترنت من خلال العمل ضمن استديو متخصص. وستستفيد منها سبوتيفاي بمساعدة الفنانين الجدد والصاعدين على تأليف أعمالهم بسهولة عبر الإنترنت ونشرها على خدمة البث الموسيقي. ويمكن القول إن خدمة الشركة مشابهة لتطبيق من أبل لتأليف ومزج المقاطع الموسيقية وإضافة المؤثرات إليها. واتجهت سبوتيفاي كذلك إلى الاستحواذ على شركات ناشئة صغيرة لتطوير ميزة اقتراح الموسيقى، ولديها خدمة مجانية تتخللها إعلانات ما يرفع إجمالي مستمعيها، وقد تأسست قبل تسعة أعوام وتدفع الشركة أكثر من 80 بالمئة من عائداتها من الاشتراكات الشهرية لقاء حقوق الأغاني، وتنفق باقي العائدات للتوسع العالمي وتحقيق النمو.كانت سبوتيفاي من أطول الشركات نفساً وأكثر الخدمات من حيث عدد المشاركين وشهدت هيمنة كبيرة على المنافسين قبل أن تتلقى ضربة قوية من خدمة موسيقى أبل وكانت سبوتيفاي من أطول الشركات نفساً وأكثر الخدمات من حيث عدد المشاركين وشهدت هيمنة كبيرة على المنافسين قبل أن تتلقى ضربة قوية من خدمة موسيقى أبل. وحققت رقما قياسيا في عدد مستخدميها النشطين الذين تجاوز عددهم مئة مليون مستخدم في عام 2016. وتستقطب المنصة أهم الفنانين العالميين، وقد هيمن المغني والمؤلف الموسيقي البريطاني إد شيران على خدمة سبوتيفاي للبث الموسيقي التدفقي عام 2017، مع الاستماع أكثر من 3.1 بليون مرة لألبومه “ديفايد” في العالم، وفق ما أعلنت المنصة الموسيقية. وأصبحت أغنيته “شيب اوف يو” في 22 سبتمبر الماضي الأغنية الأكثر استماعاً في العالم عبر سبوتيفاي مطيحة بأغنية “وان دانس” لمغني الراب الكندي درايك التي هيمنت لقرابة عام، وتمثلت كل الأنواع الموسيقية في الأعمال التي يتم الاستماع إليها. وكان جيمس ماكويفي كبير المحللين في شركة “فورستر” للاستشارات البحثية قد تحدث عن المنافسة المحتدمة في هذا المجال، وقال “إذا كنت شخصا يستمع فقط إلى سبوتيفاي ولا يستمع إلى يوتيوب، فإن هذا لن يكون سببا كافيا للتحول من هذا إلى ذاك”. وأضاف “هناك شعور محدد بالارتياح للعادات الرقمية الراسخة التي يتبناها الأشخاص بالفعل”. وتابع “لكن إذا كنت تستمع، كما يفعل العديد من الأشخاص، إلى كل من سبوتيفاي وتستخدم يوتيوب للاستماع إلى الموسيقى، فإن هذا بالفعل سبب للانتقال (إلى خدمة يوتيوب) لأنه لن تتاح لك فقط جميع المقاطع الموسيقية غير المحدودة، إنما أيضا القدرة على الانتقال من الملف الصوتي إلى ملف الفيديو، وهي تجربة مثيرة جدا”. وتوفر خدمة يوتيوب مزايا عديدة مثل تسهيل العثور على الألبومات وتشغيلها من البداية حتى النهاية، وغلاف الألبوم الذي يظهر للأغاني بدون مقطع فيديو، إضافة إلى تجميع قائمة بجميع الأغاني الخاصة بأحد الفنانين. كما توفر إمكانية تشغيل الأغنية السابقة والتالية وتكرار سماع الأغنية مرة أخرى، وذلك لمساعدة المستخدمين على الانتقال بين الأغاني، وتحديد الأغاني الأكثر رواجا والتوصيات للاستماع إلى الأغاني بناء على النشاط السابق للمستخدم.
مشاركة :