القاهرة تتطلع إلى أفريقيا لاقتناص الفرص الاستثمارية الواعدةكشفت مصر عن نواياها بشأن تعزيز استثماراتها في أفريقيا، وذلك من خلال المراهنة على عضويتها في “الكوميسا” لكون دول القارة من بين أهم الأسواق الناشئة نموا في العالم، رغم التحديات التي تعترضها بسبب تغوّل الاستثمارات الصينية هناك.العرب [نُشر في 2017/12/09، العدد: 10837، ص(11)]نحو غزو الأسواق الأفريقية القاهرة – تعول مصر بشدة على تعزيز علاقاتها مع القارة السمراء، لدعم وتنشيط اقتصادها الذي يعاني أوضاعا صعبة منذ ست سنوات ونصف السنة. وتنظم مصر بالتعاون مع الوكالة الإقليمية للاستثمار التابعة لمنظمة السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا (الكوميسا)، مؤتمر “أفريقيا 2017” الذي تختتم فعالياته السبت بمدينة شرم الشيخ. وتعتبر الكوميسا، التي تأسست عام 1994، وتضم في عضويتها حاليا 19 دولة بعد انسحاب تنزانيا، من بين أكبر المجموعات الاقتصادية حول العالم. وبدأت مصر في توجيه أنظارها نحو السوق الأفريقية، لاقتناص الفرص الاستثمارية باعتبار القارة من أكثر النقاط الاستثمارية نموا في العالم، لتسير بذلك على نهج المغرب الذي وسع من نفوذه الاقتصادي في القارة بشكل لافت. كما تحاول تعزيز تنافسية صادراتها إلى دول العالم والمناطق المشتركة معها في اتفاقيات تجارة حرة، لاستغلال هبوط سعر صرف عملتها المحلية. وقالت وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي المصرية سحر نصر، إن “المؤتمر يشكل فرصة للقاء صانعي السياسات والمؤسسات التمويلية والمستثمرين من أفريقيا وكافة دول العالم، لتحفيز الاستثمار في القطاعات الاستراتيجية”. وبلغ إجمالي تجارة مصر مع الدول الأفريقية خلال العام الماضي نحو 5.4 مليار دولار منها 2.9 مليار دولار صادرات و2.5 مليار دولار واردات، وفق بيانات صادرة عن الوكالة الإقليمية للاستثمار التابعة للكوميسا.شريف الجبلي: تجمع سوق الكوميسا يشكل فرصة ذهبية لتطوير نمو الاقتصاد المصري ويؤكد شريف الجبلي رئيس غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات، أن تجمع الكوميسا يمثل فرصة ذهبية للاقتصاد المصري إذ يمكن مضاعفة حجم الصادرات المصرية بتعميق العلاقات مع هذه الدول إضافة إلى اقتناص رؤوس الأموال الأفريقية. ودعا الحكومة لوضع أسس استراتيجية من أجل تجاوز كافة العقبات لتعظيم استفادة مصر، التي انضمت للمجموعة الاقتصادية في يونيو 1998 حيث بلغ معدل صادراتها قبل الانضمام نحو 44 مليون دولار ووارداتها 125 مليون دولار. وارتفعت صادرات مصر إلى الكوميسا في عام 2014 لتصل إلى مليار دولار ووارداتها نحو 693 مليون دولار، وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء. وكان مجلس الوزراء المصري قد وافق قبل أسابيع على مشروع قرار بشأن اتفاقية تأسيس منطقة تجارة حرة ثلاثية بين السوق المشتركة لدول شرق وجنوب أفريقيا ومجموعة شرق أفريقيا والجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي. وأشار الجبلي إلى تمتع الصادرات المصرية بميزة تنافسية إلى دول الكوميسا لكونها تعتمد على معايير للجودة أقل من المواصفات التي يعتمدها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وأشار إلى المنافسة القوية من دول جنوب شرق آسيا، إضافة إلى مشكلة الشحن التي تمثل أكبر معوقات التجارة في الدول الأفريقية. ومصر التي تعاني تجاريا، تستفيد من الكوميسا بأشكال متنوعة، أهمها نفاذ صادراتها إلى سوق واسع يتجاوز عدد سكانه 400 مليون نسمة، إضافة إلى التمتع بالإعفاءات الجمركية والرسوم حسب المعاملة بالمثل مع دول التجمع. وتقول هبة سلامة رئيسة الوكالة الإقليمية للاستثمار في الكوميسا إن أفريقيا ستستحوذ على 41 بالمئة من شباب العالم، وهو ما يعد فرصة هائلة يجب استغلالها بشكل جيد في إحداث التنمية. وأوضحت سلامة في تصريحات صحافية أن الحكومات الأفريقية تحتاج لجني ثمار هذا التحول الديموغرافي، إلى ضمان إتاحة فرص عمل كافية لاستيعاب هذا الطلب الضخم.هبة سلامة: أفريقيا سوق كبيرة لذلك يجب استغلال إمكانياتها في إحداث التنمية وأكدت أنه يمكن تحقيق ذلك من خلال استراتيجيات التنمية الشاملة التي تضمن مشاركة القطاع الخاص وزيادة التجارة والتدفقات الاستثمارية في القطاعات المهمة الرئيسية مثل التصنيع والصناعة والزراعة والأعمال الزراعية والبناء. وأشارت إلى أن دول أفريقيا ستحتاج كذلك إلى معالجة العوامل المختلفة التي تحول دون قدرة الصناعات المحلية على إنتاج وتصدير المزيد من السلع وتطوير البنية التحتية وتعزيز التكامل الإقليمي. وخلال السنوات القليلة الماضية، قام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بجولات عديدة للدول الأفريقية، إلى جانب الزيارات المتبادلة للزعماء الأفارقة. وقال السيسي خلال افتتاح المؤتمر إن “مؤتمر أفريقيا 2017 سيركز على قصص النجاح، مع الخروج بتوصيات وأهم الدروس المستفادة منها، ما سيسهم في ابتكار حلول لتحفيز الاستثمار والحث على إيجاد فرص العمل وتحقيق نمو أكثر شمولية”. وأكد أن القارة الأفريقية بحاجة خلال العقد المقبل إلى شبكة طرق حقيقية للمساهمة في تنميتها لأن مشكلة القارة لا تكمن في الموارد اللازمة للتنمية والتطور. وفي سبتمبر الماضي، بحث السيسي ونظيره الجنوب أفريقي جاكوب زوما، في الصين، مشروع طريق القاهرة/كيب تاون، الذي تم تدشينه في 2015 لتعزيز التبادل التجاري وتنمية حركة التجارة بين البلدين، فيما لم تعلن القاهرة الانتهاء منه حتى الآن. ويعتبر المشروع أطول طريق برية تربط بين شمال أفريقيا وجنوبها، حيث يقترب من 10 آلاف كلم لتعزيز التبادل التجاري بين مصر والسودان وإثيوبيا وكينيا وتنزانيا وزامبيا وزيمبابوي والجابون وجنوب أفريقيا.
مشاركة :