كلما تذكرت أني في فترة زمنية سلّمت عقلي لمن يفكر عني بالنيابة، أشعر بالندم

  • 9/23/2014
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

قبل كل شيء احترنا معاك.. مرة نجدك باحثاً اجتماعياً وتارة مفكراً وثالثة كاتباً ومعلماً، ورابعة شيخاً فقيهاً، بربك قل لنا من أنت؟ - مجرد إنسان، يبحث عن إنسانيته.. فهي ضالتي المنشودة متى أجدها فإني أولى بها. فرد ال(حمزة) على من ثاير ثاير؟ - على كلّ مدّعي امتلاك الحقيقة المطلقة، على كل مدّعي الوصاية على الناس، على كل المتحدثين باسم الله بما لم يأمر به الله، على كل عابث ومفسد بالبلاد، على كل عدو للإنسان. محمد الحمزة (الباحث) في الفكر الاجتماعي ماذا وجد؟ - وجدت طريق النور، طريق المعرفة، طريق العقل وجدت الفنون والجمال، وجدت إنسانيتي. إذا سقط العرب من (التاريخ) فهل ستضمن (الجغرافيا) بقاءهم؟ - التاريخ غدّار ويكتبه الطغاة، فكم من حضارة اندثرت وتلاشت، وليس العرب عن غضبة التاريخ بسالمين وليسوا استثناء.. إلاّ إذا عندهم واسطة! ثقافة القتل والاقتتال والغلبة والاعتداء هي ثقافة سيئة يجب أن نزيلها من حياة أمتنا.. كيف؟ - بتصفية الروايات التاريخية التي أسست لهذا (الهياط) الذي اعتبرته شجاعة وبطولة، بالإضافة إلى وجوب سكوت (الوعاظ) من إضفاء المسحة الدينة عليها. (مفاتيح الكتابة) من من تسلمتها؟ - من كل كاتب مبدع استفدت شيئاً، لذا فإني أتتبع ما بين الأسطر للبحث عن أسرار إبداع الكاتب وتألقه. ولماذا كانت (مكة) منبر نشرك؟ صحيفة مكة تمتلك سياسة ذكيّة في استقطاب الأقلام غير التقليدية والمثيرة التي تلامس الواقع الاجتماعي المحلي بجرأة وحكمة واستطاعت جمع كوكبة فريدة من الكتّاب، وكان لي هذا الشرف. قيل إن قلمك يهوى الاختلاف ويحرض على الجدل وينتصر للتعايش المذهبي.. ما دقة هذا الوصف؟ - الاختلاف سنّة الحياة وجمالها، والجدال بالّتي هي أحسن هو أدب قرآني أمرنا الله به، والتعايش مطلب شرعي سبقنا إليه رسول الإنسانية محمد عليه السلام مع اليهود والنصارى في المجتمع المدني فما بالك بالتعايش مع المسلمين، فهو من باب أولى. شخصنةُ المواقف (فخٌ) انفعالي تقع فيه الشخصيات التي تعاني ضعفًا في المعالجة العقلية، كن شجاعاً وقل لنا متى وقعت في هذا (الفخ)؟ - قد أمارسه مع الشخصيات التاريخية ذات المواقف الثابته عنهم، أما الأشخاص الأحياء فإني أحاول تجنب الشخصنة إلى مسألة الفكرة والموضوع المطروح. قلت ذات مرة يقول الله عز وجل:(ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم) وهناك من يسعى لتشريع الدعاء على المسلمين بسبب اختلافهم المذهبي والفقهي والفكري.. والحل بنظرك؟ - لا أدري متى سيدركون أن الله طيب لا يقبل إلاّ طيباً؟! ولا أدري متى سيخرج العلماء والدعاة عن صمتهم لتصحيح هذا المفهوم الضيق للدعاء وسوء الأدب مع الله وسوء الظن به تعالى؟!، فهم بذلك يمارسون أكبر تشويه للدين. تطالب دائماً (بالتعايش) ومع هذا تسل قلمك وتشن هجومك على من يختلف معك.. تبريرك؟ - التعايش يعني الأمن والعدل ولا يعني الحب والموالاة، وهو سنة كونية وأمر شرعي ومطلب وطني، وأعداء التعايش هم أعداء الله وأعداء الحياة وأعداء الإنسانية وأعداء الوطن، ومتى ما أدركوا أهمية التعايش فإني سأرضى عنهم وأتركهم لشأنهم. لو قابلت هؤلاء ماذا ستقول لهم: عيسى الغيث؟ - أنت ظاهرة فكرية نجدية تحمل ثقافة تنويرية واقعية بخلفية علمية سلفية تسعى للتغيير والتجديد. داود الشريان؟ - قلت فأوجعت، اهجهم وروح القدس معك.. محمد العريفي؟ - متى نرى لك جهوداً وطنية في لم الشمل الداخلي ونشر ثقافة التسامح وتقبّل الآخر، مثل ما نصحت المصريين بالتعامل مع الأقباط؟! أحمد بن راشد بن سعيد؟ - أن تصرخ أكثر! المرحلة التي نعيشها الآن كيف تصفها؟ - مرحلة صراع ثقافي ومخاض فكري، ومرحلة تصحيح للمفاهيم التقليدية ونشوء اتجاهات ومسارات جديدة فرضتها الثورة المعرفية المتجردة للحقيقة والعقل. «الصفعة التي لا تتعلم منها.. تستحقها مجدداً»، لمن تقولها؟ - أقولها لكل من لم يتعلم من تجارب الحياة وعبر التاريخ. (خير لك أن تشغل نفسك بالسعي لدخول الجنة؛ أفضل من السعي في إثبات أن غيرك سيدخل النار). هذا ما يقوله علي شريعتي أنت ماذا تقول؟ - لا يضركم من ضل إذا اهتديتم، وإن عليك إلاّ البلاغ. فالجنة والنار بيد الله.. التفكير هم كبير أو راحة عظيمة بماذا تفكر الآن؟ - أفكر بصياغة مشروع وطني للتعايش ونشر السلم الاجتماعي. ماذا تنتظر من المستقبل أن يمنحك؟ - مساحة أكبر من الحب والسلام والأمان. كل إنسان يؤمن بغاية قصوى يريد الوصول إليها، أنت ما غايتك؟ - سيادة الإنسانية بقيمها الكبرى بين البشر. ماذا ترى من (النافذة) المطلة على المجتمع السعودي؟ - أرى الدهشة تعلو الوجوه لتكشف الحقائق التي سعى البعض لطمسها والمتمثلة في جماليات الدين وسماحته وبساطته، ويحتاج المجتمع لوقت حتى يستوعبها ويألفها. المجتمع السعودي إلى أين يسير بنظرك؟ - يسير إلى درب الحداثة والتطوّر، ولنتفاءل بالقادم من الأيام. طيب تخيل أن المجتمع السعودي ينصت لكِ ماذا ستقول له؟ - حرر عقلك.. واستفت قلبك. تحت راية (التجديد) هل اختلط الحابل بالنابل؟ - التجديد هو التحسين والتغيير للأفضل، والمسألة نسبية. على أي الشواطئ ترسو سفنك المتعبة؟ - مع تلاطم أمواج الحياة أسعى إلى شاطئ الشعر ففيه أرواح المحبين وهمسات العشاق وبه تتجدد الحياة ومعهم يشعر المرء بذاته. ماذا بقي لك في (حقيبة) الأماني؟ - أن أمضي بقية حياتي في جزيرة معزولة ليس بها سوى أصوات الطبيعة وبين أحضان السحب أجدد فيها روحي وألقى الله بقلب سليم.. ما (الحماقة) التي ندمت على اقترافها؟ - كلما تذكرت أني في فترة زمنية سلّمت عقلي لمن يفكر عني بالنيابة، عندها أشعر بالندم والحسرة، وألوم نفسي كم كنت أحمق. كل ممنوع مرغوب بصراحة ما الممنوع الذي ترغبه؟ - كل ما تم تحذيرنا منه رجعت أقرأ وأبحث فيه من جديد.. فطَلَعت الفضايح! يعد فن صناعة السؤال من أصعب فنون القول (كما كتب الغذامي). خذ نفساً.. واسأل ماضيك الفارط من بين يديك سؤالاً حاراً؟ - بأي حق حرمت نفسي وحرمت غيري من تذوّق جمال الحياة ولذة الفنون؟ عندها أشعر بغصة في نفسي وتأنيب للضمير.. ينتقدك الكثير لمطالبتك بإلغاء جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. لماذا؟ - مطالبتي هي إلغاء الجهاز وضمه للشرطة وتأهيل موظفيه تأهيلاً أمنياً لدور (شرطة آداب). قيل في المجتمع القبائلي: كلٌّ.. يرى النّاس بعين «ربعه»، ما رأيك؟ - وفي المجتمع الديني: كلٌّ.. يرى النّاس بعين «شيخه». سؤال بلارتوش أمام طلابك هل تطرح قناعاتك وأفكارك التي تدافع عنها أم ماذا؟ - مع طلابي أشجعهم على الحوار وطرح التساؤلات والاختلاف والاستقلالية والحرية في الاختيار وعدم الخوف، ولكن بأدب. أمام طلابك متى شعرت بأنك (واقع في مقلب)؟ - سألني طالب عن تكفير (الشيعة)؛ فقلت: أنا لا أكفر أحداً، وهذه مسألة مرتبطة بالقضاء، وشعرت بأنه يسجل الحوار! وبعدها تم تنبيهي رسميّاً بعدم الخوض في مسائل ليس لها علاقة بالمنهج. بصفتك معلماً ما رسالتك لخالد الفيصل؟ - يا وزير التربية لقد وضعوا في فمي (ماء) حتى لا يصل صوتي إليك! لو طلبت منك سؤالاً لمن ستوجهه؟ - سؤال إلى كل رموز ودعاة التيار الصحوي: هل يرضيكم المستوى الأخلاقي لأتباعكم في تويتر من كذب، شتائم وبذاءة لفظ، تجسس، دخول في النوايا، قذف أعراض؟ ما السؤال الذي تمنيت أن أسالك إياه؟ - هل تهدر وقتك في خيالات وأوهام (التعايش)؟ عندها سأقول لك: سلطنة عمان نموذج فريد للدولة الحديثة التي استطاعت إدارة التنوّع المذهبي والطائفي ووضع قوانين تجرّم الطائفية، والاتحاد الأوروبي جمع شتات دول متعددة الثقافات واللغات والديانات والتوجهات الفكرية حتى أصبح قوة سياسية واقتصادية. لو سمحت انتهت أسئلة هذا الحوار وهذا إغلاق الخمسين ضع تحته ما شئت؟ - أشكر مجلة اليمامة التي أفخر بمتابعتها منذ زمن فقد عشت بين سطورها وتعرفت من خلالها على شخصيات ثقافية متميزة، وإلى مزيد من التألق في صناعة الثقافة وصناعة مجتمع مثقف. ------ * الكاتب والباحث في الفكر الاجتماعي

مشاركة :