نتحدث اليوم في جزء من المقالة السابقة عن تأثير سلوكيات الأفراد، ولكن من خلال إجراء تجربة عقب الاستطلاع لتقييم الآلية التي تكمن خلف العودة إلى عاداتنا، ثم وضعنا استراتيجيتين للتغلب عليها، وقسمنا خلال الدراسة 70 طالبا جامعيا إلى ثلاث مجموعات، قاموا بتجربة معطر جديد للغسيل يتعارض مع ما اعتادوا استخدامه، وبذلك سيكون من السهولة العودة مرة أخرى إلى عاداتهم القديمة. طلبنا من المجموعة الأولى استخدام المنتج على ملابس سبق أن ارتدوها ويرغبون في ارتدائها مجددا. تلقى أفراد المجموعة الثانية التعليمات ذاتها، لكن طلب منهم تحديد متى وأين وكيف يرغبون في استخدام معطر الملابس، على سبيل المثال: عند ارتداء ملابسي صباحا، أقوم بشم الملابس التي أرغب في ارتدائها مجددا، فإذا ما كانت رائحتها غير محببة فسأستخدم معطر الملابس. الهدف من استراتيجية "إذا ــ ثم" أنها تساعد على استخدام المنتج من خلال إيجاد دافع سلوكي ينطوي على تكوين عادة لم تكن موجودة سابقا. مثل باقي المشتركين، تلقت المجموعة الثالثة معلومات أساسية، لكن طلب من المشاركين استخدام معطر الغسيل كبديل عما اعتادوه في عملية الغسيل حينها، أي ما يفعلونه عادة مع الملابس التي ارتدوها سابقا ويرغبون في ارتدائها مرة أخرى. على سبيل المثال، إذا اعتاد الطالب غسل الجينز المتسخ فعليه التوقف عن ذلك والتفكير في أمر جديد "لن أفعل ما اعتدت فعله، وسأستخدم معطر الغسيل بدلا من ذلك". العادات أشبه بمواطن الخلل في السلوك كما هو متوقع، كان المشاركون من المجموعة الثالثة الأكثر نجاحا في استخدام منتج الغسيل الجديد كونهم ربطوه بعاداتهم الحالية، واستخدموا معطر الغسيل أكثر من المجموعة الأولى بنسبة 19 في المائة "13.28 مرة مقابل 11.17 مرة على مدى أربعة أسابيع"، كما كانت نتيجة المجموعة الثانية التي اعتمدت استراتيجية "إذا ــ ثم" مشابهة للمجموعة الأولى. كما تأكدنا أن المشاركين في الدراسة الذين يتبعون عادات صارمة وواضحة في طريقة الغسيل يميلون للرجوع إلى روتينهم المعتاد بغض النظر عن نيتهم في استخدام المنتج الجديد وتقييمهم له، هو أمر مماثل لحدوث خلل في التحكم في السلوك بشكل عقلاني، فحتى عندما يميل المستهلكون إلى استخدام منتج جديد، تبقى العادات عائقا خلال قيامهم بذلك. وجدنا في نهاية المطاف أن المشاركين عادة ما يفشلون في استخدام المنتج الجديد في حال لم يعيروا أهمية كبيرة لعملية غسيل الملابس، فعدم إيلاء الاهتمام يحملهم على العودة إلى عاداتهم القديمة من دون تفكير. ما الذي يتعين على المسوقين فعله؟ على الرغم من كون المنتجات أو الخدمات قد تبدو مرغوبة إلا أنها قد لا تستخدم في حال تعارضت مع السلوكيات الحالية. يشير بحثنا إلى أهمية دراسة العوائق التي تحول دون استخدام المنتج في سياق حياة المستهلك اليومية. وقد يأتي ذلك على شكل بحوث إثنوغرافية "أي مراقبة الأشخاص أثناء استخدامهم منتجا ضمن بيئتهم الخاصة"، وأشكال أخرى من الخبرات الواقعية. كما قد يكون مفيدا وجود تقارير عن الاستخدام الفعلي للمستهلكين. ينبغي للمسوقين الاستفادة من سلوكيات المستهلكين بدلا من محاولة محاربتها. وقد يتعين عليهم النظر في استراتيجيات معينة مثل اتخاذ عادات المستهلك كأساس لاستراتيجيتهم التسويقية. فعندما يتعلق الأمر بالتغيير السلوكي، لا يوجد أسلوب واحد يناسب جميع الحالات، بل العثور على الأسلوب الملائم بين المنتج والعادات الفعلية للمستهلكين. توجد أمور أخرى عديدة يمكن القيام بها عندما يتعلق الأمر بطريقة تعبئة وتغليف أو تصميم المنتجات، ومن الأمثلة الناجحة، المحليات المبيعة في أكياس يسهل حملها، وكذلك أكياس التسوق المصنوعة من النايلون المطوية بحجم صغير، والدراجات الثابتة ذات شاشات ومقابس للسماعات تخول الأشخاص مشاهدة برامجهم التلفزيونية المفضلة أثناء ممارسة الرياضة. في النهاية سيكون الفشل مصير أكثر من نصف المنتجات الجديدة، لكن يستطيع المسوقون النجاح في حال عدم تجاهلهم تأثير عادات وسلوكيات المستهلك، ومن الذي يمتلك القدرة على تحويل عدو سابق إلى صديق؟!author: ويندي وود
مشاركة :