الوضع العربي محزن اليوم ولكن تصريحات شيعة العراق غير مطمئنة. أعتقد أن انتصاراتهم العسكرية المتلاحقة قد أصابتهم بالعجب.العرب أسعد البصري [نُشر في 2017/12/10، العدد: 10838، ص(5)] في قرار يلغي سياسة أميركية قائمة منذ العشرات من السنين ويهدد بإثارة اضطرابات جديدة بالشرق الأوسط خرج الرئيس دونالد ترامب ليعلن اعترافه الصريح بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل. أميركا الدولة العظمى وراعية مفاوضات السلام تقول علنا إن القدس كلها لإسرائيل. أثار هذا القرار المفاجئ اعتراضات عالمية جماعية ونددت به مؤسسات المجتمع الدولي وأنظمته ومختلف حكوماته الغربية والعربية واتفقت على أن قرار ترامب إجراء مثير للاضطرابات في منطقة ملتهبة، ومثل هذه الخطوة تهدد استقرار الشرق الأوسط الذي تكافح فيه الحكومات العربية لمواجهة التطرّف والإرهاب والتوسع الإيراني.خير للعراق البقاء مع العرب في الرد المشترك على ترامب كما هو متوقع انضمت جماعة حزب الله اللبنانية إلى الداعين إلى بدء انتفاضة فلسطينية جديدة ردا على اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل ووعدت بالدعم الإعلامي والمالي والعسكري. ظهر زعيم حزب الله في خطاب مثالي بعيد عن الواقع ونلاحظ هناك تطورا بالنبرة وابتعادا متكررا عن الحماسة والعاطفة لكنه أيضا يتجاهل الواقع. العرب اليوم يعيشون واقعا مأساويا، فالمواطن يبحث عن اللجوء والهجرة إلى أوروبا والشباب لا يرون بلادهم مكانا صالحا للعيش. قضايا مثل القدس والأقصى مهمة بلا شك ولكن الشعوب جرى تعذيبها منذ الربيع العربي. انظر في العراق كيف تهاوت المنارة الحدباء بالموصل. ربما المنارة كذاكرة ورمز للمدينة بالنسبة لابن الموصل تمتلك مكانة مشابهة للقدس، وانظر الاحتقان الطائفي الذي دمر ضمير الشعوب وخرب بيوتها. الشعوب العربية غرقت بمشاكل لم تكن موجودة من قبل وحسن نصرالله يتحدث عن عالم مثالي حيث العربي يحمل هم القدس ويحتجّ على أميركا وإسرائيل. وفي العراق يظهر الزعيم الجماهيري مقتدى الصدر في كلمة حول القدس يدعو السعودية إلى وقف حربها في اليمن وتوجيه تحالفها الإسلامي نحو إسرائيل بعد إعلان الولايات المتحدة القدس عاصمة لإسرائيل. ويهدد بأن لإسرائيل حدودا من سوريا وأنه مستعد لأن يكون أول جندي في الحرب. الوضع تغير والشعوب متعبة جدا. نحتاج إلى فترة هدوء وعلاج للجراح. عندنا 400 ألف طفل سني مشرد في العراق ومخيمات نازحين ومدن مدمرة. نخاف من المشاكل الآن والدولة العراقية تحاول ترميم نفسها. لا توجد حماسة كتلك القديمة. لقد تم تفريغ العواطف النبيلة باتجاه الكراهية والحقد المذهبي داخل البلد الواحد. الجميع اليوم متعب ومنهك وفاقد للثقة. الواقع العربي اليوم في أسوأ حالاته، فحتى مجلس التعاون العربي الذي هو آخر صخرة يلجأ إليها العرب يبدو في حالة انشقاق. كنّا نتمنى أن يكون اجتماع مجلس التعاون الخليجي في الكويت بداية حل. وكنّا نتمنى أيضا أن يكون تحرك الرئيس السابق علي عبدالله صالح الأخير حلا لليمن، لكنه فشل في إبعاد الحوثيين عن صنعاء وسقط صريعا في المواجهات معهم. الوضع العربي محزن اليوم ولكن تصريحات شيعة العراق غير مطمئنة. أعتقد أن انتصاراتهم العسكرية المتلاحقة قد أصابتهم بالعجب. إن الغرور دمر صدام حسين من قبل فلم يفهم بأنه بعد الحرب مع إيران أصبح مطلوبا بثأر كبير للشيعة عموما. صار يتخبط ويحتل دولة الكويت ويقصف إسرائيل والرياض. شيعة العراق اليوم بنفس الموقف. لا تجعلوا الغرور ينسيكم الثأر المحيط بكم ولا قدرة لكم على كسب أعداء جدد. قضيتم على داعش هذا صحيح ولكن بخسائر كبيرة في المدن السنية، والعالم ساعدكم على استعادة كركوك الغنية بالنفط والغاز. عندكم خصوم محليون من السنة والأكراد جاهزون للانقضاض على حكمكم بدعم أميركي إذا سببتم الإزعاج للولايات المتحدة. أفضل حل للعراق في التعامل مع قضية القدس هو تفعيل لجنة التنسيق السعودي-العراقي المشترك والتحاور مع المملكة حول الرد العربي الأمثل على قرار ترامب المتهور. هناك قانون دولي ودعوات إلى قمة عربية وكذلك اجتماع مؤتمر التعاون الإسلامي بهذا الشأن. خير للعراق البقاء مع العرب في الرد السياسي المشترك ضد قرار الرئيس ترامب وعدم الانجرار للتصعيد والتهديد العسكري الذي تدعو إليه الميليشيات. كاتب عراقيأسعد البصري
مشاركة :