أقل ما يمكن استدعاؤه فى مثل هذا اليوم هو تذكير الغافلين منا والجاهلين من الناشئة والأجيال التى لم تعاصر الماضى وولدت لتسمع عن انجازات كبرى فى شتى المجالات ولترى نهضة وازدهاراً، لم يأت من فراغ، ولم يكن البترول سبباً فى تحقيقها، فكم من دول حباها الله تعالى بالخيرات، ويعانى اهلها من الحرمان والأزمات. ان ايه نهضة لا يمكن لها ان تتحقق دون استقرار سياسي، وهذا ما فعله الملك عبدالعزيز حين تعامل بحكمة وحنكة مع المتغيرات فى المنطقة، بل وفى العالم، حيث تمكن من توحيد البلاد، والقضاء على سائر الفتن، وصدر المرسوم الملكى بتاريخ 21/5/1351هـ (23/9/1932م)، وفيه اعلن قيام المملكة العربية السعودية، بعد ان ارسى دعائم النهضة الحديثة فى البلاد، وبخاصة بعد اكتشاف البترول واستقرار الحياة، والأخذ بأساليب المدنية والحضارة الحديثة. لم يقتصر اهتمام الملك عبدالعزيز - رحمه الله- على توحيد البلاد، وتحقيق الامن والأمان على المستوى الداخلي وحسب، بل عمل منذ البداية على التواصل مع العالم الخارجي، وكان البعد القومي والاسلامي ماثلا امامه، ولم يغب عنه لحظة، فحسنت علاقاته مع دول الجوار، واحتلت قضية فلسطين باعتبارها قضية عربية – اسلامية، مكانتها من السياسة السعودية وهكذا سار على النهج من بعده ابناؤه، ولعلنا لا ننسى الدور العربي القومي الاسلامي الذي قام به المغفور له – بإذن الله تعالى – الملك فيصل فى حرب اكتوبر عام 1973م، ووقوفه بكل قوة الى جانب الاشقاء فى مصر وسوريا والأردن، وهو ما اسهم فى تحقيق الانتصار على العدو الاسرائيلي. لم تكن مواقف الملك عبدالعزيز وأبنائه من بعده على المستوى العربى والاسلامي إلا داعمة لكل ما فيه الخير للشعوب الشقيقة، وقد شاهدنا – وهذا نموذج نادر – استمرارية هذه المواقف الرجولية الفذة من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي لم يدخر وسعا من اجل وحدة الصف العربي، فكان دعمه اللا محدود للقضية الفلسطينية ماديا ومعنويا وسياسيا ودوليا، ومواقفه الحاسمة الرائعة مع الاشقاء في مصر، حتى عبروا الى بر الامان، وتجاوزوا فتنة لم يكن ليعلم خطورتها على مصر، بل وعلى الامة العربية كلها إلا الله، ومواقفه – حفظه الله – من اجل المستضعفين في سوريا، واضحة وجليلة، وجهوده من اجل الاستقرار في اليمن الشقيق، وفى ارض الرافدين لا ينكرها الا حاقد او لئيم. وما من تواجد اسلامي في العالم بأسره، إلا ووجد دعما ماديا ومعنويا من قبل حكومة المليك المفدى. إنها فراسة ووراثة: فراسة الحاكم القائد الذكي الذي يدرك الارتباط العضوي الابدي بين الاشقاء العرب والمسلمين في كل بقاع العالم، ووراثة الاب القائد الذي علم ابناءه حب الوطن، وحب الامة، بل وحب الانسانية جمعاء، ذلك الاب القائد الذي قال فيه شاعرنا ابن عثيمين: عبدالعزيز الذى نالت به شرفا بنو نزار وعزت منه قحطان مقدم في المعالي ذكره ابدا كما يقدم باسم الله عنوان ملك تجسد في اثناء بردته غيث وليث وإعطاء وحرمان رحمك الله يا عبدالعزيز وجزاك خيرا عما قدمته للبلاد، ورحم الله ابناءك الذين كانوا خير خلف لخير سلف، وحفظ الله قائدنا وزعيمنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وسدد خطاه.
مشاركة :