استفاق العالم أمس، والسوريون على وجه الخصوص، على وقع الضربات الجوية التي بدأها التحالف الدولي الخاص بمكافحة تنظيم "داعش" بقيادة أميركية ومشاركة خليجية عربية. فيما أكد مصدر سعودي مسؤول أن مشاركة بلاده في هذا التحالف؛ تأتي دعما للمعارضة السورية المعتدلة، ودعما للشعب السوري؛ بهدف استعادة أمنه ووحدته وتطوره. وفيما زعم نظام الأسد أن الولايات المتحدة نسقت مع دمشق بخصوص تلك الضربات، نفت واشنطن ذلك الأمر، وذهب المتحدث باسم البنتاجون الأدميرال جون كيربي لما هو أبعد من النفي، بتأكيده أن بلاده حذرت سورية من التعرض لمقاتلاتها. ومن نيويورك، حذر وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، خلال مشاركته في المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، من مغبة التخاذل في الحرب على الإرهاب. ووصف وضع الإرهاب اليوم بأنه "خطير للغاية"، إذ تحولت خلاياه إلى جيوش، وأصبحت مواقع بؤره "دولا" يعبث فيها وبمقدراتها كيفما يشاء، حتى بات "طوقا خطيرا يمتد ليشمل كلا من ليبيا ولبنان وسورية والعراق واليمن"، وهو ما يدعم المطالبة باتخاذ سياسات وقرارات مصيرية وحازمة؛ لمواجهة الهجمة الشرسة من الإرهابيين بكل قوة وحزم وسرعة وجدية. أكد وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، أن المملكة لن تتوان عن المشاركة في أي جهد دولي جاد يسعى إلى حشد وتضافر العمل الدولي وتكثيفه لمحاربة الإرهاب أينما وجد ومهما كانت دوافعه وأسبابه، أو الجهات التي تقف وراءه، ودون تفرقة بين جنس أو لون أو مذهب عقدي. جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها سموه في المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب الذي عقد في مدينة نيويورك أمس، وقال: نجتمع اليوم ونحن نشهد تضافرا دوليا تاريخيا ومفصليا لمحاربة الإرهاب، وبمشاركة فاعلة من قبل مجموعة إقليمية والولايات المتحدة لضرب أحد أخطر التنظيمات الإرهابية في المنطقة داخل الأراضي السورية، ونأمل أن يشكل هذا العمل النواة الأولى لتحالف دولي لضرب الإرهاب أينما وجد ومهما كانت مبرراته أو الأسباب التي تقف وراءه، كما نأمل أن يستمر هذا التحالف حتى القضاء على هذا الشر المستطير الذي بات يهدد المنطقة والعالم وراح ضحيته، الكثير من النساء والأطفال وكبار السن الأبرياء، وشوه صورة الإسلام والمسلمين. وأردف قائلا: يكتسب اجتماعنا اليوم أهمية خاصة، كونه يأتي بعد سلسلة من الاجتماعات الدولية والإقليمية المكثفة ومن بينها اجتماع جدة لمواجهة تعاظم خطر التنظيمات الإرهابية التي وجدت في النزاعات والاضطرابات القائمة في منطقة الشرق الأوسط مأوى لها ومرتعاً خصباً لتكثيف نشاطها، بل واحتضانها للعديد من المقاتلين الأجانب من مختلف الجنسيات في العالم دون استثناء، الأمر الذي بات يستدعي تحركاً دولياً جاداً ومنظماً لمحاربته أمنياً وسياسياً واقتصادياً وفكرياً، حتى يتم اقتلاعه من جذوره. وأضاف: ومن هذا المنطلق فإني أجدد التأكيد على موقف بلادي والتزامها بمحاربة الإرهاب والذي ما فتئ خادم الحرمين الشريفين يحذر من مخاطره ونتائجه مراراً وتكراراً، ومنذ أكثر من عقد من الزمن، آخرها في شهر أغسطس الماضي حينما دعا قادة وعلماء الأمتين العربية والإسلامية إلى إحقاق الحق وإزهاق الباطل والوقوف صفا واحداً في مواجهة هذه الآفة الخبيثة التي تهدد الأمن والسلم الدوليين، معبراً عن استغرابه من صمت المجتمع الدولي رغم سعي هذه الآفة الحثيث إلى التمدد لتطال العالم بأسره دون هوادة. وقال، لقد ترجمت حكومة المملكة هذه السياسية إلى إجراءات مشددة من خلال سن القوانين المجرمة لها، ووضع القوائم بأسماء الإرهابيين والتنظيمات الإرهابية التي تقف وراءهم، ومكافحة هذا الشر المستطير بكل السبل الأمنية والفكرية وتجفيف منابعهم المالية. ولم يقتصر الأمر على مكافحته وطنيا، بل تعداه إلى السعي نحو الدفع بكافة الجهود الدولية بما في ذلك إنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب تحت مظلة الأمم المتحدة ودعمه بأكثر من مائة مليون دولار، ومع ذلك وبالرغم من إجماع العالم على خطورة الظاهرة وضرورة مكافحتها لايزال المركز في حاجة ماسة إلى المساهمة الدولية الفاعلة لتمكينه من القيام بالدور المطلوب منه، وفي سياق الجهود الدولية القائمة. وأضاف: إن نتائج السياسة الصارمة التي تنتهجها بلادي ما كانت لتجني ثمارها على المستوى الوطني لولا توفيق الله عز وجل، ووقوف المجتمع بقياداته وعلمائه وأبنائه صفا واحدا في مواجهة الإرهاب والفكر الضال المؤدي إليه. لقد أتى البيان الواضح والصريح الذي صدر عن هيئة كبار العلماء في المملكة في السابع عشر من هذا الشهر، ليعكس وبجلاء المدى الذي ذهبت إليه المملكة في مواجهة الإرهاب ويكشف حقيقة هذا الفكر الإرهابي وممارسات من يعتنقونه المخضبة بالدماء والدمار، محذراً المنتمين إليه والداعين له، وداعماً ذلك بتأصيل شرعي يبين فساد هذا الفكر وخطره وشذوذه، ويؤكد أن محاربة الجماعات الإرهابية واجتثاثها قد بات أمراً واجباً على الجميع. وقال، نقف اليوم أمام وضع خطير للغاية، فبعد أن كان الإرهاب خلايا أصبح جيوشا، وبعد أن كانت مواقعه بؤراً تحولت إلى دول يعبث فيها وفي مقدراتها كيفما يشاء، وأصبح يشكل طوقاً خطيراً يمتد ليشمل كل من ليبيا ولبنان وسورية والعراق واليمن. وأمام هذه الحقائق الخطيرة فنحن اليوم مطالبون باتخاذ السياسات والقرارات المصيرية والحازمة لمواجهة هذه الهجمة الشرسة بكل قوة وحزم، والتحرك الجاد والسريع، أخذاً في الاعتبار عنصر الوقت ومغبة التخاذل. ومن هذا المنطلق فإننا نرى بأن الحرب على الإرهاب ينبغي أن تكون شاملة، ووفق استراتيجية واضحة مدعومة بخطة تنفيذية تحقق الأهداف المنشودة من هذه المواجهة من كافة جوانبها العسكرية والأمنية والاقتصادية والفكرية. مع الأخذ في الاعتبار أن الحرب على الإرهاب تتطلب عملاً جاداً ومستمراً قد يطول إلى سنوات، ولا يجب أن يتوقف عند تحقيق انتصارات جزئية على تنظيمات محددة، بل المضي قدما فيه حتى يتم القضاء على كافة التنظيمات الإرهابية أينما وجدت، ومهما كانت الدوافع التي تقف وراءها كي نخلص الإنسانية من هذا الشر المقيت، ونحافظ على حقوق الإنسان المشروعة في العيش بكرامة وأمن وسلام. إلى ذلك، أكد وزير الخارجية، رئيس وفد المملكة إلى اجتماعات الدورة 69 للجمعية العامة للأمم المتحدة الأمير سعود الفيصل، خلال ترؤسه للاجتماع التنسيقي لوزراء خارجية دول حوار التعاون الآسيوي "ACD" أهمية هذا الحوار الآسيوي في تعزيز جسور التواصل ورفع مستويات التعاون في كافة المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية في القارة الآسيوية. وأوضح وزير الخارجية أن استضافة المملكة للاجتماع الوزاري الثالث عشر للمنتدى يأتي تعبيراً عن التزامها بتحقيق التكامل فيما بين دول الحوار من خلال توسيع مجالات التعاون وتبادل الخبرات والأفكار وبناء الشراكات الدولية في سبيل بناء علاقات استراتيجية قوية فيما بينها. واختارت المملكة رئيسة الاجتماع موضوع "التعليم المتميز طريق المستقبل" كقضية أساسية لبحثها في الدورة القادمة للمنتدى، بالإضافة إلى موضوعات تطوير التجارة والاستثمار والأمن الغذائي وأمن الطاقة والبحث والعلوم والتقنية بهدف تعميق عملية التنمية المستدامة ورفع مستوى المعيشة وخلق فرص العمل للوصول إلى نهضة صناعية واقتصادية وثقافية شاملة يحركها الابتكار والإبداع ضمن إطار استراتيجي سليم، سعياً للتغلب على كثير من التحديات التي تواجهها دول الحوار. إلى ذلك، شارك الأمير سعود الفيصل في اجتماع مجموعة أصدقاء ليبيا المكون من مجموعة من الدول العربية والأوروبية والولايات المتحدة الأميركية إضافة إلى الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. وبحث الاجتماع الذي دعا لعقده وزير الخارجية الأميركي جون كيري في نيويورك على هامش اجتماعات الدورة الجديدة للجمعية العامة، الوضع المتأزم في ليبيا وتطوراته بشكل عام.
مشاركة :