كل عام وأنتم يا أهل الوطن ومداد سؤدده بخير ورفعة وسير نحو التحضر والإصلاح، وأتمنى أن إجازتكم ليوم واحد يتيم بالأمس كانت خالية من الشوائب المرورية وشوائب أعداء الفرح. وبالعودة إلى الوطن وشجونه، ومن أهمها الأراضي، والخدمات المقدمة للمواطنين، احتفظت بإعلان قبل اليوم الوطني لأمانة منطقة الحدود الشمالية، إعلان مدفوع القيمة يقول نصه: «بشأن وقف التنازل عن وحدات النفع العام ووحدات الأنشطة الخدمية، حيث تم فتح التنازل عن وحدات النفع العام ووحدات الأنشطة الخدمية مدة ستة أشهر ابتداء من يوم الأحد 28-10-1435هـ». ولا أعرف هل الباب مفتوح مدة ستة أشهر للعقاريين الذين يملكون هذه الوحدات ضمن مخططات معتمدة؟ أم أنه لوزارات الصحة والتعليم وبقية المرافق لبيع ما لا تحتاجه؟ ولكن إعلاناً غريباً مثل هذا يثير الأسئلة، ثم بناء على الإجابات قد يثار شيء آخر. فإذا كان تم وقف التنازل لحاجة البلاد والعباد إلى هذه المرافق، فلماذا يتم فتحه الآن بإعلان صغير، وإذا لم تكن المنطقة وسكانها بحاجة إلى هذه المرافق، فلماذا منع التنازل من الأساس، على رغم أني أشك في التساؤل الثاني، فجميع مناطق المملكة بلا استثناء بحاجة إلى كل متر مخطط مخدوم بالبنية التحتية بشهادة وزارة الإسكان وأسعار الأراضي، ومدارس ومستوصفات ومراكز إطفاء وشرطة ومحاكم ودور رعاية اجتماعية في مباني مستأجرة، وبشهادة بلايين الريالات التي تدفعها الحكومة في هذه المقار المستأجرة. نشاهد في كل مخطط سكني جديد مواقع تسمى مرافق تعليمية، ومرافق من كل نوع، ثم نشاهد تباعاً في الصحف إعلانات بيع أراضي مرافق بجميع أنواعها، ولكثرة الظاهرة نشاهد في الإعلانات المبوبة طلبات لمرافق تعليمية، وبالمناسبة عادة ما يكون المرفق ذا مساحة كبيرة، وعلى شوارع عدة، وبما أن البعض يبيتون النية لبيعه بعد وضعه على الخريطة لترخيص المخطط واعتماده، فهم يضعونه أحياناً في مواقع يحبها القلب وتملأ العين. هذه القضية مزمنة ولها تأثيرها في التنمية، وفي معيشة واقتصاد الناس، وما خصص للمرافق منذ البداية يجب أن يظل للمرافق، فنحن عانينا من التعاملات الآنية و«تطنيش» المستقبل، وإذا كانت منطقة الحدود الشمالية - وهي هنا تأتي كمثال بسبب إعلانها لكن مثيلاتها كثر - لا تحتاج إلى هذه المواقع الآن، فسيأتي زمن تحتاجها وبشدة، ثم تدفع الحكومة، وبالتأكيد يدفع الناس ثمناً مادياً ومعنوياً باهظاً في سبيل الحصول على مواقع مماثلة. في البدء كانت القصة عقارية أكثر، ثم تحولت مع الزمن إلى أحضان الوزارات المعنية التي فرطت، إما لسوء تقدير وتخطيط، أو لفساد أحد ما فيها، وعلى رغم التحسن الملاحظ في مشاريع التعليم والصحة، لكن طالما هناك مبنى مستأجر، فهناك مشكلة، وراءها مرفق تم التفريط فيه والتنازل عنه.
مشاركة :