تواصلت الاحتجاجات في العالمين العربي والإسلامي لليوم الخامس على التوالي، بعد قرار الرئيس الأميركي الأسبوع الماضي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، في حين تستمر تبعاته الدبلوماسية من بروكسل إلى القاهرة مروراً بأنقرة. اتهمت الولايات المتحدة السلطة الفلسطينية بـ"التخلي" عن فرصة مناقشة عملية السلام في الشرق الأوسط برفضها لقاء نائب الرئيس الأميركي مايك بنس. وقال جارود ايغن أحد كبار مساعدي بنس، إن نائب الرئيس يتطلع الى لقاء رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس المصري خلال زيارته للمنطقة في وقت لاحق من الشهر الجاري. وتابع: "للأسف، السلطة الفلسطينية تتخلى مجددا عن فرصة لمناقشة مستقبل المنطقة". جاء ذلك، بينما عقدت قمة ثنائية في القاهرة، أمس، بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونظيره الفلسطيني محمود عباس، لبحث سبل التعامل مع القرار الاميركي، ليتوجّه بعدها عباس إلى اسطنبول حيث ألقى كلمة هناك. وأكد عباس أن مدينة القدس "هي عاصمة دولة فلسطين الأبدية"، وأنها "عصية على أي محاولة لاغتيال هويتها أو تزوير تاريخها". جاء ذلك في كلمة لعباس ألقاها نيابة عنه وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي في افتتاح الجلسة الطارئة للبرلمان العربي في القاهرة امس، والتي عقدت لبحث تداعيات قرار ترامب، الذي اعتبره الرئيس الفلسطيني "اعتداء سافرا على الحقوق التاريخية والقانونية والطبيعية للشعب الفلسطيني، وأنه يقوض بشكل متعمد جهود تحقيق السلام". من جانبه، اعتبر رئيس البرلمان العربي مشعل بن فهم السلمي القرار الأميركي "تحديا صارخا لكل المواثيق والأعراف والقرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، ويهدد الأمن والسلم الدوليين، ويستفز مشاعر العرب والمسلمين وأحرار العالم". وفي السياق، طالب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، الولايات المتحدة بالتراجع عن قرارها "الجائر والخطير"، داعيا الى تحرك عربي للتصدي لهذا القرار، مؤكدا أن "وضع القدس لا يغيره قرار مجحف من دولة واحدة"، مشيرا الى رفض دول العالم لقرار الرئيس الأميركي. موسكو وفي القاهرة دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس الى مفاوضات فلسطينية- اسرائيلية مباشرة حول "كل القضايا المتنازع عليها بما فيها وضع القدس"، وذلك في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في القاهرة. وقال بوتين انه يرى "ضرورة الاستئناف الفوري للمفاوضات الفلسطينية- الاسرائيلية المباشرة حول كل القضايا المتنازع عليها، بما فيها وضع القدس"، وفقا لترجمة فورية رسمية الى اللغة العربية خلال المؤتمر الصحافي. وكان بوتين يشير بذلك بشكل غير مباشر إلى معارضته لقرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل، وببدء إجراءات نقل السفارة الاميركية إليها. وأضاف بوتين، موضحا موقفه: "لابد من اتفاقات (للسلام) عادلة وطويلة المدى تحقق مصالح" الطرفين، مشددا على أن موسكو تعتبر "كل ما يستبق نتائج المفاوضات (بين الطرفين) عديم الجدوى". عمّان وفي تطور آخر، قرر مجلس النواب الاردني خلال مناقشاته قرار واشنطن، مراجعة الاتفاقات الموقعة مع اسرائيل، بما فيها معاهدة السلام الموقعة في 1994. ووافق المجلس بالإجماع على "تكليف اللجنة القانونية اعادة دراسة مجمل الاتفاقيات مع الكيان الصهيوني (اسرائيل)، بما في ذلك اتفاقية وادي عربة (اتفاقية السلام الموقعة عام 1994)". إردوغان وفي أنقرة، أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان امس، أن الولايات المتحدة أصبحت شريكة في إراقة الدماء بقرارها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، معتبراً أن اجتماع منظمة التعاون الإسلامي في شأن القدس هذا الأسبوع سيكون نقطة تحول. وقال إردغان: "قرار الرئيس (دونالد) ترامب ليس ملزما لنا ولا للقدس، والقرار سيشعل العنف في المنطقة"، مضيفا "هؤلاء الذين جعلوا من القدس زنزانة للمسلمين وأتباع الديانات الأخرى لن يقدروا أبدا على غسل أيديهم من الدماء". نتنياهو وفي بروكسل، التقى، أمس، رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي، وأشاد باعتراف الرئيس ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، وتوقع أن تحذو دول أوروبية حذو واشنطن. وقال للصحافيين، لدى استقبال مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني، إن قرار ترامب "يجعل السلام ممكنا، لأن الاعتراف بالواقع هو جوهر وأساس السلام". وتابع: "هناك جهود الآن لطرح اقتراح جديد للسلام من جانب الإدارة الأميركية. أعتقد أننا يجب أن نعطي السلام فرصة. أعتقد أننا يجب أن نرى ما هو مطروح، وما إذا كان يمكن أن نحقق تقدما تجاه هذا السلام". وأوضح أن الدول الأوروبية عليها أن تحذو حذو خطوة ترامب، التي دانها الفلسطينيون وحكومات أوروبية. وبينما نددت كل من بريطانيا وبلجيكا امس، بقرار الادارة الاميركية الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل، رحّبت موغيريني بنتنياهو في أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء إسرائيلي للاتحاد الأوروبي منذ 22 عاما، وقالت إن الاتحاد سيواصل الالتزام "بتوافق دولي" في شأن القدس. وشددت على التزام الاتحاد بحل الدولتين، وإن من مصلحة إسرائيل التوصل الى حل دائم للصراع مع الفلسطينيين. ودانت أيضا الهجمات على إسرائيل واليهود في أماكن أخرى في العالم بما في ذلك أوروبا. وأكد نتنياهو شراكة بلاده مع أوروبا قائلا إن تعاون المخابرات الإسرائيلية ساعد على منع هجمات للمتشددين، كما أن دورها الأمني في الشرق الأوسط كبح تمدد تنظيم "داعش" في المنطقة. ونظّمت تظاهرة تندد بزيارة نتنياهو في بروكسل. وفي جاكرتا، أحرقت جماعات إندونيسية متشددة صور الرئيس ترامب والأعلام الأميركية والإسرائيلية امس، أثناء احتجاج أمام السفارة الأميركية. ولليوم الخامس على التوالي، تواصلت الاحتجاجات في القدس ورام الله وبيت لحم والخليل، واستخدمت فيها القوات الإسرائيلية الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي والمطاطي في مواجهة شبان يرمون حجارة ويشعلون الاطارات المطاطية.
مشاركة :