تجربة فنية متجددة

  • 12/12/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

عثمان حسن تحمل الدورة العشرون لمهرجان الفنون الإسلامية تجربة متميزة تحتفي بالفن الإسلامي بمختلف تجلياته، فقد رسخ هذا المهرجان العريق عبر دوراته ملمحاً فنياً أصيلاً، قرّب الناس من مفهوم الفن، وحثهم على تذوقه والإحساس بإيجابياته في المجتمع.إن خصوصية الفن الإسلامي، وما اجترحه من تحولات في حساسية التذوق البصري سواء لدى الفنان نفسه أو عند المتلقي، له أهمية كبيرة، فهو من جهة حفز الفنان - لاسيما إذا كان خطاطاً - على التعامل مع الحرف ليس بوصفه مجرد شكل فقط، وإنما كمعطى فني له هيئة وروح.هنا، أصبح المشتغلون في حقل الفنون الإسلامية، معنيون بالبحث عن منطلقات هذا الفن، وتتبع الأثر الكبير الذي تنطوي عليه خصائص وسمات ومظاهر هذا الفن، وهو الذي تم التعبير عنه في لوحات وأعمال ومنحوتات تبحث عن القيمة الجمالية للفنون الإسلامية، بوصف هذه القيمة تعبر عن المطلق الجمالي من داخل إطار الفن الإسلامي ومضمونه الفلسفي.من جهة أخرى، فقد تم بالتدريج تنمية التذوق البصري عند متلقي هذه الفنون، فصاروا أكثر وعياً، وهم يتتبعون تلك المقترحات الفنية في الحرف، والخط، واللون، والنقش، والنحت، وفي المجمل في «الأثر» الذي تتركه الفنون الإسلامية في كثير من تعبيراتها عن هذا المضمون الجمالي والفلسفي.هذا الزخم الهائل الذي قدمته الفنون الإسلامية، إنما هو نتيجة لرحلة شاقة وتجربة عميقة في محاكاة فنون العالم، لم تقف عند مستوى واحد في القراءة، فهي أولاً تجربة عميقة استفادت من فنون العالم وما فيها من قيم وجماليات، وثانياً قدمت مقترحها الجمالي الخاص، وقطعت رحلة شاقة من البحث، بدأت في اللوحة التقليدية، مروراً بتجربة «اللوحة الحروفية»، وهي بكل تأكيد، لم تقف عند تخوم التجربة المعاصرة في الفنون، بل استثمرت كل ما لديها من طاقات، وأصبحت على تماس مع القيمة الوظيفية والجمالية لمنطلقات الفن نفسه، وحفزت على استثمار طاقة الفن في البحث وطرح السؤال.هذه الدينامية المتجددة حفزت على الحوار الثقافي والحضاري بين الشعوب، فصار الفن مطالباً باستخدام أقصى طاقاته، متجاوزاً عتبة «الشكل» نحو نوافذ المضمون والمعنى والدلالة، ومثل هذه الرؤية الجديدة، إنما كانت قادرة على تحرير الفنان وإطلاق براعته، وهو يقدم وحدة أسلوبية من الخط واللون والزخرفة والشكل الهندسي، وكل ما تقع عليه يده من وسائل، ليستثمر ذلك كله في اللوحة أو المنحوتة، أو الشكل المقترح، فصار هذا التنوع مدرسة قابلة للقراءة البصرية في عدة مستويات وإبداعات وتقنيات، للبحث عن جوهر الفن، ليس بوصفه يعبر عن رؤية روحية فقط، وإنما لكونه ذا مضمون حضاري أصيل. ohasan005@yahoo.com

مشاركة :