أكد الاتحاد الأوروبي أن موقفه من حل الدولتين لم يتغير وأن أياً من دوله لن يحذو حذو أميركا في الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل أو نقل سفاراته إليها، في وقت تتطلع عيون العرب والمسلمين إلى قمة منظمة التعاون الإسلامي التي تعقد غداً الأربعاء في مدينة اسطنبول التركية وسط حراك دبلوماسي عربي لإنجاح القمة وحملها على اتخاذ قرارات تنسجم مع جدية الموقف. وكثف الرئيس الفلسطيني محمود عباس جهود حشد دول الشرق الأوسط لمواجهة اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل، حيث يبدأ محادثات مع زعماء عرب تنطلق من القاهرة. واستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عباس بقصر الاتحادية، وأجريا جلسة مباحثات مطولة تناولت تطورات القضية الفلسطينية، حيث أكد الرئيس السيسي على موقف مصر الثابت بضرورة الحفاظ على الوضعية التاريخية والقانونية للقدس. وقدم الرئيس الفلسطيني للسيسي عرضاً مفصلاً لكافة الجهود والمساعي الفلسطينية منذ عام وحتى الآن فيما يخص القضية ومحاولات استئناف عملية السلام. وأعلن مكتب الرئيس الفلسطيني أنه سيتوجه إلى اسطنبول لإلقاء كلمة أمام قمة التعاون الإسلامي. وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة «المطلوب الآن قرارات فلسطينية وعربية جريئة في المرحلة المقبلة». في أنقرة، قال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان إن واشنطن «شريكة في سفك الدماء» بعد اعتراف ترامب. وقال في خطاب بأنقرة «لن يتمكنوا على الإطلاق من إزالة الدماء» التي سفكت عقب القرار. وأضاف «عبر اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل، أصبحت (الولايات المتحدة) شريكة في سفك الدماء. لا نعترف بهذا القرار ولن نعترف به». وأفادت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) بأن أمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح سيترأس وفد بلاده إلى قمة منظمة التعاون الإسلامي حول القدس. وذكرت الوكالة أن الأمير سيغادر اليوم (الثلاثاء) إلى تركيا لترؤس الوفد في القمة المقررة غداً (الأربعاء)، بينما أعلنت القاهرة أن وزير الخارجية سامح شكري سيمثل مصر في الاجتماع. السفارات الأوروبية وذكرت المفوضة العليا للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أن التكتل لن يحذو حذو أميركا في نقل سفاراته إلى القدس، وذلك بعدما اقترح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على دول أخرى أن تحذو حذوها. وقال نتانياهو قبل لقاء مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي: «أعتقد أن كل أو أغلب الدول الأوروبية ستنقل سفاراتها إلى القدس. وتعترف بها عاصمة لإسرائيل وتنخرط معنا بقوة من أجل الأمن والرخاء والسلام». واعتبر نتانياهو أن الاعتراف الأميركي بالقدس «يجعل السلام ممكناً» في الشرق الأوسط. غير أن موغيريني سارعت برفض الفكرة. وقالت للصحفيين: «أعلم أن نتانياهو ذكر مرتين أنه يتوقع أن آخرين سوف يسيرون على نهج قرار ترامب الخاص بنقل السفارة إلى القدس. لكن يمكنه الاحتفاظ بتوقعاته بالنسبة للآخرين، لأنه من جانب الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، هذه الخطوة لن تأتي». وكررت موغيريني موقف الاتحاد الأوروبي الداعم لدولتين إسرائيلية وفلسطينية تعيشان جنباً إلى جنب، عاصمتهما القدس. وقالت موغيريني «كشركاء وأصدقاء لإسرائيل، نعتقد أن المصالح الأمنية لإسرائيل تقتضي إيجاد حل قابل للاستمرار وشامل» للصراع بين إسرائيل والفلسطينيين. وحتى أقرب حلفاء إسرائيل الأوروبيين، مثل جمهورية التشيك، حذروا من أن قرار ترامب يضر بجهود السلام في حين شددت فرنسا على أن وضع القدس لا يمكن الاتفاق عليه سوى في إطار اتفاق نهائي بين الإسرائيليين والفلسطينيين. ورد وزير خارجية جمهورية التشيك لوبومير زوراليك على أسئلة الصحفيين عن قرار ترامب نقل السفارة إلى القدس قائلاً «أخشى أن ذلك لا يساعدنا بشيء». وحض وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان واشنطن على التقدم بخطط السلام التي وضعها جيسون جرينبلات مبعوث ترامب للشرق الأوسط وجاريد كوشنر زوج ابنه ترامب ومستشاره. وقال لودريان «ننتظر بالفعل منذ عدة أشهر المبادرة الأميركية وإن لم تكن هناك خطة وشيكة سيتعين على الاتحاد الأوروبي الأخذ بزمام المبادرة». وطلبت دول عدة أعضاء في الاتحاد تعويضات من نتانياهو بعد تدمير إسرائيل في الضفة الغربية لبنى تحتية مخصصة «لمجتمعات فلسطينية ضعيفة» ممولة من الاتحاد الأوروبي أو دول أعضاء. نقل السفارة وأكدت الحكومة السريلانكية موقفها الثابت حول مدينة القدس بقولها إن مدينة القدس يجب أن تكون عاصمة مشتركة لفلسطين وإسرائيل، مضيفة بأنها لن تقوم بنقل سفارتها إلى القدس وستبقى في «تل أبيب». كما قال رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان إن بلاده لا تخطط لنقل سفارتها في إسرائيل إلى القدس . وإن سياسة حكومته بالنسبة للشرق الأوسط لم تتغير. وأصرت إدارة ترامب على أن اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل سيدعم السلام، وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي أن الخطوة ستدفع السلام «إلى الأمام». في المقابل، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس أن القرار الأميركي يمكن أن يعيق الجهود الأميركية من أجل السلام في الشرق الأوسط.
مشاركة :