تواصلت أمس الاحتجاجات في العالمَين العربي والإسلامي لليوم الخامس على التوالي، بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأسبوع الماضي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وتجدّدت التظاهرات في القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة بعد أربعة أيام من المواجهات مع قوات الأمن الإسرائيلية. وتركزت المواجهات خصوصاً في رام الله وبيت لحم والخليل، واستخدمت فيها القوات الإسرائيلية الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي والمطاطي في مواجهة شبان يرمون حجارة ويشعلون الإطارات المطاطية. وفي القدس الشرقية المحتلة، جرت تظاهرة أمام «البيت الأميركي»، وهو مركز ثقافي تابع للقنصلية الأميركية. وفي مدينة رام الله في الضفة الغربية، خرج الفلسطينيون إلى الشوارع وأحرقوا إطارات واشتبكوا مع الشرطة الإسرائيلية. وفي قطاع غزة، أحرقت مئات من النساء، بعضهن مُلثمات ويحملن أسلحة، أعلاماً أميركية وإسرائيلية، وسرن في شوارع مدينة غزة. إلى ذلك، طالبت فصائل وطنية وإسلامية وشخصيات ونخب سياسية وثقافية الدول العربية، بسحب سفرائها من الولايات المتحدة، وطرد السفراء الأميركيين منها، وإلغاء العقود التجارية والعسكرية والمناورات العسكرية ومقاطعة البضائع الأميركية والإسرائيلية، بعد قرار الرئيس دونالد ترامب الأربعاء الماضي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. ودعت الفصائل والنخب الرئيس محمود عباس إلى الانسحاب من اتفاق أوسلو وإفرازاته، ووقف التنسيق الأمني، وإنهاء الانقسام الداخلي، وتعزيز الوحدة الوطنية، مشيدة بقراره عدم استقبال نائب الرئيس الأميركي مايك بنس. واتهم عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» صلاح البردويل، خلال ندوة نظمها مركز أطلس للدراسات في مدينة غزة أمس، بعنوان «سقوط أوهام التسوية وخيارات المواجهة»، في ظل القرار الأميركي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، القيادة الفلسطينية بأنها «ساعدت في اتخاذ القرار الأميركي». ووصف البردويل عباس بالتفرّد في اتخاذ القرارات وتنفيذها وعدم رغبته في الشراكة مع أي جهة، بما فيها «حماس». وحض عباس والسلطة الفلسطينية على وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل و «تمكين» المقاومة من العمل في الضفة الغربية، معتبرا أنه في حال «تمكين» المقاومة فإنها ستطرد الاحتلال من الضفة في غضون عام أو عامين فقط. وشدد البردويل على أهمية «ترميم الحال الفلسطينية والتوافق على برنامج وطني فلسطيني يلبي أهداف الشعب الفلسطيني، ومؤسسة فلسطينية تعكس الواقع بكل أطيافه». وطالب بدعم صمود الشعب الفلسطيني وأن يكون هناك حاضنة شعبية وتوفير مقومات الصمود، مشدداً على أنه «لا يمكن تجويع الشعب الفلسطيني ثم مطالبته بالثورة». كما طالب البردويل بـ «رفع العقوبات» التي تفرضها السلطة على مليوني فلسطيني في قطاع غزة. وأكد القيادي في حركة «الجهاد الإسلامي» خالد البطش، أن الشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة «جاهزون لحماية أي قرار يتخذه الرئيس عباس رداً على القرار الأميركي، مهما كان الثمن باهظاً»، داعياً إلى ضرورة الحفاظ على «وتيرة معينة من الاشتباك مع العدو الإسرائيلي، وتصعيد خيار المقاومة». واعتبر البطش أن الفلسطينيين «قبلوا بمعظم القرارات الدولية التي اعترفت بإسرائيل، وصولاً إلى سرقة القدس حالياً، بعدما اعترفت بها الدول العربية وشجعتهم على ذلك». ودعا إلى «استعادة الوحدة الوطنية والبدء بخطوات الشراكة الوطنية، وإعادة الاعتبار إلى البرنامج الوطني الفلسطيني، وإعادة بناء المرجعية، على أن يكون الجميع مسؤولين عن القرارات ويتحمّلون نتائجها». وحذر القيادي في حركة «فتح» عماد الآغا، من محاولات إسرائيل ومساعيها «لتأجيج الصراعات (...) وأن يكون هناك معارك جانبية مع أي من الدول العربية». وطالب «بموقف فلسطيني موحد تجاه هذه المحاولات، والحرص على الجبهة الداخلية، ووضع رؤية فلسطينية تدعمها الأمتين العربية والإسلامية والتحرك باتجاه دولي».
مشاركة :