بالرغم من أنّه للأسف تَمّ تأجيل انتخابات المجالس البلدية عامًا كاملاً إلا أنّه وفي أعيننا نحن النساء فإنَّ صدور القرار الذي عمل عليه ولمدد طويلة عدد كبير من النساء السعوديات والناشطين رجالاً ونساءً وذلك لتمكين المرأة السعوديَّة من المشاركة الفاعلة في المجالس البلدية ترشحًا وانتخابًا حالها في ذلك حال زميلها الرجل يعد حدثاً مهماً في الوقت الحاضر. وقد صدر هذا القرار الذي أراه تاريخيًّا في يوليو 2014 حيث أصدر مجلس الوزراء قراره الذي تصدر أعمدة الصحف اليومية ذلك اليوم ونص على منح حق الانتخاب وحق الترشح لعضوية المجالس البلدية للذكور والإناث على حد سواء عند توافر الشروط المنصوص عليها فيه ولم يكتف القرار الرائد بذلك، بل أعطي دفعة غير مسبوقة لمؤسسات المجتمع المدني لتولي الرقابة على تنفيذ إجراءات الانتخابات بصفة مستقلة وذلك لضمان نزاهة هذه الانتخابات وخلوها من أية تأثيرات أيدلوجية أو قبلية أو عائلية بما يحقِّق الهدف من إقامتها في الأصل ونص على ذلك بالآتي: (للمؤسسات والجمعيات الوطنيَّة المستقلة غير الحكوميَّة التي لا تهدف إلى الربح الحق في تولي الرقابة على تنفيذ إجراءات الانتخابات بصفة مستقلة وذلك بما يضمن نزاهتها وحسن تنفيذها)، فهل هناك أجمل من ذلك؟ وبالرغم من أن الخبر لم يحظ بتغطية كافية للأسف من الصحف المحليَّة أو الأجنبيَّة عند صدوره ربَّما لتوقيت ظهوره في شهر رمضان كما كان العالم كلّّه وما زال مشغولاً بفظائع «داعش» بما لا يترك للأسف مساحة كافية لمداولة أخبار جميلة كهذه. غير أن صدور قرار كهذا يعد مؤشرًا واضحًا على تحوّل كبير وجميل في الذهنية الحكوميَّة وفي إستراتيجية الدَّولة للتعامل مع أكثر الملفات حساسية وهي التَّعليم والمرأة والإرهاب والبطالة وهو ما يضمن بإذن الله مسيرة آمنة لدولتنا السعوديَّة الفتية. ولفهم أهمية هذا التحول يجب العودة وقراءة تاريخ مطالبة بعض أفراد المجتمع السعودي بمشاركة المرأة في الانتخابات البلدية الذي بدأ منذ العام 2004م حين صدر قرار الدَّولة بالسماح للمواطنين السعوديين بالمشاركة والانتخاب في المجالس البلدية الذي وضع شروط المشاركة في هذه الانتخابات وحصرها في المواطنين السعوديين ممن بلغوا 21 سنة غير العسكري الذي يجب أن يكون مقيمًا في دائرته الانتخابية لمدة لا تقل عن 12 شهرًا قبل مشاركته لكن لم يذكر فيها أو يحدد في المواطن أن يكون ذكرًا أو انثي، فهو للمواطن عامة وهي اللفظة المستخدمة للجنسين في الأنظمة السعوديَّة، حيث إن اللفظ ذاته مستخدم في النظام الأساسي للحكم وبقية الأنظمة السعوديَّة. تبعًا لذلك قامت مجموعة من المواطنات بإرسال خطاب آنذاك لصاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد العزيز وزير الشؤون البلدية والقروية لاقتراح آلية الترشح والانتخاب والضوابط المناسبة لذلك منذ العام 2005م. يبدو أن المناخ العام لم يكن مهيئًا لتقبل المشاركة النسائية آنذاك! ما الذي حدث؟ تم استبعاد النساء من الترشح في الدورة الأولى لعدم توفر آليات مناسبة لاستقبال النساء في المراكز الانتخابية؟! أو عدم الجاهزية كما أوردته الصحف. في الدورة الثانية أيْضًا تَمَّ استبعاد المرأة، فقامت على إثر ذلك مجموعة نسائية مدنية لتهيئة الأجواء العامَّة لتقبل مشاركة المرأة في الانتخابات والإعداد لبعض الكوادر النسائية لفهم وممارسة العملية الانتخابية، والقيام بورش العمل التوعوية والتدريبية لتعلم تجربة الانتخابات وتدريب النساء على الترشح والعمل ضمن المجموعات البلدية وكما العادة يقف الرجل السعودي دائمًا شريكًا إيجابيًّا وحاضرًا للمرأة السعوديَّة في كلِّ حقوقها المشروعة حيث قدمت الكثير من الشركات والبنوك المحليَّة الكثير من الدعم لتبني الدورات التدريبية التي تعزّز المشاركة المجتمعية للمرأة السعوديَّة وتساعد على تهيئتها لخوض غمار التجربة التي أثق أن المرأة ستبلى فيها بلاءً حسنًا فهي لا تأخذها كنصر محلي أو شخصي أو قبلي أو أيدلوجي.. المرأة هي الشريك الحقيقي في تبني ما تحتاجه الأحياء من خدمات، فهي وأطفالها من يعش فيها بشكل يومي ويستمتع أو يعاني من طبيعة الخدمات البلدية المقدمة في كلِّ حي فهل نلومها لو طالبت من أجل المشاركة؟ من التصريحات الجميلة والداعمة لحق المرأة آنذاك تصريح أمين منطقة الرياض الدكتور عبد العزيز بن عياف عن استعداد منطقة الرياض لاستقبال طلبات ترشح النساء وانتخابهن في المجالس البلدية مشترطًا سماح المشرع بذلك؟! في ذات الوقت وخلافًا لتوقعاتنا اعتبرت الجمعية الوطنيَّة لحقوق الإنسان استبعاد المرأة من المشاركة في الانتخابات أمرًا مخالفًا للاتفاقات الدوليَّة التي وقعتها المملكة. وقد ساعدت وسائل التواصل الاجتماعي على نشر مفاهيم مشاركة المرأة والتعريف بطبيعة عملها التطوعية لتشجيعها على خوض غمار المشاركة في الانتخابات البلدية. شكرًا لكل من عمل وساهم بجد واجتهاد على جعل المرأة السعوديَّة شريكًا حقيقًا في التنمية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله وأبقاه.
مشاركة :