يستمر العمل على قدم وساق في قلب الصحراء، على بعد 45 كلم شرق العاصمة المصرية القاهرة، للانتهاء من أعمال بناء "العاصمة الإدارية الجديدة". ويهدف هذا المشروع الذي أعلن عنه الرئيس عبد الفتاح السيسي عام 2015، وتمتلك وزارة الدفاع 51% منه، إلى تخفيف الضغط السكاني عن القاهرة. إلا أن العاصمة الجديدة التي تتضمن مبان فاخرة وأحياء سكنية راقية لا تلق إجماعا حول الجدوى منها. من فنادق فاخرة إلى أحياء سكنية راقية ومطار حديث وبرج يبلغ ارتفاعه 345 مترا، تعتزم مصر إبهار العالم بعاصمة إدارية جديدة في مشروع لا يحظى بالإجماع على الرغم من كل ذلك. وفي وسط الصحراء على بعد 45 كلم شرق القاهرة، بين الطرق المؤدية إلى السويس والعين السخنة، تتحرك بضع شاحنات على طرق جديدة تماما أنشئت وسط صحراء واسعة. أحد الطرق المؤدية إلى العاصمة الإداراية الجديدة بمصرأحد الطرق المؤدية إلى العاصمة الإداراية الجديدة بمصر وفي موقع المقر المستقبلي لمجلس الوزراء، يقوم العمال ببناء ما سوف يكون الحي الحكومي الذي يفترض أن يضم عند انتهاء الأعمال قصرا رئاسيا ومقرا للبرلمان ومباني لـ32 وزارة والعديد من السفارات. ويقول خالد الحسيني المكلف من قبل السلطات تقديم المشروع لقرابة 15 صحفيا أجنبيا خلال زيارة رسمية للموقع "لدينا حلم". ويقول أحد العمال وقد أحكم ربط غطاء من القماش حول رأسه ليحتمي من الشمس "أعمل أكثر من 12 ساعة يوميا في هذا المكان ولا أحد يأتي ليرى ما نفعل". لكن على الفور تدخل رئيس العمال موجها كلامه للرجل "هل تريد أن تظهر على شاشات التلفزيون؟ عد إلى عملك". عمال يقومون بأعمال البناء في العاصمة الإدارية الجديدة بمصرعمال يقومون بأعمال البناء في العاصمة الإدارية الجديدة وفي العام 2015، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي عن مشروع العاصمة الجديدة، لكنه وضع حجر الأساس للمرحلة الأولى في هذه المدينة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي. وتقام العاصمة الجديدة على قرابة 170 كيلومترا مربعا. ويفترض أن تدب الحياة فيها تدريجيا اعتبارا من العام 2019 وأن يقيم فيها مع مرور الوقت ستة ملايين شخص. وتعتبر السلطات أن العاصمة الجديدة هي محاولة للابتعاد عن القاهرة القديمة المزدحمة والمكتظة بالسكان. وبحسب الأرقام الرسمية، فإن القاهرة الكبرى التي يقطنها الآن 18 مليون نسمة يفترض أن يصل عدد سكانها إلى 40 مليونا في العام 2050. لكن في الوقت الذي يبدأ أول المباني في الارتفاع وسط الصحراء، يجد مشروع العاصمة الجديدة صعوبة في إقناع خبراء التخطيط العمراني والمستثمرين. بمبان باللونين الأبيض والرمادي وأسقف مائلة مغطاة بالأرميد، لا يختلف الحي السكني الأول في العاصمة الجديدة عن كل الأحياء المنتشرة في المدن الجديدة التي بنيت في مصر خلال السنوات الستين الأخيرة. والمنازل المستوحاة من نمط الحياة الأمريكي أو الخليجي، تقع في مناطق بعيدة وأسعارها مرتفعة وليس من السهل الوصول إليها بوسائل مواصلات عامة. "مجرد دعاية سياسية" ويقول أحمد زعزع وهو مهندس وخبير معماري في شركة "10 طوبة" التي تقدم تصورا بديلا للتخطيط العمراني "يمكننا مقارنة العاصمة الجديدة بالقاهرة الجديدة". ويضيف زعزع أن القاهرة الجديدة بمراكزها التجارية الكبيرة التي لا يمكن الوصول إليها من دون سيارة وبشوارعها المهجورة "ليست نموذجا للنجاح". خريطة مفصلة للعاصمة الإدارية الجديدة بمصرخريطة مفصلة للعاصمة الإدارية الجديدة بمصر وبعيدا عن الاستجابة للاحتياجات الحقيقية لسكان القاهرة فإن العاصمة الجديدة تعد بالنسبة له مجرد دعاية سياسية. ويقول "منذ عبد الناصر وفي ظل كل الأنظمة كانت دائما هناك فكرة إنشاء مدينة جديدة تمثل الأمل والمستقبل والحداثة". ولكن بالنسبة للسلطات، المشروع الجديد مختلف. ويقول اللواء أحمد زكي عابدين رئيس شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية المسؤولة عن إدارة المشروع "ستكون مدينة ذكية تستخدم التكنولوجيا الحديثة لتوفير كل الخدمات". وزارة الدفاع تمتلك 51% من العاصمة الجديدة تشكل وزارة الدفاع التي تمتلك 51% من الشركة ووزارة الإسكان التي تمتلك 49% منها الممولين الرئيسيين لهذا المشروع الطموح، حسبما قال الحسيني . ولتنفيذ المشروع تعتمد الحكومة حتى الآن على شركات الإنشاءات المصرية المعروفة. ويرتفع اسم "أوراسكوم" للإنشاءات التي تمتلكها عائلة المليارديرات ساويرس على العديد من مواقع البناء في العاصمة الجديدة. وحصل هشام طلعت مصطفى مؤسس إحدى شركات العقارات الكبرى في مصر والذي خرج لتوه من السجن بعد قضاء عقوبة لإدانته بالتحريض على قتل المطربة اللبنانية سوزان تميم في العام 2008، على كيلومترين مربعين اثنين في المشروع. وأبدت بعض شركات الخليج وشريك صيني اهتماما بهذا المشروع الذي سيكلف، وفق التقديرات الرسمية، 45 مليار دولار في بلد يعاني من الركود الاقتصادي. أحد المباني التي انتهى أعمال تشييدها في العاصمة الإدارية الجديدة بمصرأحد المباني التي انتهى أعمال تشييدها في العاصمة الإدارية الجديدة وقال الوزير المفوض للشؤون التجارية في سفارة الصين في القاهرة هان بينغ "نحن متفائلون بمشاركة شركات صينية في العاصمة الجديدة". ووقعت شركة "تشاينا ستيت كونستراكشن أنجينييرينغ كوربوريشن" عقدا بقيمة ثلاثة مليارات دولار لبناء مركز كبير للأعمال. وأبدت بكين كذلك اهتماما بالمنطقة الاقتصادية والصناعية في العاصمة الجديدة ولكن المفاوضات لم تنته بعد. وقال هان بينغ "نحن بحاجة إلى أن يقوم الشريك المصري بتسويق هذه المنطقة لجذب استثمارات مصرية ودولية"، مشيرا إلى أهمية وجود استقرار سياسي ومناخ يجذب الاستثمارات الأجنبية. فرانس24/أ ف ب نشرت في : 14/12/2017
مشاركة :