غيانا.. المرح تحت زخات المطر المنعشة

  • 12/16/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

إعداد: قرشي عبدون: تقع على الساحل الشمالي الشرقي لأمريكا الجنوبية، عاصمتها جورج تاون، يبلغ عدد سكانها نحو أكثر من 900 ألف نسمة، لغتها الرسمية الإنجليزية بالإضافة إلى الكريول والهندية، قد تكون غيانا ليست الوجهة المفضلة لكل العشاق، ولكن غيانا، هذا البلد الصغير، تقدم بجانب غاباتها المطيرة العذراء، وشواطئها الذهبية والسافنا الكاسحة وأنهارها المتعرجة، مواقع سياحية مترفة لأولئك الذين لديهم الجرأة الكافية لزيارتها. إنها بلاد رحيبة وجامحة على قدم المساواة، حيث تتراوح مناطق الجذب فيها من شلالات كايتور الرائعة والجارفة ذات الطبيعة المذهلة، إلى منازل العاصمة الخشبية الفاتنة ذات الزينة المتكلفة.تعتبر رحلات التنزه وسط الأدغال والصيد في المياه العذبة ومراقبة الحيوانات البرية والمرح تحت زخات المطر المنعشة من أجمل الأنشطة التي يمكن أن يستمتع بها السياح، في حين يحظى القليل من الناس بمشاهدة النمر المخادع الذي تشتهر به البلاد، فإن عشاق الطبيعة يجدون فرصة رؤية آكلة النمل، وثعالب الماء، إضافة إلى معاينة سمكة «أرابيمة»، أكبر أسماك المياه العذبة في العالم.بمعنى آخر، السفر إلى غيانا بمثابة الوثبة إلى الخلف عبر الزمن، وأخذ جرعة منعشة في عالمنا الذي بات ينشد المتعة الفورية والاتصال المباشر، كما لا وجود للبنى التحتية فيها، كذلك لا جود للصرافات الآلية والسياح، فهي نادرة كندرة القطط البرية التي تجوب الغابات، ومع ذلك فإن السياح الذين يصلون أولاً هم الذين يستمتعون برحلتهم. فغيانا ذات الثقافات المتعددة والتي تعتبر إحدى دول الكاريبي ليست بجزيرة كجزر الكاريبي، فهي تشترك في الكثير مع جزر الهند الغربية أكثر من أمريكا الجنوبية، ابتداء من اللغة الإنجليزية والكريول المستخدمة في شوارعها إلى أطباق الكاري اللذيذة التي تقدم في وجبات الغداء.تعكس ثقافة غيانا التنوع العرقي الفريد للبلاد، حيث يتألف سكانها من الهنود والأوروبيين والأفارقة الذين جلبوا إلى جزر الكاريبي من قبل المستعمرين الإنجليز والهولنديين، وهناك أيضاً عدد كبير من السكان الهنود الأمريكيين الذين يتميزون عن بقية سكان الأجزاء الأخرى لمنطقة الكاريبي.فالسياح الباحثون عن وجهة سياحية بطعم مختلف في غيانا عليهم تتبع المسارات الريفية الخلابة والمثيرة للتنزه والاستكشاف، فالسفر إلى الريف غير مكلف بكل ما تحمل الكلمة من معنى، ولكن يحتاج إلى التحلي ببعض روح المغامرة والفضول والتنازل عن الوسائل المريحة في التنقل، وهذا ثمن ضئيل يدفعه السياح مقابل ما تقدمه هذه البلاد. تاريخ غيانا قامت غيانا الحديثة على إرث الإمبرياليين الأوروبيين الذين قاموا بغزو المنطقة لأول مرة في 1499، عندما أبحر «ألونسو دي أوجيدا» حتى إسيكيبو.كان الكاريبيون والارواك قبل وصول الإسبان إليها، يقتتلون للسيطرة على المنطقة، ولكن بعد وصولهم، لم يصمد المحاربون الكاربيون أمام الأوروبيين المدججين بالأسلحة الثقيلة، الذين اكتشفوا أن المنطقة ليس فيها ذهب، حيث قاموا بتسليم الأرض مرة أخرى إلى أصحابها.وفي عام 1616، قام الهولنديون المستقلون حديثاً بتأسيس مركز تجاري في غيانا الحاضرة وعملوا على توسيع مستوطناتهم بشكل سريع داخل أراضي البلاد، ليغيروا بذلك هدفهم الأساسي من الاتجار مع السكان المحليين إلى احتلالهم.وكان الهولنديون يطلقون على مستعمرتهم اسم «ايسيكويبو»، حيث كان يتم استخدامها كقاعدة تجارية للتبغ المنتج محلياً وقاموا بتصدير نحو 15 ألف كيلو في 1623 لما فرضت الشركة الهولندية لجزر الهند الغربية سيطرتها الكاملة على المستعمرة، حيث غيرت الشركة من الاتجار في التبغ إلى تجارة الرقيق الأفارقة. سقطت المزارع في أيدي الأفارقة، خلال ثورة الرق في «بيربيس» عام 1763 وبعدئذ قام البريطانيون والفرنسيون بالزحف نحوها من المستعمرات المجاورة لقمع الثورة، وبذلك استطاعوا تمهيد الطريق لأغلبية السكان البريطانيين في نهاية المطاف. وعندما قام نابليون باحتلال هولندا خلال الحروب الثورية الفرنسية، احتلت بريطانيا كل المستعمرات الهولندية في الأمريكيتين، بما في ذلك غيانا.لقد قام البريطانيون بشرعنة سيطرتهم بالتوقيع على اتفاقية لندن لعام 1814، حيث وافقت فرنسا بموجبها على السماح للبريطانيين بالسيطرة على غيانا البريطانية التي توحدت حديثاً، وقد اشتكت الحكومات المتعاقبة من غياب العمالة القادرة على إكمال المشاريع العامة الكبرى، لذا تم استجلاب عمال مستأجرين من الهند البريطانية عبر السفن، وبالتالي أدى إلى وجود عدد من السكان الهنود غير المتناسقين الذين ادعوا بأن غيانا هي موطنهم.وفي أعقاب الاستقلال في 1966 تم انتخاب فوربس بورنهام رئيسا، ولكنه عهد شهد نزاعاً على الحدود مع فنزويلا وسورينام، لقد أخذ بورنهام غيانا من بلد يمين مؤيد للإمبريالية إلى دولة موالية شيوعياً، ثم قام بتطوير علاقاتها مع كوبا. وقد أهملت الحكومات اليسارية المتعاقبة احتياطي غيانا من النفط والغاز حتى تولى «ديزموند هويت» السلطة واعتنق السوق الحرة والانتخابات ووسائل الإعلام المستقلة. هل تعلم ؟ - أن غيانا لديها مزيد من السكان من ذوي الأصول الهندية أكثر في بعض ولايات الهند الشمالية ؟- أنه في عام 1978 كان الزعيم الديني الأمريكي جيم جونز و 909 من أتباعه بما في ذلك 300 طفل من حركة معبد الشعب الدينية، قدموا على الانتحار الجماعي في جونز تاون في غيانا ؟- أن أهالي غيانا يهتمون جداً بحسن الضيافة، ويستقبلون الزوار والسياح بمنازلهم، ينصح السياح بارتداء الملابس اللائقة والمحتشمة ؟ أفضل وقت للزيارة تتميز غيانا بالأجواء الدافئة والاستوائية على مدار العام، وتهطل الأمطار بكثافة في معظم شهور السنة، وكذلك الرطوبة، فمن شهر ديسمبر إلى يناير ومن مايو إلى يونيو هي فترة موسم هطول الأمطار، فيما يكون الطقس بالمناطق الساحلي معتدلاً بفعل نسمات البحر. أبرز المعالم السياحية ** أجواء جورج تاون: تضمن الزيارة إلى جورج تاون لزوراها وسياحها فرصة رؤية عاصمة جورج تاون الكولونيالية، حيث تصطف شوارعها بالبيوت الخشبية ذات الديكورات المتكلفة والتي يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر، فيما تصطف القنوات المائية الهولندية القديمة طرقها، فضلاً عن منتجع أرواي القابع وسط المياه، فغيانا هي جورج تاون وجورج تاون هي غيانا، وكل أوجه حياة الغيانيين ترتكز على غيانا، حيث تبدو عليها بقايا الإرث الإنجليزي والهولندي والكرول والفرنسي في كل شارع في أنحاء المدينة. فجورج تاون هي المدينة الوحيدة في غيانا.** مبنى البلدية: يهيمن مبنى البلدية الضخم الذي يعود تاريخه إلى القرن التاسع عشر على أفق مدينة جورج تاون، ببرجه الشاهق وواجهته الكولونيالية المستلهمة من فن المعمار القوطي، حيث لا يتشابه مع أي مبنى آخر بالمدينة ولو باليسير، وقد أدرج المبنى على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي في عام 1995.** الحديقة النباتية: تعتبر أشهر حديقة في غيانا، وهي مقر جسر كسينج، حيث يتسكع حولها محبو الأجواء الشاعرية في كل أوقات النهار، إذ يجب ألا يفوت السياح زيارة هذا الموقع الهادئ الذي يوجد وسط المدينة.** المتحف القومي: يعتبر من المتاحف القليلة الموجودة بغيانا، وأكبرها، حيث يضم بعض أهم القطع الأثرية في العالم، سواء أكان من أوروبا أو الأمريكيتين. في عام 1864 اشتعل حريق دمر جميع المجموعات الأصلية، بما في ذلك الأحجار الكريمة البريطانية والمقتنيات الخشبية الأصلية وعينات الحيوانات، أما اليوم فيضم مجموعة من القطع الأثرية من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك عينات تم جمعها محلياً.** شلالات كايتور: ينصح السياح بعدم مغادرة غيانا دون زيارة شلالات كايتور الموجودة بحديقة كايتور الوطنية. تقع الشلالات على نهر بوتارو، وتصنف مع شلالات اجوازو ونياجرا وفكتوريا في الحجم والجمال. وتقع الحديقة الوطنية على درع غيانا، وهي هضبة تعد واحدة من أقدم التكوينات الجيولوجية في العالم وأكثرها بعداً في الغابات المطيرة المتنوعة والحيوية.** أطول كنيسة خشبية: الكاتدرائية الإنجيلية لغيانا، الواقعة في قلب جورج تاون مبنية على النسق الكولونيالي بالكامل، فهي أكبر وأطول كنسية مبنية من الخشب في العالم، قام بتصميمها المعماري آرثر بلومفيلد في 1892، حيث تتميز الكاتدرائية بالقباب القوطية وبالمقاعد الخشبية، وتضم أيضاً ثريا مدلاة كانت قد منحت من قبل الملكة فيكتوريا عندما تم تتويجها.** المحاكم الخشبية: كسائر مباني جورج تاون صممت مباني فكتوريا التي سميت على اسم المملكة فكتوريا من الأخشاب على الطراز الكولونيالي، مع أسقفها الحمراء اللامعة وأعمدتها الخشبية ذات الألوان المشمشية، فقد كانت المباني مقر دار القضاء خلال فترة الاستعمار الإنجليزي، وشهدت محاكمة بعض كبار المجرمين.

مشاركة :