استحواذ والت ديزني على أفلام وتلفزيون فوكس يعيد تشكيل هوليوودصفقة جديدة تغير المشهد العام ضمن عالم الإعلام والترفيه، تستكمل بها ديزني خططها للتوسع ومنافسة عمالقة صناعة المحتوى الرقمي، فيما تتقلص إمبراطورية قطب الإعلام روبيرت ميردوخ التي لطالما كان يخشى من نفوذها المتنامي.العرب [نُشر في 2017/12/16، العدد: 10844، ص(18)]سباق نحو تصدر المشهد الإعلامي والترفيهي نيويورك – يتلاشى شبح النفوذ المتصاعد لقطب الإعلام روبرت ميردوخ شيئا فشيئا مع تخليه عن العديد من شركاته الإعلامية والإخبارية في صفقات متتالية، توجت الخميس بإعلان شركة “والت ديزني” الأميركية الاستحواذ على شركة “توينتي فرست سينشري فوكس”، عملاق الإعلام متعدد الجنسيات، مقابل نحو 52.4 مليار دولار في شكل أسهم. واتفقت والت ديزني على شراء أنشطة أفلام وتلفزيون وأصول أجنبية من فوكس، مع سعي ديزني لتوسيع نطاق عملها في مواجهة المنافسة المتزايدة من نتفليكس وأمازون.كوم. وبموجب شروط الصفقة التي ستجرى بأكملها من خلال تبادل للأسهم، تستحوذ ديزني على أصول كبيرة من فوكس، من بينها شركات “فوكس نتووركس” و“ناشيونال جيوغرافيك بارتنرز” و“فوكس سبورتس ريجنال نتووركس”، وستملك ديزني كذلك حصة ملكية لفوكس في شركات ترفيه أخرى مثل شركة “هولو” لبث الفيديو على النت، ما يعطيها غالبية في السيطرة على السوق أمام منافستها شركة نتفليكس. وستفصل فوكس شبكة ومحطات فوكس برودكاستنغ وقناة فوكس نيوز وشبكة فوكس بيزنس، وإف.اس 1، واف.إس 2، وشبكة بيغ تن، وتضعها تحت مظلة شركة جديدة مدرجة تؤول ملكيتها إلى مساهميها، قبل عملية الاستحواذ مباشرة التي ستتحمل ديزني فيها أيضا نحو 13.7 مليار دولار من صافي ديون فوكس. وتسدل هذه الصفقة الستار على نصف قرن من التوسع لمردوخ (86 عاما) الذي حوّل صحيفة أسترالية ورثها عن والده وهو في الحادية والعشرين من عمره إلى واحدة من شركات الأخبار والأفلام العملاقة الأهم في العالم. وقال روبرت ميردوخ الرئيس التنفيذي لشركة “توينتي فرست سينشري فوكس” “نحن فخورون للغاية بكل ما بنيناه في توينتي فرست سينشري فوكس، أعتقد بشدة أن هذا الاندماج مع ديزني سيحقق حتى قيمة أكبر للمساهمين”. وجاء تحول ميردوخ إلى بيع أصول شركاته بدلا من الشراء مفاجأة لمن توقعوا أنه سيورث أعماله لولديه، جيمس ولاكلان.سارة ساندرز: ترامب يعتقد أن الاتفاق قد يكون شيئا رائعا للوظائف وأنه بالتأكيد يتطلع ويأمل في رؤية المزيد من تلك الاندماجات ويعتبر مراقبون عملية الاندماج هذه ردا على التغيير الذي أحدثته شركات البث عبر الإنترنت مثل نتفليكس وأمازون في عالمي الإعلام والترفيه. وقالت قناة “سي إن بي سي” الأميركية إن الصفقة ستمنح حاملي أسهم فوكس 25 بالمئة من إمبراطورية ديزني بعد توسعها. ويعتقد أن ديزني تسعى للحصول على استديوهات فوكس المعروفة بإنتاجها السينمائي والتلفزيوني، بالإضافة إلى قنوات الكايبل “اف اكس” المشفرة وقناة ناشونال جيوغرافيك إلى جانب حصة الشركة البالغة 39 بالمئة في مجموعة سكاي التلفزيونية البريطانية. ورجح مراقبون أن هذه الخطة قد تواجه تدقيقا من قبل جهات مكافحة الاحتكار لأنها تحصر السلطة في استديوهات هوليوود في مكان واحد، وكذلك أيضا في مجال حقل البث الرياضي، لكن البيت الأبيض عبر عن دعم الرئيس دونالد ترامب الاتفاق بين والت ديزني وفوكس. وصرحت سارة ساندرز المتحدثة باسم البيت الأبيض، للصحافيين “أعلم أن الرئيس تحدث مع روبرت ميردوخ، وهنأه على الاتفاق وأنه يعتقد أن هذا قد يكون شيئا رائعا للوظائف وأنه بالتأكيد يتطلع ويأمل في رؤية المزيد من تلك الاندماجات”. وكانت وزارة العدل الأميركية قاضت مؤخرا شركة ‘أيه تي أند تي’ لمنع صفقة شرائها لشركة تايمز وارنر بمبلغ 85.5 مليار دولار، على أساس أنها سترفع الأسعار على المستهلكين والمنافسين. وستمنح الصفقة أيضا شركة ديزني خزينا متنوعا من الأفلام ذات الإيرادات العالية من أمثال حرب النجوم وأفاتار وديدبول، فضلا عن أعمال تلفزيونية رائجة من أمثال مسلسل عائلة سيمبسون، مع بقاء رئيسها التنفيذي بوب إيغر في منصبه على رأس المجموعة حتّى عام 2021. والمفارقة أن شركة “فوكس” كانت قبل عام تماما في 16 ديسمبر، قد توصلت إلى اتفاق يقضي بشراء شركة “سكاي” مقابل حوالي 15 مليار دولار أميركي، ولكن الاندماج توقف بسبب انتظار موافقة السلطات البريطانية، في ظل مخاوف من زيادة نفوذ ميردوخ المالك لصحيفتي “صن” و“التايمز” في الإعلام البريطاني. وتحقق الهيئة المسؤولة عن الأسواق والتنافس التجاري في بريطانيا في صفقة فوكس المقترحة لشراء بقية أصول شبكة سكاي البريطانية، وستنشر الهيئة نتائج أولية للتحقيق في يناير المقبل. وقالت بي بي سي، وفقا لمصادر مطلعة إن صفقة ديزني لن تغير نتائج التحقيق. وقال خبراء إن التغير في عادات المستهلكين دفع العاملين بالإعلام إلى ربط المحتوى بعوامل التوزيع، كما أن القصص الناجحة في المستقبل هي التي ستحقق توزيعا عاليا. ونفى أبناء ميردوخ مؤخرا فكرة أن الشركة التي حققت ما يقرب من 29 مليار دولار ما يعادل 21 مليار يورو كعائد في العام المالي الحالي، ليس كبيرا بما يكفي لاستمرارها، ولكنهم أيضا أوضحوا أن الشركة أجرت تغييرات خلال الأعوام الماضية.روبرت ميردوخ: نحن فخورون بكل ما بنيناه في توينتي فرست سينشري فوكس، هذا الاندماج مع ديزني سيحقق قيمة أكبر للمساهمين وقامت العائلة ببيع عدد من الشركات وفصلت الجرائد في شركة مختلفة. وتأتي صفقة الاستحواذ ضمن خطط ديزني للتوسع والتي كانت قد بدأت الإعلان عنها في أغسطس الماضي بإنهاء اتفاق التوزيع مع نتفليكس وسحب جميع أفلامها، على أن تبقى هذه الأفلام متاحة حتى نهاية عام 2018. واختارت بدلا من ذلك إطلاق خدمتها الخاصة للبث المباشر للمستهلك في وقت ما خلال عام 2019، على أن تبدأ من الولايات المتحدة لتتوسع عالمياً لاحقا، وجاء ذلك خلال إعلانها تقريرها الأخير للأرباح. وصرح بوب إيغر الرئيس التنفيذي للشركة، في ذلك الوقت، بأن ديزني لديها علاقات جيدة مع نتفليكس، إلا أنها قررت اللجوء إلى خيار آخر يتمثل بنقل المحتوى التابع لها من المنصة، بحيث تتم إزالة جميع الأفلام التابعة لها وجميع الأفلام التي تتبع إلى ديزني وبيكسار، كما أنها ستستثمر بشكل كبير في الأفلام والمسلسلات التلفزيونية الحصرية للمنصة الجديدة. وأضافت الشركة أنها سوف تطلق خدمة بث منفصلة مخصصة لمحتوى “اسبن” في وقت مبكر من العام المقبل 2018، وتحتوي هذه المنصة، التي تضم نحو 10 آلاف حدث رياضي إقليمي ووطني ودولي كل عام. وأتت الخطوة بعد أن أصبحت قناة اسبن مصدر قلق متزايد للشركة؛ بسبب تكلفتها العالية، بحيث تتيح إمكانية بيع القناة بشكل مباشر للمستهلكين فائدة كبيرة لديزني. وتتجه ديزني، في سبيل تشغيل هذه الخدمات، إلى شراء أغلب ملكية شركة الإعلام الرقمي الموجودة تحت مظلة دوري البيسبول “بام تيك” مقابل 1.58 مليار دولار، والتي انفصلت عن شركة وسائل الإعلام الرقمية MLB Advanced Media في أغسطس 2016، وكانت ديزني قد اشترت حصة في الشركة بحيث تبلغ نسبتها 33 بالمئة. وقد أدت هذه الأخبار إلى انخفاض أسهم نتفليكس، بعد ساعات قليلة من إعلان ديزني أنها سوف تسحب مكتبة المحتوى الخاصة بها من نتفليكس، حيث انخفضت الأسهم بأكثر من 4 بالمئة. وشكل القرار ضربة كبيرة لخدمة البث نتفليكس؛ نظرا إلى أنها توفر الكثير من المحتوى الجديد والمميز. وقد أسهم قرار ديزني في زيادة القلق حول إمكانية أن يحذو حذوها الشركاء الآخرون لـ”نتفليكس”، خاصة في حال نجاح ديزني في مساعيها في ما يخص خدمة البث المباشر الجديدة.
مشاركة :