خبراء في مكافحة الإرهاب من تزايد العمليات الإرهابية داخل الولايات المتحدة بعد نجاح الحلفاء الغربيين في استعادة معظم الأراضي التي استولى عليها تنظيم داعش المتشدد في سوريا والعراق، مما يحفّز على شنّ المزيد من الهجمات من منطلق الغضب أو الانتقام. وقال شيماس هيوز، المستشار السابق بالمركز الوطني لمكافحة الإرهاب التابع للحكومة الأميركية، إن الهجمات الفردية “عادة ما تكون أضعف تنظيما وأقل فتكا وهذا لأنك تتعامل مع هواة”. وأضاف هيوز “سنشهد المزيد من المخططات وكذلك الهجمات بكل أسف”، فيما دعا التنظيم المتشدد منتسبيه إلى تنفيذ عمليات إرهابية بحلول أعياد الميلاد. وأكدت بحوث أجراها برنامج مكافحة التطرف في جامعة جورج واشنطن، حيث يشغل هيوز منصب نائب المدير، تصاعد موجة الهجمات الفردية في الولايات المتحدة، ما يعزّز المخاوف لدى الأميركيين، خاصة مع وجود تقارير تشير إلى عودة الآلاف من المسلحين. وفي حين أنه من الصعب منع تلك الهجمات مقارنة بالهجمات المنسقة التي ينفذها مجموعة من الأشخاص الذين قد يكون من السهل على جهات إنفاذ القانون أو وكالات المخابرات مراقبة اتصالاتهم، فإنها عادة ما تكون أقل ضررا. وقال ماكس أبراهامز، الأستاذ بجامعة نورث إيسترن والمتخصص في شؤون الإرهاب، “يمكن لشخص واحد أو اثنين إحداث الكثير من الأضرار، لكن هذه الفئة لا تستطيع شنّ حملات إرهابية مستدامة”. وشهدت الولايات المتحدة 19 هجوما نفذها أشخاص استلهموا فكر تنظيم داعش المتشدد منذ أن أعلن التنظيم خلافته المزعومة في يونيو 2014، بعد سيطرته على مناطق واسعة من العراق وسوريا. ووقع 12 هجوما من تلك الهجمات في عامي 2016 و2017 بزيادة بمعدل، الثلثين تقريبا، مقارنة بالعامين السابقين. وقال مدير مكتب التحقيقات الاتحادي كريستوفر راي، في شهادة أمام الكونغرس الأسبوع الماضي “ما من جماعة نجحت في اجتذاب أشخاص إلى أيديولوجيتها الجانحة بقدر ما نجح تنظيم داعش”.كريستوفر راي: يستطيع الإرهابيون من خلال الإنترنت الوصول إلى مواطنينا وتجنيدهم وأضاف “يستطيع الإرهابيون الآن من خلال الإنترنت الوصول إلى مجتمعاتنا المحلية لاستهداف مواطنينا وتجنيدهم”. ويقسم محللو الأمن القومي، الذئاب المنفردة التي تشن هجمات في شكل مجموعات صغيرة أو انفرادية، إلى ثلاث فئات: المهاجمون الذين يتصرفون بإيعاز من جماعة وآخرون لهم اتصالات محدودة بمنظمة ما لكنهم يتصرفون بشكل كبير من تلقاء أنفسهم. وأما الفئة الثالثة فليس لها اتصال بأي جماعة لكنها تقوم بأعمال عنف بعد اعتناقها أفكارا متشددة تأثرا بمواد منشورة عبر الإنترنت. واتبع مهاجر من بنغلادش، يدعى عقائد الله ويبلغ من العمر 27 عاما، هذه التعليمات، الاثنين الفارط، عندما حاول تفجير قنبلة محلية الصنع في واحدة من أكثر المحطات استقبالا للركاب في نيويورك، ما يبرز مدى صعوبة الهجمات الفردية لمتشددين يتصرفون من تلقاء أنفسهم. وكان عقائد الله قد أصيب بجروح خطيرة، عندما اشتعلت قنبلته لكنها لم تنفجر في نفق تحت الأرض يربط محطة حافلات بورت أوثوريتي بمحطة قطارات أنفاق تايمز سكوير، فيما أصيب ثلاثة آخرون بجروح خفيفة. ويقول ممثلو الادعاء الذين وجّهوا لعقائد الله اتهامات تتعلق بالإرهاب إنه بدأ يهتم بشكل كبير بدعاية تنظيم داعش منذ أوائل عام 2014،أي بعد ثلاثة أعوام من وصوله إلى الولايات المتحدة كمهاجر بشكل قانوني. وقالوا في أوراق القضية، إن سجلات كمبيوتر عقائد الله كشفت أنه شاهد تسجيلات فيديو بثها تنظيم داعش على الإنترنت حثّ فيها أنصاره على شنّ هجمات أينما يعيشون. وكان التنظيم قد دعا، في تسجيل مصوّر، أنصاره “الذين لا يستطيعون السفر إلى الخارج للانضمام إلى التنظيم عليهم أن ينفّذوا هجمات سواء كانوا في الولايات المتحدة أو أوروبا”. ويصعب على المحققين تحديد الجناة الذين يعملون من تلقاء أنفسهم، حيث ينتمي عقائد الله إلى هذه الفئة، بالإضافة إلى أحمد رحيمي الذي أصاب 30 شخصا بعد تفجير قنبلة في مانهاتن وسيف الله سيبوف المهاجر الأوزبكي المتهم بقتل ثمانية عن طريق عملية دهس. وقال سيبوف، 29 عاما، إنه كان يهدف إلى قتل أكبر عدد ممكن من الناس، وإنه غير نادم على هجومه الذي نفذه مع احتفالات الهالووين. وقال المهاجر الأوزبكي، الذي يواجه تهمة ارتكاب عمل إرهابي، إنه استلهم أفكار تنظيم داعش المتطرف، وإنه قد أصيب برصاص الشرطة في موقع الحادث. وتعدّ التهم الموجّهة إلى سايبوف فيدرالية، الأمر الذي يعني أنه يمكن للحكومة من تجاوز حظر عقوبة الإعدام في ولاية نيويورك. وإن كانت الهجمات التي ينفذها هذا النوع أقل تدميرا فإن لها استثناءات، حيث لقي 168 شخصا حتفهم في تفجير أوكلاهوما الذي نفّذه تيموثي مكفاي وتيري نيكولز، كما قتل عمر متين، 49 شخصا بالرصاص في ملهى ليلي في أورلاندو العام الماضي.
مشاركة :