يشهد عالمنا غدا العاشر من نوفمبر فعاليات اليوم العالمي للعلوم لصالح السلام والتنمية، وهو يقام في نفس الوقت من كل عام؛ لتجديد الالتزام الوطني والدولي للعلوم من أجل السلام والتنمية، والتأكيد على الاستخدام المسئول للعلوم لصالح المجتمع. ورفع مستوى الوعي العام بأهمية دور العلم، وإقامة جسور بين العلوم والبيئة. ولا شك أن للعلوم دورها الأساسي في الجهود المبذولة؛ لتحقيق الكثير من أهداف خطة التنمية المستدامة لعام 2030م، وفي ضمان بناء مستقبل مستدام، وتجارب الأمم شاهد حي على ذلك. العلوم تشبه رمانة الميزان Pomegranate balance، وهي تلك القطعة من الحديد على شكل رُمانةِ، تُحركُ على قضيب الميزان حتى يعتدل فيقرأ رقم الوزن. وحركة العلوم في حياة الأمم هي التي تعتدل من خلالها مقدرات المجتمع ويمكن أن نقرأ وزن ما بلغته هذه الأمم من تنمية وتقدم. لكن هذا الدور التنموي للعلوم لا يظهر في المجتمعات التي لا يزال التعليم فيها يمضي بالطريقة الاعتيادية ((Traditional Method))، التي تعني التلقين والسرد للمعلومات دون أن يكون للمتعلم جهد إيجابي في المشاركة والتفكير، وتشير نتائج الأبحاث إلى أن هذه الطريقة لا تزال هي السائدة. وقد علت الصيحات في السنوات الأخيرة مطالبة بتطبيق التعلم النشط Active learning، وهي دعوات جديرة بأن تجد صداها في قاعات التعلم لإشراك المتعلمين وتحفيزهم للتعلم، والتفكير والابتكار. وفي نهاية الأسبوع الماضي، انعقد ملتقى المجتمعات المدرسية المهنية للتعلم النشط نظمته وزارة التعليم واستضافته إدارة تعليم الشرقية وحضره تسعون خبيرا من مختلف مناطق المملكة، وأوصى بتقديم حزمة من برامج التطوير المِهني لكافة المعنيين بمجتمعات التعلم؛ لرفع كفاءتهم وتحسين مخرجات التعلم. التعلم النشط ليس عبئا جديدا للمعلم- كما يراه البعض- وإنما أداء أفضل يمكن المتعلم من تحمل مسئوليته نحو تعلمه، ويشارك بفاعلية في التفكير وحل المشكلات. وهو أيضا ليس ملهاة للطالب- كما يعتقد البعض- بل مشاركة إيجابية وممتعة في اكتساب المعرفة وتنمية التفكير. إن الإسلام في كتابه العظيم تضمن دعوات صريحة إلى الحركة النشطة في النظر العلمي للظواهر الكونية قال تعالى: «قُلِ انظُرُوا ماذا فِي السماواتِ والأرضِ» [يونس: 106]، وقال تعالى «فلينظُرِ الإِنسانُ مِم خُلِق» [الطارق: 5]. وقال تعالى: «قُل سِيرُوا فِي الأرضِ فانظُرُوا كيف بدأ الخلق» [العنكبوت: 20]، وقال تعالى «أولم يتفكرُوا فِي أنفُسِهِم ما خلق اللهُ السماواتِ والأرض وما بينهُما إِلا بِالحقِ وأجلٍ مُسمى» [ سورة الروم: 8] وكانت هذه الدعوات ملهمة للتفكير والإبداع في الحضارة الإنسانية. من شهر مضى وفي جامعة موسكو الحكومية للعلاقات الدولية، قال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز- حفظه الله-: «إن الاهتمام بالعلم والابتكار، والتطور التقني، وتطوير الكفاءات البشرية، يمثل ركيزة مهمة للتنمية». فقناعتنا بدور العلوم في تحقيق التنمية المستدامة وإيماننا برسالة المعلم في النهوض بمجتمعه وتمكين المتعلم من تحمل مسئوليته تجاه تعلمه وتفكيره، هي عناصر ضرورية ستدفع قاطرة التنمية إلى الأمام.
مشاركة :