لم تكن المدرجات شبه الخالية في مباراة النصر والفيصلي الأخيرة، سوى رسالة لافتة من الجماهير النصراوية، تعبر في تفاصيلها عن امتعاضها الشديد تجاه نتائج الفريق في الجولات الثلاث، وآخرها مواجهة الفيصلي، والتي لم يحقق خلالها الفريق سوى نقطتين من تعادلين وخسارة، بعد ثلاثة انتصارات متتالية، توقع بعدها الجميع أن الفريق استيقظ أخيراً من غفوته الطويلة، وبدأ يتلمس طريق المنافسة على لقب الدوري. مدرب الفريق الأرجنتيني كونتيروس غوستافو ظل بعد كل مباراة في المؤتمر الصحفي يبرر سوء النتيجة بضعف تركيز اللاعبين في الدقائق الأولى خصوصاً، وهو ما نثر معه علامات استفهام كبيرة حول العمل الإداري الذي يقود الفريق، وكيف سمح بتراكم البطاقات الصفراء على اللاعبين بهذا التهافت، مروراً بتدخل لجنة الانضباط لمضاعفة العقوبة على مدافع الفريق الدولي عمر هوساوي، بعد طرده بالبطاقة الحمراء في مواجهة القادسية، امتداداً لتسببه في ضربتي جزاء في البطولة العربية في مباراة الفتح المغربي خلال دقائق معدودة، وهو مالم يستوعب اللاعب ضرره على فريقه ككل، في غياب التدخل الإداري الحازم حتى الآن الذي تأثرت بغيابه حتى نتائج الفرق السنية التي تراجعت هي الأخرى حتى وصل الحال لخلافات حدثت بين مدرب الفريق الأول ومدرب الفريق الأولمبي وكأن النادي ككل يخلو من أي إدارة قادرة على أن تحسم مثل هذا الموقف العابر. من يراقب المشهد العام في النصر، يدرك جيداً أن الفريق يفتقد لاكتمال منظومته الإدارية قبل الفنية والعناصرية، وأن الفريق يعاني من فراغ إداري محبط لعمل الجهاز الفني، فالمطلوب ليس الاقتراب من العمل الفني وفرض التدخلات الإدارية، إنما المطلوب من إدارة الفريق أمام المدرجات الصفراء هو فرض الانضباط والمحاسبة بدءًا من دكة البدلاء حتى مجلس الإدارة، الذي غاب صوته بابتعاد رئيس النادي، الذي كان يملأ المشهد الإداري في النادي وحيداً دون وجود بدلاء، حتى في الجهاز الإداري المشرف على الفريق، وعندما غاب صوت الرئيس غاب معه البديل المناسب إدارياً وبات المدرب وحيداً يواجه تقلبات أمزجة اللاعبين، وهبوط مستوياتهم من مباراة إلى أخرى. النجاح في أي منظومة هو نجاح جماعي عام له أدواته وأدواره المؤثرة، ولا يمكن حصره في إدارة أو مدرب أو عناصر أخرى، فروح الفريق الواحد تكاد تغيب عن النصر هذا الموسم، مع افتقاد الطموح وضعف الحماس في إرضاء المدرجات الصفراء الكبيرة، التي بات عزوفها عن دعم الفريق معضلة حقيقية تثبتها الأرقام والمقاعد الخالية في كل مباراة، وهو ما قد يساهم في فقد الثقة بين الجماهير والفريق ويظهر تأثيرها السلبي على عطاءات اللاعبين، على الرغم من أن جماهير النصر كانت دوما مضرب المثل في دعمها ومؤازرتها لفريقها حتى وهو في أسوأ أحواله، تسانده وتقف خلفه على ملعبه وخارج قواعده، تحركها مشاعر الانتماء وذكريات التاريخ والبطولات والانجازات الحاضرة الغائبة، تعلقت هذه الجماهير المخلصة بمنجزات مضت، ولكنها لازالت تسكن ذاكرتها بانتظار مستقبل أجمل، تكتمل فيه منظومة الفريق، بحضور إداري مؤثر، أو رحيل منتظر، يترك المهمة لمن يأتي خلفاً ليصحح الأخطاء، ويعالج جسد الفريق المنهك منذ مواسم، و لإنعاش طموحاته واستعادة أمجاده، ونثر ألوان الفرح في مدرجاته.
مشاركة :