كما هو معروف التقاعد المبكر للمعلمين هو أشبه بمعول يضرب خطط وزارة التعليم كل عام ومن مختلف الاتجاهات، لكنك تقف حائرا أمامه لا يوجد نظام يمنع هؤلاء المعلمين من تقديمه ما إن يستحقوه حتى يغادروا ميدان التعليم حاملين معهم خبرات قيمة كان التعليم يستحق الاستفادة منها على الأقل عشر سنوات قادمة. لماذا يتقاعد المعلمون؟ وأين يذهبون بعد التقاعد؟ أسئلة ربما أهم من سؤال كيف ندفعهم إلى البقاء أكثر في الميدان؟ لعدة أسباب، أهمها أن الإجابات ستوضح لنا حقائق نستحق نحن كلنا في هذه البلاد أن نعرفها على الأقل أولئك الذين يعملون بجد وبجهد لتجد السعودية مكانتها التي تستحقها اقتصادياً واجتماعياً، وفي الواقع الوصول إلى إجابات يستدعي طرح الأسئلة، والأسئلة هي وليدة الاندهاش كما يقول الفلاسفة، وهي رحلتنا كذلك نحو اليقين الذي ننطلق منه نحو الإصلاح، لذلك يجب ألا نشعر بالخوف من الأسئلة إلا إذا كان لدينا ما نخشاه، وهذه قضية أخرى ربما تقودني إلى الحديث عن وزارة التعليم والانتقاد. على كل حال دعونا نتساءل هل بعد إنشاء الشركات الداعمة للتعليم ازدادت نسبة تقاعد من مسماه الوظيفي معلم ويحتل منصباً قياديا ثم اختفى لأسبوع، شهر، سنة، ثم ظهر في إحدى هذه الشركات؟ إذًا تقاعده المبكر ليس لإنشاء مدرسة مثلا يضع فيها تجربته أو لكي ينشئ أعماله الخاصة بعدما قضى زمنا في العمل الحكومي أو غير ذلك، لكنه انتقل من التعليم إلى التعليم في وظيفة تشبه وظيفته إلا قليلاً في التوصيف وكثيراً جداً في الراتب، وهذا يقود إلى السؤال الأهم: لماذا الكثير من الموظفين في الشركات التابعة لشركة تطوير القابضة التي أنشأت في سنة 2012 شركة تطوير للخدمات التعليمية، وشركة تطوير خدمات النقل التعليمي، وشركة تطوير المباني، وشركة تطوير لتقنيات التعليم معلمين متقاعدين وقيادات تعليمية متقاعدة تقاعدا مبكرا من الوزارة. ماذا يفعل معلمون متقاعدون في النقل أو المباني؟ كم راتب المعلم سين الذي تقاعد قبل سنة ونصف في شركة المباني المدرسية؟ هل هو أربعين ألف ريال؟ ماذا عن القيادي ص الذي بعد أن أمضى عمراً في التعليم وأصبحت خبرته لا تقدر بثمن أصبح مدير مكتب رئيس إحدى الهيئات براتب يفوق الستين ألف ريال. لاشك أن الإنسان يبحث عن مصدر دخل أعلى دائماً، لكن ماذا يحدث في هذه الشركات التابعة للتعليم؟ ولماذا رواتبها عالية هكذا؟ أعني مثل هذه الرواتب تستقطع مبالغ هائلة من الميزانية المعدة لإصلاح التعليم في الأصل، ثم هذه الشركات تم إنشاؤها لإصلاح التعليم فهل هؤلاء، وبالذات القيادات، قادرون على إحداث التغيير في مؤسسات ما يحدث فيها من أخطاء هو نتاج عملهم، أعني هل هناك جدوى من تسليمهم فرصة إصلاح التعليم، وهم في الأصل استنفدوا فرصهم وكانوا سبباً في التأخر والتخلف الذي نعانيه في تعليمنا؟ إن هذا لا يبدو منطقيا خاصة مع وجود عشرات الشباب من خريجي كليات التربية داخل المملكة وخارجها بلا وظائف، درسوا النظريات الحديثة وبعضهم كانت لديه خبرة في التعليم قبل حصوله على الدرجات العلمية من ماجستير ودكتوراه، فلماذا تعطى وظائفهم لمتقاعدي الوزارة من قياداتها القديمة؟ يقول أستاذي حمزة المزيني نحن نثير القضايا بأسئلتنا، وأقول إن الإجابات تحلها، أو على الأقل تشارك في الحل.
مشاركة :