مهرجان الظفرة يغرس حب التقاليد والموروث لدى الأجيال الناشئة

  • 12/17/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

الظفرة (أبوظبي) ـ تحتفي منطقة الظفرة خلال هذه الفترة بمهرجان الظفرة الذي يستمر لغاية 28 ديسمبر/كانون الأول الجاري، تحت رعاية كريمة من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، وبتنظيم من لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية - أبوظبي. وتعكس هذه التظاهرة الثقافية والتراثية والاقتصادية في نفوس زائريها وضيوفها حكايا التاريخ والحضارة والتطور في تآلف وتناغم فريد من نوعه يمزج بين عراقة وأصالة الماضي وحداثة الحاضر. حتى بات المهرجان حدثاً مهماً لتعليم الأجيال الناشئة العادات والتقاليد ونقل تراث الآباء والأجداد إليهم، ويتمكن المتابع من الاطلاع على العديد من العادات والتقاليد المرتبطة بحياة الإماراتيين. ولتحقيق هذه الرؤية، تحرص لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية على استحداث فعاليات وأنشطة خاصة بالأطفال في قرية مخصصة لهم، حيث تعتبر هذه القرية ركناً أساسياً ضمن فعاليات مهرجان الظفرة، كونها تشتمل على الألعاب والأنشطة الترفيهية والثقافية والتوجيهية والتراثية وتنظيم المسابقات اليومية، والعروض الموسيقية التراثية والعروض المسرحية التي تتضمن عدة مسرحيات هادفة للطفل. وتسعى إدارة المهرجان من خلال هذه الفعاليات إلى العمل على تحقيق طموحات أكبر شريحة من هذه الفئة من خلال تعريفها بالعادات والتقاليد الإماراتية الأصيلة، وإشراك الجيل الجديد بالتراث وتحفيزه على البحث من خلال العروض والجوائز التشجيعية. حيث أصبح المهرجان ملتقى لتعزيز الروابط الأسرية ومشاركة جميع شرائح المجتمع في هذا الحدث التراثي المهم. وتحظى فعاليات قرية الطفل بجمهورٍ واسع من قبل الأطفال وأولياء الأمور وحتى من قبل السياح الذين يحرصون على اصطحاب أطفالهم للترفيه كما للاطلاع على روائع التراث الإماراتي العريق، مع ما يقدمه المهرجان من فرصة للتناغم التام بين الطفل وكائنات وعادات وتقاليد أهل البر والصحراء، الشيء الذي يزيد من حجم النجاحات الكثيرة التي تلقاها فعاليات منطقة الظفرة وتثبت مدى اقترابها من كافة الشرائح الاجتماعية والعمرية، كما تتميز قرية الطفل بالرعاية الشديدة والعناية الفائقة من المشرفين على الأطفال المتواجدين الذين يسعون إلى تأمين كافة متطلباتهم، في إطار خطة متكاملة تهدف لتشجيع جميع أفراد الأسرة على زيارة المهرجان التراثي ونشر ثقافته بين جميع أفرادها من أطفال وكبار. • اللبن الحامض مسابقة لها تاريخ وجذور يمثل اللبن الحامض قيمة معنوية كبيرة ضمن موروث المواد البيئية المألوفة بين أسباب المعيشة ومواد الغذاء والطعام لسكان البر والصحراء، وبخاصة لدى أهالي منطقة الظفرة والخليج بشكل عام وقد شكلت مسابقة اللبن الحامض ضمن فعاليات مهرجان الظفرة بتنظيم من لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية – أبوظبي حدثا معنويا مهما لدى جمهور المهرجان من مواطني منطقة الظفرة وزائريها، انعكس في نسبة الإقبال الكبيرة على المشاركة في هذه المسابقة التي حرصت اللجنة المنظمة على إضافتها ضمن فعاليات المهرجان بهدف تعريف الجمهور بالتراث الثقافي الإماراتي الذي تزخر به دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث إن عملية تحويل الحليب إلى لبن حامض أو رائب نتجت بسبب حاجة المواطنين قديماً لحفظه من التلف، وكي لا يفسد تعلمت المرأة كيف تحفظ اللبن، ثم تحوله بعد فترة لمنتجات جامدة، أو ما يسمى في بعض الدول جميد، مثل الإقط أو اليقط والشنكليش، وقد بقيت هذه المنتجات تتشابه في ما بينها في الدول العربية، من حيث الشكل والمذاق والفائدة الغذائية. وقال عبيد خلفان المزروعي مدير المهرجان إنّ هذه المسابقة تمثل صورة جميلة باقية لنا من زمن الأجداد، نستمتع بها نحن أبناء الإمارات، بخاصة وأنّ اللبن الحامض كان منذ القدم رفيق درب الآباء والأجداد يعتمدون عليه في غذائهم صباحاً ومساء وحتى في الظهيرة يأكلونه إلى جانب التمر ليعطيهم مذاقاً متميزاً ورائعاً حلوا وحامضا، وهذه النكهة نراها مشهورة اليوم كثيراً فيما كانت في السابق أيضاً معروفة من خلال اللبن، كما أنّ العديد منهم يستغل هذا اللبن في تحضير اللبنة والقشدة والسمن وغيرها. وأضاف المزروعي: "إنّ لكل أمة تراثاً وماضياً جميلاً تفتخر به، يشكل وثيقة عهد لصون التراث بين الأجيال السابقة والأجيال الحالية والأجيال القادمة وهمزة وصل بين الأجداد والآباء والأبناء والأحفاد، لذا ارتأينا في مهرجان الظفرة استحداث هذه المسابقة التي تقوم على المحافظة على هذه التقاليد الأصيلة". وقد أسفرت نتائج مسابقة اللبن الحامض عن فوز ورثة بخيت سالم خلفان سنديه بالمركز الاول بينما جاء في المركز الثاني سالم صلهام محمد صلهام المزروعي وجاء في المركز الثالث بكسه عتيق زوجة خلفان محمد حزيم المنصوري وفي المركز الرابع حابس يافور المنصوري وفي المركز الخامس محمد صلهام سعيد صلهام المزروعي وفي المركز السادس كاملة محمد زوجة ابراهيم سالم حمد المزروعي وفي المركز السابع علياء الدحام زوجة محمد فرج سالم بيات المنصوري وفي المركز الثامن علياء راشد محمد المزروعي وفي المركز التاسع عفراء عيد صياح يافور المنصوري وفي المركز العاشر حبيبة سعيد علي المنصوري. • سيدات يغزلن الحياة تأكيداً من لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية – أبوظبي، الجهة المنظمة لمهرجان الظفرة، على أهمية التراث الشعبي في الصناعات والحرف اليدوية التقليدية والمهن الرجالية والنسائية على حد سواء، أطلقت اللجنة مسابقة التلي لتكون منصة إبداع وتعريف بالموروث الثقافي الإماراتي لجمهور المهرجان وزائريه. وقال عبدالله بطي القبيسي، مدير إدارة الفعاليات والاتصال في لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية – أبوظبي: "إنّ مسابقة التلي بالنسبة إلينا تقع في صلب اهتمامات اللجنة لإحياء التراث المادي والمعنوي، والتعريف بروائع الحرف التقليدية والمهن التي كانت معينا للإبداع وسببا من أسباب المعيشة والحياة الكريمة لأجدادنا وآبائنا". وتابع القبيسي: "لهذه المهنة التقليدية مكانة عريقة في قلب كل إماراتي، كونها ترتبط أولاً بالأمهات والجدات، بكفاح المرأة الإماراتية في زمن الندرة لتوفير متطلبات الملبس لأفراد أسرتها، وكونها ترتبط ثانياً بجماليات النسيج والحياكة والاستغلال الأمثل لموارد الطبيعة والبيئة المحلية التي لم تبخل علينا بكنوزها ووفرتها". ففي ركن من أركان السوق الشعبي في مهرجان الظفرة؛ تربعت عدة متسابقات على المنصة، وفردن خيوط الزري الفضية والذهبية، والخيوط ذات الألوان الزاهية ليبدأن حياكة التلي بعد أن يثبتن الوسادة البيضاوية على الكاجوجة، ليكاد الأمر يختلط على الناظر، وكأن الأصابع تُغزل مع الخيوط، فلا يفرّق بينها، ويسأل: أهي مربوطة بها؟ ومن يحيك الآخر فيهما؟ وبين حركة الأصابع الدقيقة، وخيال دفاق؛ تختار كل متسابقة غرزتها التي رسمتها مسبقاً في ذهنها، لتتفنن أناملها في صياغتها، وكأنما خُلقت عالِمة بها منذ ولادتها، وبين غرزة وأخرى نلمح في العيون تركيزاً مذهلاً، وانسجاماً مدهشاً مع الخيوط. وفي إطار المسابقة، تقوم لجنة التحكيم المكونة من سيدات ذوات خبرة ومعرفة في هذا المجال، فترحب بهن المتسابقات بمحبة وحرارة، وفي خضم تلك الساعة العصرية المكتظة بالوجوه والخيوط والألوان، والحافلة بالحبور، ينتهي الوقت المحدد، لتقوم المحكّمات باختيار أفضل تلي، استناداً إلى معايير محددة ومعروفة لديهن، ومنها طول الخيط، وشكل الغرزة، واتقان الغرزة، وجمال الألوان وانسجامها مع بعضها البعض، وغير ذلك. وعند الانتهاء من التحكيم تم الإعلان عن النتائج، فكان المركز الأول من نصيب ضبابة محمد خلفان، وحلّت في المركز الثاني آمنة عبيد الظاهري، أما حاحبة المركز الثالث فقد كانت وضحة مبارك محمد، وجاءت مريم محمد المنصوري في المركز الرابع، أما المركز الخامس فقد نالته بخيتة مبارك الشامسي، والمركز السادس فازت به مضحية محمد خلفان. جمعت كل متسابقة بكرات خيوط أقواس القزح المتدلية من الكاجوجة، ورتبت أدواتها، وغادرت وهي سعيدة بمشاركتها، ومستعدة لمشاركات عديدة أخرى، كنّ قد سجلن بها لاستكمال حالة الفرح والمتعة والحماس خلال أيام مهرجان الظفرة لمزاينة الإبل. • مهرجان الظفرة يرسم بالشعر والشلات ملامح الأصالة لا يقتصر مهرجان الظفرة على كونه مزاينة الإبل الأولى عربياً وعالمياً، ولا كونه ملتقى دوليا لملاك ومربي الإبل والمولعين بها كهواية تراثية، وإنما يشكّل منصّة وطنية بالغة الأهمية لتقديم نخبة القصائد الشعرية التراثية والشلات، وفرصة حقيقية للتواصل بين الشعراء والجمهور المحب للشعر الشعبي المرتبط بالتراث والتاريخ والعادات العربية الأصيلة. وحفاظاً على موروث الأدب الإماراتي الأصيل في الشعر النبطي والشعبي والشلات، تنطلق اليوم 17 ديسمبر/كانون الأول مسابقة الفنون الشعبية والتي تتضمن مسابقة الشعر والشلة، وتستمر بشكل يومي حتى 25 ديسمبر/كانون الأول الجاري، تأكيداً على أنّ الفنون الشعبية جزءٌ لا يتجزأ من ثقافة الشعوب وتاريخها وأصالتها العريقة. وقال عبدالله بطي القبيسي، مدير إدارة الفعاليات والاتصال في لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية - أبوظبي: "من المتوقع أنّ تستقطب مسابقة الشعر والشلة شعراء ذوي أصوات شعرية شعبية شجية، كونها تجسد مشهداً يحمل طابعاً ثقافياً وتراثياً مميزاً، يربط الماضي الإماراتي العريق، بحاضره ومستقبله عبر القصائد الشعرية الشعبية، وقد حرصنا على وجود الشلّة لما تمثله من وسيلة تسهّل للأطفال حفظ الشعر الشعبي والتراث الإماراتي من خلال غناء القصائد، فهي وسيلة تعليمية. وقد جاءت هذه المسابقة تحقيقاً لأهدافنا في اللجنة التي تحرص على إبراز مفردات التراث الشعبي الإماراتي. وبما أن فن الشلة الشعبية هو أحد المجالات التراثية لأهل الإمارات بشكل خاص والخليج بشكل عام، فقد انتشرت وازدهرت على نطاق واسع حتى وصلت إلى العالمية". وتابع القبيسي "تأتي هذه المسابقة احتفاءً بأهمية هذا الفن والشعر الشعبي، وحرصاً على تناقله جيلاً بعد جيل ومساهمة في الحفاظ عليه وتأكيداً لهوية وأصالة وطننا والمحافظة عليها". يذكر أن الفائز بالمركز الأول في مجال الشعر وفي مجال الشلة سيحصل على 30000 درهم والثاني 20000 درهم والثالث 15000 والرابع 10000 والخامس 10000. ويسمح بالمشاركة في هذه المسابقة لمن تزيد أعمارهم عن 16 عاما فما فوق، ويستمر استقبال المشاركات في سوق الظفرة التراثي لغاية 15 الجاري. • بين التفاؤل ومرح المشاركة وفرحة الفوز في أول سبت من مهرجان مزاينة الظفرة للإبل 2017، عند تمام الساعة الخامسة مساءً أُشعل الحطب. وبين شعور المرء بحرارة المكان ولسعات الهواء البارد؛ انطلقت فعاليات مسابقة المطبخ الشعبي للسيدات، حيث بدأت النسوة بتجهيز أماكنهن، وتحضير أواني وعدة الطبخ كما تقتضي الطريقة التقليدية. بدأت مسابقة الطبخ الشعبي بطبق "العصيدة"، ذو الشهرة الواسعة والشعبية الكبيرة، حيث رصّت كل متسابقة إلى جانبها مكونات عصيدتها، من سكر وطحين وزعفران وهيل وماء، وقد تربعت المشاركات على طوب إسمنتي، وأقعدن قدورهن المعدنية على أحجار يحترق تحتها الحطب، عازمات على تقديم أفضل ما لديهن من براعة في الطبخ، وهن يشجعن بعضهن البعض، فكن يقمن بزيارات سريعة لبعضهن، من دون أن تفارق ألسنتهن عبارة: "فالك الناموس إن شاء الله". بهذه الروح انسجمت فرحة المشاركة مع إبداع الأيادي والحماس، لكن لم يكن همُّ السيدات التنافس أو المباراة، بل تركّز هدفهن في عيش اللحظة والشعور بالمتعة وتبادل الخبرات، وعدم تفويت فرصة حضور إحدى فعاليات المهرجان الممتعة بالنسبة لهن. بعد ساعة من الزمن تقريباً؛ سلّمن أطباق العصيدة التي طهينها، ووضعنها على طاولة، لتعرض أمام لجنة التحكيم المكونة من سيدات فاضلات ذوات خبرة ومهارة في الطبخ والتذوق، ولم تعلن النتيجة إلا بعد التأكد من عدالة التقييم، وحين أعلنت النتائج تربعت في المركز الأول كاملة محمد المزروعي، فيما حلّت في المركز الثاني مريم سالم خلفان، وجاءت في المركز الثالث حمدة سعيد المرر، أما المركز الرابع فقد استقرت عنده حصة شاهين. مسؤولة المسابقات في السوق التراثي السيدة مريم القبيسي عبرت عن فرحتها بالمشاركة النسائية ذات الطابع الشعبي في مسابقة أفضل طبق عصيدة، وأشادت بالألفة الكبيرة التي جمعت بين المتسابقات، وبالفرح الذي غمرهن، وبروح التفاؤل التي ميّزتهن، وبحرصهن على تشجيع كل من يعرفن للتسجيل في مختلف المسابقات الشعبية المصاحبة لمزاينة الإبل. وقالت القبيسي: إن الفرح الذي كنت ألمحه في عيون المتسابقات منحني الشعور بضرورة التفاني والعطاء والإخلاص في العمل من أجلهن، كي أشهد منافساتهن الجميلة، وإن كنَّ لا يبحثن عن مال أو عن وجاهة من وراء تلك المشاركة. وأضافت القبيسي: ما إن تم الإعلان عن المسابقة حتى رأيناهن يأتين مع بناتهن ليحظين بفرصة المشاركة في هذا المهرجان السنوي الذي بات متنفساً للمنطقة، وموضع متعة منقطعة النظير بالنسبة لكثيرين، خاصة وأن المهرجان يهدف إلى إحياء موروث شعبي قريب من أنفسهن، فهن يعتبرن مسابقة الطبخ طاقة إيجابية لهن، يثبتن من خلالها جدارتهن في حفر الحفرة ورص الحطب وإشعال النار وتحمّل حرارتها، ووضع مكونات الطبق حسب الذائقة، فقط من أجل الاستمتاع بوقت ثري، وبمذاق شهي ولذيذ للأنواع التي يطهينها، وبكلمات الإطراء كذلك، ومن بينها كلمتي التي أقولها لهن: "تسلم إيدك"، والتي يعتبرنها تكريماً هاماً لهن، وبالرغم من كون الجوائز تحفيزية، إلا أنهن يتهافتن على المشاركة والحضور والاستمتاع بلحظة الفوز المغرية. فيما يخص التحكيم قالت القبيسي: يتم التحكيم عقب انتهاء الطهي مباشرة من قبل سيدات يمتلكن ثقة عالية بمهارتهن في الطهي، وإحساساً رفيعاً بهذا الفن، وذكاءً فطرياً في التذوق، فيكشفن عن المكونات والمقادير تلقائياً، ومن ثم يتفقن على اختيار الفائزات، اللائي يثبتن جدارتهن في طهي العصيدة. أما الإعلان عن المسابقة فيتم في اليوم الأول من المهرجان، بعد اعتماد جدول المسابقات المصاحبة، ثم يفتح الباب أمام المشاركات في المحال التجارية في السوق للتسجيل، فمنهن من يخترن الطبخ، ومنهن من يفضلن خياطة الملابس النسائية التقليدية، أو تطريز التلي وصناعة الخوص أو "السف" كما يقول أهل المنطقة، وهكذا يجمع هذا المهرجان السنوي أطياف السيدات على اختلاف أعمارهن ومجال أعمالهن، ليتنافسن ويمرحن ويحيين تراثاً شعبياً أثيراً. • الصناعات التقليدية والحرف اليدوية تراث وأصالة تستحقان العالمية رغم اندثار العديد من الحرف والصناعات اليدوية التي كانت شائعة في المجتمع القديم على المستوى العالمي، إلاّ أن جهود لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية – أبوظبي بتوجيهات من القيادة الرشيدة أسهمت في ترسيخ الوعي المجتمعي بأهمية الحفاظ على الموروث من الحرف اليدوية والصناعات التقليدية، كما أن العديد من الحرفيين الإماراتيين لا زالوا يمارسونها لإحيائها والحفاظ عليها لا كتراث غني فحسب، ولكن أيضاً لارتباطها بحياتهم إذ تعلم أغلبهم ممارستها من أهاليهم مباشرة وورثوا منهم خبرات لا يقدر قيمتها إلا من عايش ذلك الزمان، وبناءً عليه، يدرك القائمون على مهرجان الظفرة أن الحرف اليدوية يجب أن تكون في قلب المهرجان وفي أعلى سلّم اهتماماته، كونها تمثل الرصيد الثقافي والحضاري والإنساني لشعب الإمارات والمنطقة، كما تعرف عن تراثهم وأصالتهم، وخصوصيتهم التي تميزهم عن الآخرين، كما أنها تعّبر عن طبيعة حياة السكان المعيشية ومهنهم التقليدية التي يمارسونها في مختلف البيئات والمناطق. هذه الرسالة يؤكدها بوضوح سوق الظفرة في مهرجان الظفرة 2017، في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي، والذي يهدف عبر ما يعرضه من مشغولات يدوية وحرفية إلى التعريف بالتراث الإماراتي وتقديمه بصورة حداثية لا تتناقض مع الأصالة، عبر دمجه في الحياة اليومية للمجتمع وإيجاد فرصة مناسبة له للمنافسة في الأسواق. حيث تمثل الحرف التقليدية المتوارثة عبر الأجيال والتي اختطت لنفسها طريقاً واضحاً، على يد الإنسان علامة مميزة لكل دولة، واكتسبت الصفتين النفعية والجمالية. وقال عبيد المزروعي، مدير المهرجان، مدير إدارة التخطيط والمشاريع في لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية – أبوظبي "إن مهرجان الظفرة يأتي تنفيذاً لاستراتيجية لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية – أبوظبي بالحفاظ على التراث الإماراتي الأصيل والذاكرة الإنسانية لمجتمع الإمارات، كونه يعتبر أمانة بين أيدينا يتوجب علينا الحفاظ عليه، وحمايته ليكون عنصراً أساسياً من عناصر حياتنا اليومية المعاصرة، تجسيداً لروح الأصالة والتراث وبلورة عراقة الماضي ونقل سماته للأجيال المتعاقبة عملاً بمقولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله "من لا ماضي له لا حاضر له ولا مستقبل"، فالحضارة بناء متواصل ومتصل بماضينا وتأثيره ممتد إلى اليوم الذي نعيش فيه". ومن بين هذه الصناعات اليدوية المعروضة في سوق الظفرة تلك المستنبطة من مادة الخوص (سعف النخيل) كالسفة والسرود والقفة والمغطى والمشب والمهفة، وتقدم المشاركات في السوق للجمهور الزائر شرحاً كافياً عن طريقة تلوين الخوص، وكيفية غليه بالماء والمادة الملونة حتى يتشرب خصائص اللون، ثم عملية تنشيفه وتجفيفه بالهواء الطلق قبل استعماله في صناعة السفوف. كما يشهد السوق التعريف بحرفة صناعة النسيج والتي تتم خلالها صناعة أنواع مختلفة من السجاد والبسط الصوفية الملونة باستخدام النول الأفقي التقليدي، مع مشغولات "السدو"، التي تغزل فيها خيوط الصوف على الأنماط (العشيرية، الساحة، البطان، الطرابيش، والمساند)، ليصنع منها أنواع مختلفة من السجاد المزخرف القديم الذي كان معروفاً في البيئة المحلية الإماراتية.

مشاركة :