أشاد عدد من المثقفين بالجهود الكبيرة التي قامت بها المملكة العربية السعودية في مواجهة الإرهاب، معتبرين أنها جهود تمثل مثالاً يحتذى عالميًا، داعين في الوقت نفسه إلى تفعيل كل قطاعات المجتمع من أجل إشاعة الوعي وثقافة السلام والاعتدال والوسطية في سبيل تحصين المجتمع من غوائل التطرف والغلو المفضيان إلى الإرهاب، مشددين على دور المثقفين المهم في ذلك.. جملة هذه الآراء في سياق هذا التحقيق.. في استهلالة حديثه يقول الدكتور يوسف حسن العارف: لا شك أن دور المملكة في الحرب على الإرهاب دور محوري وهام، جسد معانيه وآفاقه خادم الحرمين الشريفين في إحدى كلماته المعبرة والشاملة والراصدة لما في الأفق الدولي والمحلي والإقليمي من قضايا ومشكلات؛ بيّن فيها الدور الذي تضطلع به المملكة في مجال السلم العالمي والدور الإنساني في مواجهة الإرهاب والفكر التدميري، كما بين فيها موقفه الشخصي والقيادي كملك لأكبر دولة إسلامية وصاحبة الدور الاستراتيجي في العالم كله. وأعتقد أن فيها رساله واضحة لكل مثقف، وكل إنسان داخل المملكة وخارجها يعي دوره الطليعي في هذه الظروف الاستثنائية؛ لأن المثقف هو صمام الأمان تجاه هذا الفكر المتنامي والدخيل من خلال الرأي الصادق والطرح الفكري الجريء لكشف هذا الفكر الضال وتبعاته الثقافية والسياسية. والواقع أن هذه الكلمة خارطة طريق للمثقفين فضلًا عن السياسيين والعلماء والمفكرين لوضع بصمتهم أمام هذا الطوفان الفكري المتأزم ومقاومة كل التيارات الفكرية من داعش وأخواتها التي تدعي التعلق بالإسلام، وهي تشوه حقيقة الدين ومقاصده الشريفة. ويختم العارف بقوله: إن هذه المرحلة التاريخية من عصرنا تضع المثقف السعودي والعربي أمام دوره الحقيقي في الذب عن الهوية وتأصيل الحقائق المعرفية والرد العلمي على كل الطروحات المؤدلجة في ثوبها العصري المزيف تفاعلًا مع ما يدور حولنا من قضايا فكرية وثقافية وسياسية واجتماعية. جهود مميزة ويقول الدكتور عبد الله غريب نائب رئيس أدبي الباحة: عندما نستعرض تاريخ الإرهاب في مسيرة الحكومات والشعوب نجد أن أول من اكتوى بنارها المملكة العربية السعودية في عقوق فاضح وواضح من بعض أبنائها الذين حادوا عن الطريق القويم في حادثة نوعية قبل ما يزيد عن ثلاثين عاما عندما اقتحم تنظيم جهيمان الحرم المكي الشرف في غرة محرم من عام 1400هـ في صلاة الفجر فكانت تلك الحادثة الأليمة شرارة البدء للتنظيمات الإرهابية التي واجهتها السعودية بكل حزم وقدرة فائقة. حيث للمملكة جهود متميزة في محاربة الإرهاب تمثلت في الجهود الإعلامية وتحصين فكري للمجتمع وإشراك المواطنين في مكافحة الإرهاب وملاحقة خلاياه في الداخل والخارج وإنشاء لجنة للمناصحة للمغرر بهم من الشباب إلى جانب تكريم المصابين وشهداء الواجب ورعاية أسرهم ورعاية أسر الموقوفين على ذمة قضايا الإرهاب وتقديم العون والمساعدات الإنسانية لمن أطلق سراحهم وثبت حسن نواياهم وبث الوطنية في أوساط الطلاب في المدارس والجامعات وتبني سياسة الشجيع على الأعمال الخيرية المنظمة بعيدا عن جمع التبرعات والهبات بغير وجه نظامي وشرعي يكفل وصولها إلى مستحقيها وعدم استغلالها لصالح الجماعات الارهابية في الداخل والخارج إلى جانب تحصين الحدود من التسلل وتهريب الأسلحة كل هذا وغيره أدى إلى الاستقرار الذي ننعم به في ظل حكم يستمد عونه من الله ثم من هدي القرآن والسنة التي التزمت بها الدولة نصا وروحا في جميع التعامل والمعاملات مع المواطنين والمقيمين على أرض المملكة فحمى الله بلادنا وحمى قادتها وشعبها من كيد الكائدين وحسد الحاسدين وحقد الخاقدين. خطوة في الطريق ويتفق القاص محمد الشقحاء مع سابقيه في أن المملكة عانت من الإرهاب وتمكنت من مقاومته بفضل الله وأجهزتها الأمنية وشعور المواطن بالمسؤولية وهو يرى شواهد الحضارة تدمر وخطوات التنمية تتعثر ومشاركتها في مواجهة ما يحدث في سوريا والعراق قائم على شعور عربي وانتماء وطني عرف الخوف وتجاوزه وما حدث في سوريا والعراق فتنة طائفية وحرب أهلية تجاوز المجتمع فيها حالة الخوف والتغرب ليواجه الموت والسلب من هنا جاء نداء خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود واضحا وصريحا للداخل والخارج وهي خطوة في الطريق الصحيح. المثقف في المواجهة ويشار رئيس نادي جازان المكلّف الحسن الخيرات بقوله: إن وقع الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية والدينية الحالي يستوجب وقفة جادة من كافة أفراد المجتمع، ومن المثقفين بشكل خاص؛ حيث تقع على عاتقهم مهمات جِسام، تتمثّل في تهيئة المجتمع لمواجهة التغيرات الفكرية والسياسية التي تجتاحه بل وتعصف به أحيانًا، ومن تلك القضايا التي تستوجب وقفة جادة من المثقفين في وطننا الغالي هي قضية الإرهاب التي تجتاح مجتمعات قريبة معنا وتعاني منها كما عانى مجتمعنا في سنوات سابقة، ولذلك فدور المثقف المستشرف يبدأ من اليوم وقبل أن تصل إلينا هذه الأفكار، وذلك من خلال إسهامه في تهيئة المجتمع ليكون قادرًا على مواجهتها ومجابهتها. إن التسامح والسلام فطرة إنسانية أزلية، يشذّ عنها من حاد عن الصواب وشاب فكره الضعف لنجده يستسلم لأمراض العصر من عنصرية وتصنيف ديني واجتماعي وسياسي مقيت، ويتلخص دور المثقف الحقيقي في تثقيف مجتمعه، وتوعيته بأهمية الصمود أمام هذه الأزمات الفكرية، والاستعداد لها بالقراءة الجادة، ومناقشة الأفكار المخالفة والرد عليها، وكل ذلك في إطار من التسامح مع الآخر فيما يخص الحق الخاص، ونبذ العنصرية وأنها من الجاهلية التي تعيب المرء وتنقص منه ولا تزيده. نحو درو ريادي ويرى الدكتور عبدالرحمن الرفاعي أن جنود الظلم والظلام وأعداء الثقافة والعلوم والفنون لا يستسلمون بسهولة، بل يسيرون بعناد على عكس التطور، ويحاولون إيقاف عجلته بل تحطيمها، ولازالوا في هجوم هستيري، إذ يرون قلاعهم الورقية تتهاوى أمام شمس العلوم والثقافة والفنون. إلاّ أن تراخي المثقفين وإهمالهم لواجبهم الوطني والإنساني وانشغالهم بمظاهر الحياة والاغراءات المادية يؤدي كل ذلك إلى تأخير بناء المجتمع، ذلك البناء الذي يتمناه المثقف، مجتمعًا متآخيًا يسوده الأمن والسلام والمحبة، ومشاريع العمران والصناعة والزراعة، ولذلك نريد أن يكون للمثقف الدور الريادي في عملية البناء والتنوير. ويتطلب الأمر شجاعة للصمود أمام المخربين والمفسدين والتعصب والجهلاء عمومًا. فلا يمكن انتشال مجتمعنا من الضياع بالسكوت والتقاعس والمساومة والانتهازية والخوف من هؤلاء الإرهابيين. ومهما تفنن المشعوذون والمتخلفون والدجالون بأساليبهم المقيتة وتحت ستار الظلام، وبإمكان المثقف أن يعريهم أمام المجتمع ليرى الشعب زيفهم وعوراتهم النتنة. إن للمثقف دروه الخطير.. وعليه أن يؤديه. وأن يساهم في بناء مجتمعه في كل الظروف وفي كل مكان، وينشر السلام والمحبة والأخوة والروح الوطنية والانسانية. اجتثاث من الجذور ويؤكد الدكتور عايض الزهراني أن المملكة اكتوت بنار الإرهاب أكثر من غيرها، ولهذا فقد أعدت العدة لأن تكون من أوائل من يحارب الإرهاب من خلال مكافحته وفق خطط استراتيجية، فقدمت كل ما يجتثه من جذوره فكان للمملكة حضورها الذي يشكل أهمية كبرى ونموذج يحتذى، لما تملكه من خبرة وتجربة في مكافحة هذا الداء بالنصح تارة وبالتصدي الأمني والتوعية للمواطنين والمقيمين ليكون هناك وعي بنا يحمله الفكر الإرهابي من تدمير وصد كل تنوير وتطوير وبالتالي استطاعت المملكة ان تقضي على كوامنه وحواضنه وتترصد كل من يسعى لنشره. إننا أمام مسؤولية. وأمام أمانة للتصدي والتعاون. فكلنا مسؤلوون. وما تقدمه المملكه من حملات تصدي وخطط استراتيجيه ضد الإرهاب إنما هو رسالة سلام منها للعالم بإن ديننا تسامح وانفتاح لا إنغلاق. مختتمًا بقوله: إننا نعيش منعطفًا مهمًا الآن من خلال داعش وحركة التشويه للإسلام ولكن ثقتنا بخبرة المملكه وتجربتنا وبوطنية مواطنيها يجعلنا نتفاءل بردم كل ما يشوه الإسلام. ودعوة خادم الحرمين الشريفين لمحاربة الارهاب ليست على مستوى تضاريس الوطن وإنما بجميع تصاريس العالم هي رسالة سلام وتسامح للإسلام. نقطة الارتكاز ويقول الدكتور فهد بن نايف الطريسي أستاذ القانون بجامعة الطائف: لم تعد هناك من حاجة إلى تأكيد ما لعبته المملكة في محاربة الإرهاب سواء على المستوى الدولي (بعقد المؤتمرات وتبادل المعلومات ومشاركة الخبرات) أو على المستويين الإقليمي؛ فقد أثبتت أنها هي نقطة ارتكاز وانطلاق مواجهة الإرهاب الذي نجحت في مواجهته من خلال امتلاك المعلومة وقراءات مخططاته المستقبلية. ولكن الحوجة الآن إلى أن تمارس الدولة دورها في دعم المثقف نفسه في مواجهة الإرهاب، فلن يستطيع المثقف أداء رسالته التنويرية إلا من خلال أمرين: الأمر الأول هو توفير الدعم الإعلامي له، بتوسيع دائرة المشاركة الإعلامية له، وخلق منافذ لأطروحاته على المجتمع، إن المثقف يحتاج إلى أهم شيء وهو ثقة الدولة فيه. والأمر الثاني هو التلاقح بين دور المثقف ورجل الدين، فالمثقف لديه أدوات تختلف عن أدوات رجل الدين ولكنه يحتاج أيضا إلى أدوات رجل الدين لدعم موقفه الثقافي اجتماعيًا، في مجتمع متدين بفطرته. كما أن رجل الدين يحتاج إلى أدوات المثقف ليتقارب مع ثقافة الصفوة؛ إن هذا التلاقح مهم للطرفين حتى لا ينزوي دور المثقف وينحصر في دائرة الصفوة بل ينزل إلى قاع المجتمع. وفي المقابل حتى لا تحدث فجوة وهوة بين رجل الدين والانتلجنسيا. ومن ناحية أخرى؛ حتى تترابط مستويات الفهم الديني مع مستويات الفهم الثقافي ولا يتجافيان. إن هذا لا يتم إلا بإرادة سياسية من ناحية، وبتقديم قليل من التنازل والتسامح المتزن بين الأطراف. ويختم الطريسي بقوله: إن عزل المثقف عن رجل الدين يؤدي إلى زيادة موجة الفكر الراديكالي، وفي نفس الوقت؛ فإن عزل المثقف يؤدي إلى زيادة موجة الفكر الإلحادي. وكلاهما خطر على النسق المجتمعي. إن حالة الوسطية تعني تطبيق النقل والعقل، والإيمان بالقضايا السماوية والحاجات الأرضية، ومن يفصل بينهما يجمح في الإتجاهين. رؤية عميقة ويطرح الدكتور صالح الثبيتي رؤيه بقوله: تظل المملكة مدرسة وذات منهج قويم في محاربة الإرهاب من خلال الرؤية العميقة لقائد المسيرة وحرصه على صورة الإسلام. وأمن الوطن فقدمت الخطط الإستراتيجية التي بنيت على شراكة قيادة ووطنية مواطن فأنفقت الأموال وأعدت الدراسات وكانت ذات نتاج مبهر في القضاء على الإرهاب من خلال العمل والعقاب العاجل لمن أراد العبث بأمن الوطن وتشويه الإسلام. فكان خادم الحرمين الشريفين نموذج للقائد الذي يرى من منظور الإسلام المتسامح. فكانت خبرة المملكة وتجربتها في محاربة الإرهاب يستفاد منها في الدول التي طالها الإرهاب. حيث تقوم المملكة بدور كبير في محاربة الإرهاب واجتثاث جذوره الخبيثة. والبحث عن الوسطية والاعتدال في كل الأمور. والبعد عن الغلو والتطرف. وإيجاد جيل محب لدينه ووطنه وقادته. فنحن علينا مسؤولية كبرى. آباء ومثقفين وأدباء في توعية الناس بالبعد عن الأفكار الهدامة والتعاون مع الدولة في محاربة التطرف والإرهاب، ونشر الوسطية والاعتدال، ومراقبة الابناء مراقبة هامة وتوجيههم التوجيه السليم نحو الانتماء الوطني والتلاحم الوطني بين القيادة والشعب، والحفاظ على منجزاتنا الحضارية والمساهمة في بناء الوطن والمواطن، ولا نجعل فرصة للأعداء باختراق صفوفنا. نضج ووعي ويبتدر حماد السالمي بالتأكيد على أن المملكة كانت من أوائل دول العالم التي عانت من العمليات الإرهابية على أراضيها، ومن أولاها التي اتخذت تدابير أمنية وفكرية وإعلامية لمحاربة الإرهاب والتصدي للأفكار المنتجة له، كما أنها كانت أول دولة في العالم تحذر من خطر الإرهاب، وتنادي بتعاون دولي لمواجهته والقضاء عليه، ولهذا نظمت ورعت أول مؤتمر دولي بالرياض لهذا الغرض، واقترحت إنشاء مركز دولي لمحاربة الإرهاب، ونجحت بحمد الله في إقناع دول العالم كافة بهذا الخطر الداهم الذي أخذ يفتت الدول القومية بالمنطقة العربية تمهيدًا للانتشار والتمدد إلى قارات العالم. مضيفًا بقوله: بذلت المملكة قصارى جهدها لملاحقة عناصر التنظيمات الإرهابية وخلاياها النائمة والقائمة، وصدت مخططات خطرة جدًا على أمن الوطن والمجتمع، وبذل الإعلام السعودي بكتابه ومثقفيه كل جهد ممكن، لكشف الدعوات الظلامية التي تتستر بالدين، وتنطلق من مؤسسات خيرية وتعليمية ودينية، وأصبح المجتمع السعودي، على وعي كامل بما يبيت له ويخطط لبلده باسم الدين من عناصر مشبوهة، ورموز حزبية محسوبة على قنوات فضائية وخلافها، وراح يسهم مع رجال الأمن في وقف هذا العبث، وتعرية هؤلاء العابثين، وكانت حادثة تمير خير شاهد على نضوج وعي المجتمع، وأنه شب عن طوقه، ويرفض الوصاية التي تفرض عليه بخطاب ديني مزيف ومغالط. وكان دور كتاب الرأي في الإعلام السعودي كبيرًا ومعاضدًا للجهد الأمني منذ البداية، وحقق نجاحات باهرة في هذا السبيل، والمسئولية تتضاعف اليوم أكثر من ذي قبل، على رجال الأمن وكتاب الرأي والمواطن السعودي في دعم جهود الدولة لمحاربة هذا الخطر الداهم الذي أصبحت تقوده منظمات مكشوفة تلعب بها مخابرات دولية، ومنها جماعة الإخوان المتأسلمين، وحماس، والقاعدة، وداعش، والنصرة، والحوثيين، وبوكو حرام، وخلافها من نسيج هذا التشظي المقيت الذي يعبث بأمن بلدان في ليبيا ومصر واليمن وسوريا والعراق وغيرها. متختتمًا بقوله: إن المملكة اليوم بمنظومتها الأمنية والإعلامية والمجتمعية، تقود الحرب العالمية الثالثة على الإرهاب، وهي قادرة على توجيه دفة الزحف على داعش في خارج حدودها وفي داخل حدودها. إن الفكر الظلامي هو داعش أينما كان وكيفما كان وعلى أي وجه كان، ومهمتنا القادمة هي تنقية المجتمع السعودي من الدواعش الظلاميين الذين يزيفون الحقائق، ويفرضون وصاية جبرية على المجتمع السعودي الراشد.
مشاركة :