متابعة - صفاء العبد : لم يكن للكثيرين أن يتوقعوا مثل هذه البداية المتواضعة لفريق الخريطيات في دوري هذا الموسم.. فالآراء كلها كانت تذهب إلى أن هذا الفريق سيسجّل انطلاقة مختلفة تماماً عطفاً على ما كان قد حققه في القسم الثاني من النسخة السابقة للبطولة.. وللتذكير فقط نشير إلى أن الخريطيات، الذي كان قد أنهى القسم الأول من دوري الموسم الماضي عند المركز العاشر بثلاثة انتصارات فقط من أصل ( 13 ) مباراة، استطاع أن يقلب كل التوقعات في القسم الثاني ويحقق سبعة انتصارات كانت ستة منها في الجولات السبع الأخيرة وهو ما انقذه يومها من محنة الهبوط بعد أن غادر منطقة الخطر ليستقر عند المركز السابع داخل حدود المنطقة الدافئة.. ولأنه كان قد أنهى تلك النسخة من البطولة بمثل هذا المستوى وبتلك النتائج الإيجابية المهمة كان طبيعياً أن نتوقع من إدارة النادي التمسك بالجهاز الفني تحت قيادة التونسي أحمد العجلاني إلى جانب التمسك أيضاً بثلاثة من محترفي الفريق الأجانب وهم: المغربيان أنور ديبا ورشيد كنين والأوزبكي سنجار تورسنوف لكنه خسر خدمات أحد أهم المدافعين وهو البرازيلي دومنيجوس لأسباب مالية ليحل محله محترف إيفواري اسمه جوزي موهي وهو على ما يبدو من خيارات المدرب العجلاني لأنه قادم من فريق الترجي التونسي.. وهكذا يمكن القول أن الاستقرار الفني كان حاضراً في الخريطيات هذا الموسم حيث خضع لمعسكر تدريبي في تركيا بتشكيلته المعتادة تقريباً وهو ما كان يجب أن يسهم في تصعيد استعداداته وبالتالي دخول منافسات النسخة الجديدة هذه بقوة.. غير أن الذي حدث هو غير ذلك بالمرة.. فقد عاد الخريطيات إلى دوري هذا الموسم بصورة مغايرة تماماً لما كان عليه في القسم الثاني من دوري الموسم الماضي.. فمن أصل ( 11 ) مباراة خاضها في القسم الأول لم يحقق سوى فوزين فقط كانا على الغرافة والأهلي بينما تعرّض لست هزائم وثلاثة تعادلات وهو ما جعله قريباً من منطقة الخطر أغلب الأحيان لينتهي به المطاف عند المركز العاشر برصيده البالغ تسع نقاط .. وفي الحقيقة فإن الصورة التي كان عليها الفريق هذه المرة لم تكن مشجّعة على الإطلاق.. فباستثناء المباراة التي تغلب فيها على الغرافة بأربعة أهداف لهدف في الجولة الخامسة كان الفريق بعيداً جداً عما كنا نأمله منه بحيث وصل به الأمر في إحدى المرات إلى الانهيار الكامل عندما مني بتلك الهزيمة القاسية جداً أمام الدحيل وبثمانية أهداف لهدفين في الجولة الثامنة ثم أخرى خسرها برباعية نظيفة أمام السد في الجولة الأخيرة من هذا القسم.. ومع أن الخسارة تبقى متوقعة أمام فرق تفوقه في الإمكانات مثل الدحيل والسد والريان إلا أن ثقل الهزائم بمثل هذه الطريقة لابد وأن يرسم العديد من علامات الاستفهام لأنه يعكس تواضعاً في المستوى لا سيما عندما يتزامن ذلك أيضاً من هزائم أخرى مع فرق لا تفوقه في الإمكانات مثل السيلية وقطر وكذلك التعادل مع الخور والمرخية.. والحديث عن الإمكانات هنا يدفعنا للإشارة إلى الثنائي الهجومي الذي يمتلكه الخريطيات والمؤلف من رشيد كنين وأنور ديبا وهو ثنائي يحسده عليه الآخرون بحكم ما تتمتع به هذان اللاعبان من قدرات متميزة في الجانبين الهجومي والتهديفي بما يتميزان به من انسجام كبير وتفاهم ومعرفة كل منهما الآخر بأدق التفاصيل .. ومع ذلك فإن الحصيلة التهديفية للفريق جاءت فقيرة إلى حد بعيد، بل هي رابع أفقر حصيلة وفقاً للأرقام التي تشير إلى أن الفريق لم يسجّل أكثر من (14 ) هدفاً في ( 11 ) مباراة بعد المرخية ( 8 ) وقطر والخور 12) والأهلي (13 ) .. وليس من شك في أن تواضع الحصيلة التهديفية هذه يعكس خللاً في المنظومة الهجومية وفي الأسلوب المعتمد في هذا الجانب لأن من غير الممكن أن نشكك بقدرات هدّاف كبير مثل رشيد كانين الذي يتمتع بموهبة تهديفية ملفتة.. كما ليس بالإمكان أيضاً أن نشكك بقدرات زميله أنور ديبا حتى إذا ما سلّمنا بأنه لم يرتق حتى الآن إلى ما كان عليه في مواسم سابقة .. ومع أننا نسجّل الكثير من التراجع في إمكانات المحترف الآخر الجناح الأوزبكي سنجار تورسنوف مقارنة مع ما سبق وأن قدّمه في نهاية الموسم الماضي إلا أننا لا نعتقد أنه كل الأسباب.. فهو سبب مهم في ذلك طبعاً إلى جانب أسباب أخرى تنبع أصلًا من محدودية إمكانات الفريق في منطقة العمليات وهو ما كان الفريق ومازال بأمسّ الحاجة إلى مراجعته والبحث عن الحلول المناسبة له آخذين بالحسبان أن الحيوية الهجومية لأي فريق إنما تنبع أصلاً من تلك المنطقة التي يؤدي فيها اللاعبون دور الجندي المجهول في كل الفرق لأنهم هم من يصنعون الفرص التي يمكن أن تتوج إلى أهداف بتوقيع لاعبين أخرين.. أما في الشق الدفاعي فإن الواضح جداً هو أن الفريق يعاني كثيراً من مشاكل وأخطاء متعدّدة جعلته يبدو مترنحاً في بعض الأحيان مثلما حدث أمام الدحيل والسد .. ورغم أن إدارة النادي تبدو مقتنعة بما يقدمه قلب الدفاع الإيفواري جوزي موهي إلا أن واقع الحال يقول إن هذا اللاعب لم يتمكن أبداً من التعويض عن قلب الدفاع البرازيلي السابق دومنيجوس .. وهنا نشير إلى أن خط الظهر في الفريق بقيادة موهي كان قد ظهر مهزوزا في أغلب الأحيان.. وليس أدل هنا على هذه الحقيقة من الأرقام التي تشير إلى أن مرمى الفريق كان قد اهتز ( 26 ) مرة في ( 11 ) مباراة حتى الآن بينما اهتزت شباك الفريق ( 32 ) مرة ولكن في ( 26 ) مباراة في الموسم الماضي والفرق واضح وكبير.. ومع قناعتنا بأن دفاعات الفريق لم تكن بالمستوى الذي كان يجب أن تكون عليه من حيث التماسك والصلابة وأن قائد خط الدفاع موهي لم يكن هو الورقة التي يمكن المراهنة عليها بالمستوى الذي كان عليه دومنيجوس إلا أننا نعود لنشير إلى أن المشكلة لا تكمن فقط في إمكانات رباعي خط الظهر وإنما هي تتعلق أيضاً بالجهد المطلوب من لاعبي الوسط وهو جهد محدود لا يرتقي أبداً إلى حجم الدور الذي يفترض أن يلعبه وسط الفريق من حيث تأدية الواجبات الدفاعية ..
مشاركة :