محللون يقولون إن الخطاب الحاد للرئيس الأميركي دونالد ترامب الحاد قد يكون دفع بالزعيم الكوري الشمالي إلى تسريع مساعيه الخطيرة.العرب [نُشر في 2017/12/19] سيول - سرّعت كوريا الشمالية في العام 2017 وتيرة تحركاتها في السباق نحو حيازة السلاح الذري أثار مجددا المخاوف من نزاع نووي يعيد إلى الأذهان أسوأ أيام الحرب الباردة. وهيمنت الخطابات الحربية المتزايدة لبيونغ يانغ والخطاب الناري للولايات المتحدة، على الساحة الدولية ويبدو انها ستتواصل في عام 2018 فيما يبذل المجتمع الدولي جهودا حثيثة لاحتواء الطموحات النووية والصاروخية لكوريا الشمالية. وفشلت سلسلة من العقوبات الدولية في ثني بيونغ يانغ عن تنفيذ تجربتها النووية السادسة والأقوى على الإطلاق، والتي قالت انها قنبلة هيدروجينية في سبتمبر. كما اجرت كوريا الشمالية تجارب على صواريخ بالستية عابرة للقارات تزايد مداها خلال 2017، مما يزيد من احتمالات تهديدها الأراضي الأميركية مباشرة. ورد الرئيس الأميركي دونالد ترامب على كافة التجارب بلهجة حادة مهددا "بالتدمير الكامل" لبيونغ يانغ وتهكم على الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ-اون قائلا إنه يقوم "بمهمة انتحارية". لكن بعيدا عن إقناع كيم بالتخلي عن برنامجه النووي، يقول المحللون ان خطاب ترامب الحاد قد يكون دفع بالزعيم الكوري الشمالي إلى تسريع مساعيه الخطيرة. وقال فيبين نارنغ البروفسور في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا ان الدول الضعيفة ترد على التهديدات الخارجية باستخدام القوة ضدها، بالسعي نحو بناء ترسانتها. وقال نارنغ "إن الحل، في مواجهة تهديد بهجوم، هو القفز إلى مستوى تحذر فيه الدولة المعنية بأنها تملك الكثير من الأسلحة النووية". واضاف "إن السرعة التي تمكنوا فيها من جمع كل تلك القطع تبعث على الدهشة والخوف". تقول كوريا الشمالية إنها تحتاج الأسلحة النووية للدفاع عن نفسها من الأميركيين العدائيين وإن أولويتها هي الحفاظ على سيادتها. ويقول المنتقدون إنها تسعى لإعادة توحيد شبه الجزيرة -- المقسمة منذ نهاية الحرب الكورية 1950-1953 -- بالقوة. صفارة إنذار وردا على الخطوات الأخيرة لكوريا الشمالية، ضاعفت الولايات المتحدة وحلفاؤها عروض القوة العسكرية ومنها زيادة طلعات قاذفات القنابل الأميركية فوق شبه الجزيرة الكورية. وفي الوقت نفسه حذر كبار مسؤولي الإدارة الأميركية باستمرار من مغبة الخيارات العسكرية، مثيرين مخاوف من تقديرات خاطئة يمكن ان تتفاقم بسرعة وتتحول إلى نزاع. وقال فان جاكسون الخبير في شؤون الدفاع في جامعة فكتوريا في ويلنغتون، ان تفاقم التوتر مع التطور المتزايد لترسانة الشمال، ضاعف احتمالات (حرب نووية غير متعمدة) إلى اعلى المستويات منذ الحرب الباردة". واضاف "إذا كانت كوريا الشمالية تعتقد ان الولايات المتحدة سوف تجتاح أو تطيح بنظام كيم، ستكون لديها دوافع أقوى لشن ضربة نووية أولى". وفي الدول الواقعة ضمن مدى الصواريخ الكورية الشمالية فإن المواجهة الحالية قد أثارت المخاوف من حرب نووية يمكن أن تودي بحياة ملايين الأشخاص. فاليابانيون القلقون يحاولون الاستعداد لمواجهة هجوم محتمل، والبعض منهم اختار بناء ملاجئ في منازلهم ومكاتبهم. وفي كوريا الجنوبية تزايدت الدعوات التي تطالب سيول بتطوير أسلحتها النووية وهو ما يمكن ان يزعزع التحالف الأمني المبرم منذ عقود مع الولايات المتحدة، وسط شكوك حول ما اذا كانت واشنطن مستعدة لمبادلة "سيول بسياتل". ودوت صفارات الإنذار في هاواي في وقت سابق هذا الشهر عندما اختبرت هذه الجزيرة الأميركية نظام التحذير من هجوم نووي، والذي لم يطلق منذ الحرب الباردة. فشل السياسة يرى العديد من المحللين ان على واشنطن ان تبدأ محادثات مع الشمال لنزع فتيل التوتر -- لكن ذلك لا يزال يمثل تحديا. ودائما ما تقول كوريا الشمالية ان اسلحتها النووية ليست موضوع مفاوضات، وإنها لن تتعامل مع الولايات المتحدة إلا من موقع المساواة -- كدولة نووية. وتصر واشنطن على انها لن تقبل بكوريا شمالية مسلحة نوويا، وأن على بيونغ يانغ اتخاذ خطوات فعلية نحو وقف التسلح قبل اي محادثات يجب ان تؤدي إلى نزع السلاح النووي. وخفت لهجة هذا الموقف على ما يبدو الاسبوع الماضي عندما أعلن وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون للمرة الاولى الاستعداد لاجراء محادثات "بدون شروط مسبقة" - لكن البيت الابيض قال ان السياسة تجاه كوريا الشمالية لم تتغير. وأعلنت كوريا الشمالية هذا الشهر انها أصبحت دولة نووية بعد اختبار صاروخ هواسونغ-15 البالستي العابر للقارات، القادر على حمل "رأس نووي ثقيل جدا" إلى اراضي الولايات المتحدة القارية. وقال جوشوا بولاك الباحث في معهد ميلدبري للدراسات الدولية في مونتيري بولاية فيرمونت الاميركية "أجد النقاش كله (حول عدم القبول) بالاسلحة النووية لكوريا الشمالية، غريبا". واضاف بولاك "التفوه بكلمات معينة، او عدم التفوه بها لن يغير الواقع". مع ذلك فإن الجلوس مع كوريا شمالية "نووية" سيعني الاقرار بفشل سياسي كبير للولايات المتحدة لعدم لوقف النظام أصلا. وقال جول ويت، الزميل في المعهد الاميركي-الكوري في جامعة جون هوبكنز انه كلما طال انتظار واشنطن، ارتفع الثمن الدبلوماسي للتعاطي مع مشكلة معقدة اساسا. وقال ويت الذي شارك في المفاوضات مع كوريا الشمالية خلال إدارتي كلينتون وبوش، ان بيونغ يانغ لم تكن تملك سوى "صواريخ عفا عليها الزمن". وقال "كنا نضحك عليهم ونقول ان هذا لا يمثل خطرا". وأضاف "نرى الآن أن المسألة خطرة، والمشكلة هي ان الثمن أصبح باهظا والحل أصبح صعبا".
مشاركة :