لا تزال قضية تكرار الحج بطريقةٍ غير نظامية، تُشكل معضلةً تطل برأسها في كل موسم حج؛ حيث يُصر بعض المواطنين والمقيمين، على كسر جميع الأنظمة والتعليمات، التي قننت إمكانية الحج كل 5 سنوات، مع ما في هذا الإصرار والتمرد من مخالفةٍ صريحة للنظام، وما يسببه من الفوضى والزحام، بالإضافة إلى عدم التقيد بفتاوى بعض العلماء الشرعيين؛ التي تؤكد على وجوب الالتزام بالحج النظامي، وتحذر من معصية تجاوز القوانين والتنظيمات..! هذه القضية المزمنة لها عدة عواملٍ ومسببات؛ بدءاً من غياب فقه الأولويات، وحصر العمل الصالح في بعض الشعائر والعبادات، مع أنّ في الشريعة الإسلامية مجالاً واسعاً وخصباً لطلب الأجر والثواب، بالعمل الديني والدنيوي، بل قد تكون بعض الأعمال والنوافل ذات الضرورة والأولوية، التي تعود بالنفع على الفرد والمجتمع؛ أكثر أجراً وثواباً، وأبقى أثراً ونفعاً، من تكرار نافلة الحج كل عامٍ بالتحايل والتهريب..! كما أنّ المبالغة في أسعار حملات الحج، ومحدودية الحملات منخفضة التكلفة؛ ساهمت في التضييق على راغبي حج الفريضة، وسواهم من الملتزمين بالمدة المحددة لتكرار الشعيرة، بل قد أحالت بعض محدودي الدخل من فئة المستطيعين إلى عدم الاستطاعة، بسبب الغلاء الفاحش وغياب التنظيم، مما قد يضطر بعضهم للحج بلا تصريح..! كذلك لا تزال التوعية الدينية، والجهود الإعلامية، دون المأمول فيما يتعلق بتأصيل الوعي الشرعي، ونشر ثقافة التقيد بالنظام والقانون، بالإضافة إلى غياب الصرامة والوضوح في تطبيق بعض الإجراءات الأمنية والنظامية، على المخالفين والمتجاوزين؛ مما يشجع بعضهم على تكرار المخالفة وتجاوز النظام كل عام..! ختاماً؛ كم نحن بحاجةٍ إلى فقهٍ وتنظيمٍ ووعي، وتطبيقٍ صارمٍ للنظام، وفهمٍ للمثل القائل: (من قضى فرضه.. يمسك أرضه)..!
مشاركة :