يقول التاريخ.. الهلال إذا رد كان رده في الميدان أقسى.. ترجم ذلك بثلاثية لا تنسى.. ولكنها لم تكن كافية لتؤهله للمباراة النهائية في دوري أبطال آسيا.. إذ إن لقاء الذهاب كان عبارة عن شوط أول.. وتبقى الشوط الثاني.. شوط الاقتراب من تحقيق الأماني.. شوط مثير.. شوط يترقبه الجمهور السعودي بشغف كبير.. لزف الهلال إلى نهائي طال انتظاره.. وطالما خرج عن مساره..! الهلال والعين في لقاء الإياب لدور الأربعة من دوري أبطال آسيا يوم الثلاثاء المقبل، بعد أن أنهى الهلال مهمة الذهاب بثلاثية مريحة لحد كبير. ثلاثية مستحقة في قمة كروية راقية.. حضرت فيها الجماهير الزرقاء بكثافتها المعتادة لتؤكد من جديد بأنها سر من أسرار الزعامة الهلالية.. ورسم نجوم الهلال خلالها صورة من صور الإبداع والتألق.. وقدم للعين الإماراتي درساً من دروس كرة قدم في لقاء ذهاب دور الأربعة للبطولة الآسيوية الذي احتضنه ستاد الملك فهد الدولي بالرياض. كانت الأغلبية تظن أن اللقاء سينتهي بفوز أحد الفريقين بصعوبة بالغة وبفارق هدف أو هدفين بالكثير.. ولم تكن الأغلبية يظنون أن الموج الأزرق كان هديره عالياً في تلك الأمسية الأنيقة.. إذ توالت أهداف الهلال الواحد تلو الآخر في دقائق معدودة.. لتصل إلى ثلاثية نظيفة كانت قابلة للزيادة لولا الاستعجال في إنهاء الهجمة. القصة بدأت مع النجم الثاني لتلك الأمسية الهداف الكبير ناصر الشمراني، وعندما نقول النجم الثاني فإننا نقصد بالنجم الأول الجمهور الوفي، إذ كان ناصر ما شاء الله تبارك الله قوة هجومية بمفرده.. راوغ وتوغل وسدد كرة قوية خادعة ارتطمت بالعارضة في طريقها للشباك كهدف هلالي أول تأخر كثيراً لم يأت إلا بعد مرور ساعة كاملة ودقيقة من بداية اللقاء. لم يكن العين ليلتقط أنفاسه إلا وباغتهم عريس تلك الليلة ناصر الشمراني بهدف ثان بعد الهدف الأول بثلاث دقائق، إثر متابعته لتمريرة الزوري الرائعة ليضعها في الشباك البنفسجية. ولم يكن العين للمرة الثانية ليستفيق من هول ما يرى إلا ويتوغل بعدها بخمس دقائق نواف العابد وينفرد في منطقة الجزاء ليحصل على ركلة جزاء وطرد لحارس العين وإضاعة لركلة الجزاء من البرازيلي تياغو نيفيز الذي سرعان ما عوض هذه الغلطة بتسجيل هدف ثالث قضى به على كل آمال العين إثر تلقيه تمريرة متقنة من ناصر الشمراني، لتنتهي بذلك ملحمة الذهاب. معركة الإياب لا يحق لنا أن نقول عن مباراة الإياب إنها مباراة أو لقاء أو مواجهة، بل هي معركة إن صح التعبير.. بين العين الخطير.. والهلال الكبير.. في يوم مثير.. ستحضر فيه الجماهير.. لتزف أحد الفريقين للنهائي المرتقب. لقاء الإياب سيقام يوم الثلاثاء المقبل في تمام الساعة السادسة والنصف مساءً بتوقيت مكة المكرمة السابعة والنصف مساءً بتوقيت أبوظبي وذلك على أرض ستاد هزاع بن زايد بمدينة العين الإماراتية. يعول الهلاليون كثيراً على نتيجة لقاء الذهاب، بالإضافة إلى عناصر قادرة على حسم اللقاء من خلال التسجيل أو الصناعة يأتي في مقدمتها هداف الفريق ناصر الشمراني وصانع لعبه البرازيلي تياغو نيفيز، بالإضافة إلى تنظيم دفاعي متقن بقيادة البرازيلي ديقاو والكوري الجنوبي كواك ومحور متمكن خبير هو سعود كريري، ومن خلف هذه الكوكبة مدرب مميز هو الروماني ريجي. أما العين فإنه يعتمد كثيراً في خطورته على صانع لعبه الشاب الموهوب عمر عبدالرحمن وللمهاجم الغاني المرعب أسامواه جيان هداف البطولة، ومن خلفهم مدرب كرواتي يعرف الهلال جيداً هو زلاتكو، حيث قاد الهلال فنياً الموسم قبل الماضي، ومع هؤلاء جميعاً سيكون عنصر الأرض والجمهور الكبير المتوقع حضوره عامل قوة إضافية لفريق العين. بقي أن نشير إلى أن الصراع على لقب هداف البطولة سيستمر بين جيان العين صاحب 12 هدفاً، وشمراني الهلال صاحب التسعة أهداف الذي يأمل في التسجيل وقيادة فريقه للنهائي وحينها ستكون حظوظه أكبر في التسجيل أكثر. خمسة فرص يدخل الهلال هذا اللقاء وهو يعلم بأن لديه خمس فرص في التأهل، الفرصة الأولى هي الفوز بأي نتيجة، الفرصة الثانية هي التعادل بأي نتيجة، الفرصة الثالثة هي الخسارة بفارق هدف، الفرصة الرابعة هي الخسارة بفارق هدفين، الفرصة الخامسة هي الخسارة بفارق ثلاثة أهداف شريطة تسجيل هدف. أما فريق العين الإماراتي فهو يدخل بفرصة واحدة فقط هي الفوز بفارق أربعة أهداف نظيفة فما أكثر، أو الفوز بفارق ثلاثة أهداف نظيفة كنتيجة الذهاب وحينها فقط ستمتد المباراة لأشواط إضافية، لا يتم خلالها حسب الهدف بهدفين حسب أنظمة الاتحاد الآسيوي. ويجب على الهلاليين عدم الاتكال كثيراً على مثل هذه الفرص، فالكل يذكر قبل أربعة مواسم عندما كسب الغرافة القطري في لقاء ذهاب دور الثمانية بالرياض بثلاثية نظيفة، وفي لقاء الإياب خسر بثلاثية نظيفة في الأشواط الأصلية، وسجل الغرافة هدفاً رابعاً في الأشواط الإضافية، وكاد الهلال أن يغادر البطولة بخسارة مدوية لو لا توفيق الهلال وكبرياء الزعيم في اللحظات الأخيرة التي سجل خلالها هدفين أهلته لدور الأربعة في تلك النسخة. لا تنسوا أنها عقدة..! التاريخ يقول إن العين الإماراتي لم يكسب الهلال في أي لقاء بالرياض، وخسر في كل اللقاءات الثلاثة التي أقيمت بالرياض بفارق هدف في اللقاء الأول وبفارق هدفين في اللقاء الثاني وبفارق ثلاثة أهداف في اللقاء الأخير، أي أن كرم الضيافة الهلالي يتضاعف مع زيارة العين للرياض..! ولكن في المقابل فإن تاريخ الهلال مع العين في العين سيئ للغاية إن صح التعبير.. إذ تقابلا أربع مرات انتهت جميعاً بفوز العين، بل إن الهلال خلال هذه الأربع مواجهات لم يستطع سوى تسجيل هدف واحد في لقاء انتهى قبل موسمين بثلاثة أهداف للعين مقابل هدف للهلال. ولعب الهلال في تاريخ دوري أبطال آسيا عشر مباريات ضد الأندية الإماراتية في الإمارات، خسر نصفها بواقع أربع مرات أمام العين ومرة أمام الشارقة، بينما كسب ثلاث لقاءات أمام الأهلي مرتين وأمام الجزيرة، وتعادل مرتين أمام الشباب والأهلي. وبشكل عام فقد لعب الهلال أمام الأندية الإماراتية 21 لقاءً، استطاع أن يكسب منها 11 لقاءً، وهي أمام العين ثلاث مرات في الرياض، وأمام الأهلي مرتين في الإمارات ومرة في الرياض، وأمام الشباب مرة في الرياض ومرة في قطر، وأمام الجزيرة مرة في الرياض ومرة في الإمارات، وأمام بني ياس في الرياض. وتعادل في 5 لقاءات، ثلاثة منها في الرياض أمام الأهلي مرتين وأمام الشارقة، ومرتين في الإمارات أمام الأهلي والشباب، وخسر 5 لقاءات هي التي ذكرناها أمام العين أربع مرات وأمام الشارقة مرة. جماهير وفية صحيح أن لقاء الإياب المقبل الذي سيقام يوم الثلاثاء القادم سيكون على أرض العين الإماراتي، ولكن لما يملكه الهلال من جماهير وفية تسير خلفه في كل محفل يقام في دولة خليجية أو عربية فإن من المتوقع أن تزحف جماهير الهلال بكثافة كبيرة جداً خلف فريقها. ورغم أن التذاكر المخصصة للجمهور الهلالي لن تزيد عن 10 في المائة من السعة الإجمالية للملعب إلا أنه من المتوقع وأمام الزحف الجماهيري المتوقع لعشاق الهلال ستضطر إدارة العين إلى منح الهلال مقاعد إضافية كما فعلت إدارة نادي السد القطري في لقاءاتها بقطر أمام الهلال في دور الثمانية عندما احتشدت الجماهير الهلالية لتكون أكثر من الجماهير القطرية في منظر مستغرب لا يحدث إلا نادراً على مستوى العالم مما حدا بقائد فريق السد إلى معاتبة جماهيره والتصريح بعد اللقاء: صحيح أننا نلعب في قطر ولكن بين جمهور الهلال..! ومما يزيد من كثافة الحضور الجماهيري الهلالي هو وقوع المباراة في إجازة عيد الأضحى المبارك وهي الإجازة التي تفضل فيها الكثير من العائلات السعودية قضاءها في الإمارات. اشتقنا يا هلال..! بين الهلال والتأهل للنهائي خطوة بسيطة، ولكنها في الوقت نفسه صعبة.. بسيطة عندما يخطف الهلال هدفاً يصعب به مهمة العين لأنه سيكون بحاجة لخمسة أهداف حينها.. وصعبة عندما يبادر العين بالتسجيل ويلحقه بالثاني. وكان آخر تأهل للهلال للمباراة النهائية عام 2000 أي قبل 14 نسخة وحينها استطاع الفوز باللقب، ولم يتأهل بعدها لأي نهائي في هذه البطولة، رغم تحقيقه إياها مرتين من قبل، بالإضافة لتحقيقه أربعة ألقاب آسيوية أخرى ليصبح المجموع 6 بطولات آسيوية يتربع بها على زعامة آسيا. ويتقابل في اليوم التالي من مباراة الهلال والعين فريقا سيدني الأسترالي وضيفه سيئول الكوري الجنوبي، وانتهى لقاء الذهاب بالتعادل السلبي بين الفريقين، وسيتقابل الفائز منهما مع الفائز من مباراة الهلال والعين في النهائي الآسيوي الكبير بعد عدة أسابيع الذي نتمنى من أعماق القلوب أن يكون الهلال طرفاً فيه ليستعيد مجده الآسيوي الكبير.
مشاركة :